شهدت العاصمة المنامة اختتام مهرجان الإمام الحسين(ع) الفني الثالث للفنان التشكيلي البحريني السيد عباس الموسوي، الذي نُظم للعام الثالث على التوالي بالتزامن مع إحياء ذكرى عاشوراء.
وضم المهرجان الذي حمل شعار «الفن رسول الحق والسلام» الكثير من اللوحات التشكيلية الجدارية الكبيرة التي علقت على امتداد عدة أمتار، وتناولت اللوحة المركزية هذا العام محطات المسيرة الكربلائية لأهل البيت (ع) من خروجهم من مكة، مرورا على العراق، وانتهاء باستشهادهم على ثرى كربلاء في صبيحة العاشر من المحرم، وتتكون هذه اللوحة الجدارية من 12 قطعة مربعة تشكل جميعها توليفة جميلة لهذه الواقعة التاريخية.
وزار المهرجان الذي بدأ في ليلة الخامس وحتى العاشر من محرم عدد من كبار المسئولين في المملكة ورجال السلك الدبلوماسي والنواب والوجهاء وعدد من الزوار الأجانب والفعاليات الدينية والسياسية، فضلا عن الفنانين والجماهير التي احتشدت في موقع المهرجان في قبالة جامع المهزع بالمنامة.
العمل الفني رموز ومعانٍ
أما اللوحة الأخرى المنتصبة على واجهة المهرجان فهي تحت عنوان «حوار الحضارات في ثورة الإمام الحسين(ع)» وهي تجسد مزيجا من المعاني والمدلولات في ملحمة كربلاء الخالدة، وتشير اللوحة في أكثر من رمز إلى عالمية الثورة الحسينية، وأبعاد الفهم الطائفي المغلوط لها، وتمنح المشاهد تصورات عن عذابات أهل الأرض في ظل الحروب والمآسي التي عصفت ببني الإنسان.
فيما كانت اللوحة الأولى في المعرض تتألق بهاء وقدسية وهي تمثل كربلاء حقيقية، وترمز إلى اليوم العاشر من المحرم، حين انقلب الشر على الخير، وكل الوجوه التي تنظر في اللوحة يغلب عليها حزن عميق وبعضها تحمل عذابات أهل الأرض وبعدها تستغيث. وفي وسط اللوحة هناك طريق للنور يمتد من الأسفل إلى الأعلى بجانب لفظ الجلالة ومن تحته وجه يحمل علامات السمو والسماحة والطهارة والحب والوقار، وتحمل جزءا من هيبة سيد الشهداء (ع). وهناك نظرات من الوجوه جاءت من كل بقاع الأرض تبكي هذه الفاجعة الأليمة.وفي أسفل اللوحة هناك شكل هندسي فيه القبة والمحراب واختزلت فيها الواقعة بأسلوب حديث، وتمتلك الشخصيات الجدارية نفسها ولكن بمفردات تعبيرية حديثة تعطي للمتلقي عدة تأويلات عن عمق وضخامة الحدث، وهي تحاكي برؤى فلسفية لتقديم الملاحم الخالدة، ويحيط بهذا الحزن منسوجة رائعة نجد فيها نور الله وألوان الحياة.
نقلة نوعية كبيرة
وتحدث لنا المشرف على المهرجان الفنان التشكيلي السيد عباس الموسوي قائلا «نحن في هذا العام ننتقل نقلة نوعية في توظيف كل أنواع الفنون السبعة من عرض مسرحي وسينمائي وفنون تشكيلية وفوتوغرافية وخطابة إضافة إلى الميديا والسياحة. فتوظفت كل هذه القدرات مع الفنان البحريني، إذ امتزجت فيه كل هذا الميراث الحسيني الذي تربينا عليه لنعمل به معا في رحلة جديدة لاستنهاض ثورة الحسين(ع).
والفن أصبح الآن رسولا للحق والسلام، وأصبحت رسالة الفن تحمل في مضمونها جوهر المأساة وتنقل للمشاعر ما يغني عن قراءة الكثير من الكتب والقصص الطويلة، فصورة معبرة لطفل يبكي وهو محمول على الأكتاف في أحد مشاهد مواكب العزاء إنها لرحمة لكل أطفال العالم الذين يتعرضون للجوع والمرض والبؤس وربما القتل أحيانا. كما أن دمعة في عين المظلوم تكفي بأن تنقل مأساة هذا العالم المحيط، ومن يا ترى يستطيع أن يخرج هذه الصورة غير الفن من خلال الكاميرا واللوحة وعالم الألوان اللامتناهي».
العلاقة مع المرسم الحسيني
وعن حجم الإقبال على هذا المهرجان يجيب الموسوي «أن الناس أشادت بهذا المهرجان وبهذا المعرض الفوتغرافي والفيلم المصاحب وهذه اللوحات حتى وصلت العروض في كثير من الأحيان إلى وضع صيغة جديدة لطرحها في فيلم وثائقي شامل عن واقعة الطف، ونحن نبحث عن المنتجين لنصل إلى هذا الهدف».
وعن السر في غياب الموسوي عن المرسم الحسيني الذي أقامته جمعية المرسم الحسيني يجيب بقوله «نحن نعمل جميعا من أجل الحسين(ع)، ولكنني دائما أوجه أعمالي بمنظومة مختلفة مرفقة بخطة عمل، وهذا أيضا ما ذكرته للإخوان في المرسم الحسيني وضرورة أن يأخذ منهجية جديدة ومزيد من التخصصية بخلاف سنواته الأربع منذ تأسيسه - وكنت من المؤسسين - إلى إشهاره في هذا العام».
«رؤى في عاشوراء»
كما يشتمل المعرض على لقطات مصورة التقطتها عدسات مصوري نادي التصوير الفوتغرافي بجمعية البحرين للفنون التشكيلية بعنوان «رؤى في عاشوراء» صورت في عاشوراء البحرين العام الماضي، وخصوصا في مواكب العزاء المركزية في المملكة، ونالت إعجاب زوار المهرجان. كما اشتمل المعرض على عشر لوحات تشكيلية للفنان الموسوي، خصصت كل لوحة طيلة عشرة أيام بتسليط الأضواء على إحدى شخصيات الطف، وصدر كتيبان باللغتين العربية والإنجليزية لشرح هذه اللوحات بالتعاون مع جمعية النهضة الحسينية، فضلا عن لوحات فنية أخرى وُظّف فيها الخط العربي بأنواعه المختلفة.
المنامة - الوسط
قدم المركز الفرنسي للتصوير فيلما قصيرا عن واقعة عاشوراء «منارات في ملحمة سيد الشهداء»، وكشف رئيس المركز ومعد الفيلم علي جعفر العرادي لـ «الوسط» عن كواليس هذا العمل الدرامي قائلا «أنا أعمل في هذا المجال منذ ما يقارب الـ 18 عاما، وقبل تأسيس المركز الفرنسي كان هذا النمط من الفن يستهويني منذ سنوات طويلة، إلى أن طورت إلى إنشاء مؤسسة تصوير». وكان هذا المشروع في الأساس مجرد فكرة ناقشتها مع الفنان عباس الموسوي قبل عام من الآن، وأتت من أبراز الفنان عباس للنهضة الحسينية من منظور مغاير، إذ صور الواقعة على لوحات فنية مرسومة، ونحن كانت رؤيتنا تتلخص في تحويل هذه اللوحات الجامدة إلى لوحات متحركة. وواجهنا صعوبة استسقاء مادة علمية مناسبة من التراث التاريخي، وحرصنا على عدم ظهور الشخصيات المقدسة. وصور الفيلم من أفلام تاريخية مختلفة قاربت الثلاثين فيلما، وكان الإخراج جماعيا مشتركا، ولعل من الضرورة الإشادة بجهود الإخوة المشاركين في هذا المشروع، وكان المخرج الاستشاري من الإخوة السنة فلم يتردد في اللمشاركة معنا، وقال لنا إن الإمام الحسين (ع) ليس حكرا على طائفة بعينها.
ويتناول هذا الفيلم محطات مختلفة من عاشوراء، أولها الدخول إلى كربلاء، مرورا بأحداث الواقعة، وانتهاء بمأساة ما بعد الواقعة، إضافة إلى اللوحات الفنية للفنان السيد عباس الموسوي. وبخصوص الأعمال التي قدمها يجيب العرادي «لقد قدمت الكثير من الأعمال الفنية على الوزارات والشركات، وشملت أعمالي مختلف أنواع الأفلام الدعائية والوثائقية والإرشادية إضافة إلى الدراما القصيرة، بجانب المؤثرات المرئية(الجرافيك)».
يذكر أن الفيلم من إعداد علي العرادي وإخراج عبدالرحمن علي الملا، وبمشاركة عدد من الشباب الآخرين، ووعد العرادي في ختام حديثه بتطوير الفكرة خلال السنوات المقبلة
العدد 545 - الأربعاء 03 مارس 2004م الموافق 11 محرم 1425هـ