لماذا نتعرض في محاولاتنا لكتابة الشعر لأكثر من استغلال وابتزاز من أكثر من طرف؟ ولماذا يحاول بعض الشعراء والكتّاب تجيير تلك المحاولات لصالحهم في محاولة لاستدراج الشاعرات لمساحات اقل ما يمكن أن يقال عنها انها ليست بريئة على الإطلاق؟.
في الأسبوع الماضي وبعد نشر مقالتي في صفحة «تراث» بصحيفة «الوسط»، تكشفت لي مثل تلك الأمور وحجم تلك المحاولات، وخصوصا انني كنت صريحة ولا اقبل إفساح مجال لأي كان أن يسيء استغلال حدود الزمالة في حدود الشعر بتقديم عرض للردود عبر الهاتف على ما جاء في نص مقالتي، اذ سيستتبع ذلك محاولة تتبعها أخرى تتبعها أخرى ليتحول الاتصال الى إدمان، لسبب أو غير سبب، ما يدفع مثل تلك الاتصالات ربما الى تجرؤ أو تطاول، أو ربما الدخول في مساحات ترفضها كثير من قيمنا وعاداتنا وتقاليدنا في جانبها المشرّف، والتزام كهذا يجب أن يحظى باحترام وتقدير من يدّعون الثقافة وتقدير واحترام وجهة نظر الآخر، لا أن يتم عبر تلك الصراحة التي ووجهوا بها والوضوح الذي أبديته، نوع من الإلغاء والتهميش وربما التندّر!.
على الشعراء الذين تعنيهم وتوجه اليهم بعض المقالات ردا على ما كتبوه أن يحترموا رغبة بعضنا في أن يتم الرد على ما يصدر منا من خلال المنبر الذي هو صلة الوصل، من دون أن يعني ذلك تقليلا من قيمة الزميل الشاعر أو تعاليا عليه بقدر ما هو وضع للأمور والعلاقات في نصابها الصحيح.
وكأننا هنا ندخل في صلب تناول وتعاطٍ غير بريء مع عدد من القصائد التي تنشر لبعض الشواعر، تناول لا يقرأ ويتعاطى مع القصيدة بقدر ما هي قراءة وتعاطٍ مع صاحبته!. ألا يكشف ذلك عن حال مرَضيَة بحاجة الى «فحص» وربما الى «حجز» ريثما تثبت الفحوصات خلاف ذلك؟. (المريض بريء حتى يثبت الفحص براءته!).
على الساحة الشعرية هنا وفي بقية دول مجلس التعاون الخليجي بل وفي العالم عموما أن تضع حدا لمثل حالات المراهقة المتأخرة التي إذا ما استمرت فستدفع كثيرين الى توريط الشعر كقيمة جمالية وانسانية رفيعة في حال من القبح والحيوانية في جانبها الشرس والبغيض!.
هناك بعض الشاعرات لا حظ لهن من الشعر ولكن حظهن في العلاقات العامة والتسويق الرديء لما يهذين به، حظ رفيع باقتناص بعض الشعراء فرصة جعل ذلك الهذيان في مكانة خرافية وكأن الأوّلين والآخرين لم يأتوا بمثل ما أتين به!. لذلك ليس من المستغرب أن نجد بعضا من الشعراء متخصص في «اقتناص» قصائد لا تصدر الا عنهن على رغم أن بعضها لا تصلح حتى كـ «علامات ارشادية مضلّلة».
وحين أؤكد «بعضا»، فذلك لعلمي ويقيني ان هناك شعراء في القمة من القيمة والأخلاق وحسن النية وصدق التوجه ووضوح الهدف في جانبه المشرّف. اذ لا يمكننا ان نعمّم هنا.
مثل هذه الإشارة ليست لبراءة الذمة أو «كفّارة لمجلس» بقدر ما هي حاضرة ومتمثلة، مثل أولئك الشعراء لا نملك الا أن نحترمهم ونطمئن اليهم ولا ينتابنا شيء من خوف أو قلق طالما ظلوا نبلاء في توجههم ونواياهم لا يبتغون «جزاء ولا شكورا» غير مرضاة الله وضمائرهم اليقظة
العدد 561 - الجمعة 19 مارس 2004م الموافق 27 محرم 1425هـ