العدد 2743 - الأربعاء 10 مارس 2010م الموافق 24 ربيع الاول 1431هـ

كل المنطقة العربية لا يوجد بها انفراج ديمقراطي... ولا تغيير متوقع طالما النفط موجود

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت غانم النجار لـ «الوسط لايف» الذي يُبث على «الوسط أون لاين» اليوم:

تناولت الحلقة الجديدة من برنامج «الوسط لايف»، الذي يُبث على «الوسط أون لاين» اليوم (الخميس) موضوع «الديمقراطية في الخليج»، هذا الموضوع الذي مازال يحمل وجهات نظر مختلفة داخل دول المنطقة، إذ ترى بعضها أنها تتمتع بنظام ديمقراطي، وأخرى ترى أنها ليست بحاجة إلى ذلك. وبين هذا وذاك تأتي تساؤلات عدة على الساحة الخليجية عن هذا الشأن، فهل هناك فعلا ديمقراطية في دول الخليج؟ للإجابة على هذه التساؤلات التقت «الوسط» أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت غانم النجار، الذي رأى أنه «في كل أقاليم العالم، حدثت تطورات كبيرة جدا في البنى التحتية للديمقراطية إلا المنطقة العربية، ليس منطقة الخليج فحسب... فبالتالي المنطقة العربية ككل لا يوجد بها انفراج ديمقراطي»، وأضاف «طالما هناك نفط موجود وطالما أن هناك أسعار النفط مازالت في حدودها المعقولة والمنطقية، وميزانية الدول قادرة على أن تنفق على نشاطاتها وتأهيلها، لا أظن أن هناك تغييرا كبيرا سوف يحدث، التغيير سيحدث بطيئا وربما تحدث انتكاسات في أية لحظة من اللحظات، المعالم الرئيسية لهذه المنطقة من هنا لغاية 20 سنة قادمة هي هيمنة مركزية للسلطة». وهذا نص الحوار:

دعنا نتكلم عن الديمقراطية في الخليج، هل توجد ديمقراطية في الخليج؟

- إذا كان هناك تحديد لمواصفات الديمقراطية، تحديدا بالمعنى العلمي بمواصفات أن يكون هناك فصل سلطات، تداول سلطة، استقلالية قضاء، حريات عامة، انتخابات حرة نزيهة دولية تتم، طبعا بالتأكيد هذا الموضوع بمواصفاته العامة لا يوجد، لا توجد ديمقراطية كاملة في الخليج، تتدرج الديمقراطية من أقصاها كما هو موجود في الكويت، وأدناها كما هو موجود في أكثر من دولة بالخليج.

هناك طبعا انفراجات تحدث في بعض الأمور، انفتاح يحدث في مجال معين، تحدث انتخابات جزئية، يحدث نوع من أنواع السماح ببعض الحريات، ولكن الديمقراطية كما هي مفهومة لا توجد في الخليج بمعنى الديمقراطية.

ولكن الديمقراطية في بلد مثل الكويت 50 سنة عمرها، هل تعتقد مثل هذه الممارسة في هذا البلد الخليجي قد تؤثر على باقي دول المنطقة؟

-طبعا هناك تباين في النظر للديمقراطية في الكويت، البعض ينظر لها بشكل إيجابي، والبعض الآخر ينظر لها بشكل سلبي، ولكن الديمقراطية في أي بلد في العالم هي مكوّن أصلي للمجتمع ذاته غير قابل للتصدير، لا يمكن أن يصدّر إلى بلد آخر لكي يتم الحديث عن إذا كانت هذه الديمقراطية سيتم تصديرها أو لا يتم تصديرها، هذا لا أظن أنه أمر وارد، لا يفكر الكويتيون عندما اندفعوا في موضوع مسيرة الديمقراطية لديهم بأن تكون هذه الديمقراطية هي مؤثر على الآخرين بأن يختاروها أو يتجنبوها، لكن بلا شك أي دولة لا تريد أن تنفتح سياسيا سيكون الوضع في الكويت عنصر انتباه بالنسبة لها إما سلبا أو إيجاباُ، إذا كانت هناك قوى سياسية تحاول أنها تستفيد فبالتأكيد ترى في التجربة الكويتية نوعا من أنواع الأمور التي بالإمكان ممارستها وتقليدها والتشبه بها.

معروف أن التجربة الأولى للديمقراطية – إن جاز التعبير – في 73 في البحرين في تجربة المجلس الوطني كان الدستور مشابها جدا للدستور الكويتي، لكن واضح أن التركيبة السياسية والتكوين السياسي للمجتمع البحريني لم يستطع تحمل دستورا مثل الدستور الكويتي، فلم تنقضِ سنة ونصف السنة حتى تم حلّ المجلس وتعليق الدستور إلى الأبد، والآن التجربة الحالية الموجودة في البحرين وهي لا شك أنها أفضل بكثير مما كان سابقا على سنة 2000 هي مختلفة عن تجربة سابقة، تمت محاولة مواءمة سياسية بحيث أن يبقى قدر من السلطة والقوة موجود في الهرم الأعلى للسلطة، ويُصبح إمكانية توزيع بعض الانفراجات، لكن هذه أمور تأخذ وقتا.

لكن هناك من يردد بعض العبارات والمقولات التي تقول إن بعض دول مجلس التعاون الخليجي لا يحبذ أن يكون هناك انفتاح سياسي أو حتى استخدام مصطلحات كإصلاح سياسي، كيف ترد على مثل هذا الكلام؟

- هو لماذا يتنازل الحاكم عن السلطة؟ يتنازل بمحض إرادته، هل هي فعل خيري؟ لا، هذا لا يوجد في السياسة، السياسة عبارة عن صراع، صراع قوى داخل المجتمع، هذا الصراع ممكن أن يتحول إلى صراع عنيف وينتهي بحسم فئة وانتصار فئة على فئة عن طريق العنف والقوة، أو عن الطريق الذي لجأت المجتمعات البشرية خلال المئة وخمسين سنة الماضية إليه عندما بدأ التفكير بنهج مختلف، والذي هو نهج الديمقراطية. فالديمقراطية هي وسيلة من وسائل تقنين وتحديد كيفية حسم الصراع داخل المجتمع بطريقة سلمية، غير هذا ليست هناك ديمقراطية، لا تقدم بالضرورة التطور المنشود، بالتالي هل هي مع التنمية، قد يكون هناك نظام غير ديمقراطي يلجأ إلى التنمية بمقاييسها التي هي عبارة عن نمو في مجالات مختلفة يمكن يحقق نتائج أسرع. القرار في البلد الديكتاتوري أسرع من الديمقراطي، الديمقراطية تأخذ وقتا بطيئا.

ربما تقدم الكثير من التنازلات إن طبقت بالشكل الصحيح...

-لأن المفترض في الديمقراطية أنها تعبّر عن شرائح المجتمع المختلفة، فشرائح المجتمع المختلفة مصالحها قد تكون مختلفة، هناك شريحة في المجتمع تشعر بأنها بحاجة إلى أن تحصل على أكثر، وهناك شريحة في المجتمع تشعر بأنها مظلومة، وهناك شريحة من المجتمع تشعر بأنها لديها امتيازات لا تريد التنازل عنها، كيف تلتقي هذه الشرائح في المجتمع من خلال ممثليها في البرلمان، بالتأكيد سوف يحصل تضارب، تحصل مشاكل، تأخذ وقتا. الممارسة مع الوقت، طبعا هناك الكثير من المبادئ في الديمقراطية، موضوع الانتخابات والمشاركة السياسية، ومشاركة القرار هي واحد من عناصر الديمقراطية، الديمقراطية هي أيضا حرية تعبير، حرية رأي، مجتمع مدني.

إذا هي عملية متكاملة؟

- متكاملة، ليست عملية انتخابات فقط.

ألا تعتقد أن بعض التغييرات أو الانتخابات التي حدثت في بعض دول مجلس التعاون بأشكالها، سواء كانت انتخابات مجالس بلدية أو برلمانية كانت لإرضاء مثلا السياسات الخارجية أو بسبب الضغوط الخارجية؟

- لابد أن نفهم أنه منذ 1989 حصل تحول في العالم، كان سابقا بإمكانك بسهولة أن تصبح دولة ديكتاتورية لأن هناك شيئا اسمه الحرب الباردة، والحرب الباردة كانت بين قطبين، القطب الأميركي الغربي، والقطب السوفياتي الشرقي، وهذا له دول وهذا له دول، فبإمكانك بسهولة أن تكون دولة ديكتاتورية بمجرد أنك تقف مع هذا القطب أو مع القطب الثاني.

مع العام 1989 ويرمز له إشارة بانهيار جدار برلين انتهى هذا الموضوع، انتهت الحرب الباردة، أكثر من 68 دولة كانت شمولية أصبحت ديمقراطية، لم يعد موضوع الديمقراطية مجرد موضوع قابل لأن تتغاضى عنه أو تنساه، ليس فقط الضغوط الخارجية، الجو العالمي يفرض عليك التحولات في مجلس حقوق الإنسان، أنا خبير دولي في مجلس حقوق الإنسان وعملنا في هذا الموضوع، الآن أصبح ملزما كل دولة أن تأتي فيما يسمى بالمراجعة الدورية الشاملة في كل دورة هناك 12 دولة ملزمة بأن تقدم تقريرها وتناقش قضايا حقوق الإنسان، هذا لم يكن موجودا في السابق، الموضوع ليس ضغوطا فقط من دول، هناك منظومة تتغير في العالم.

لذلك أصبح على الدول أن تتجاوب مع الوضع العالمي، طبعا تتجاوب بحسب قدراتها، وتتجاوب بحسب سلطتها وإمكاناتها، وكثير من هذه الدول لديها سلطة قوية، سلطة مركزية، فما يحدث هو محاولة مواءمة لكي لا يقال إن هذه الدول متخلفة، وحقيقة الأمر أن في كل دول العالم، كل أقاليم العالم، حدثت تطورات كبيرة جدا في البنى التحتية للديمقراطية إلا المنطقة العربية، ليس منطقة الخليج فحسب، المنطقة العربية مجتمعة كلها، منطقة الخليج فرع من المنطقة العربية، فبالتالي المنطقة العربية ككل لا يوجد بها انفراج ديمقراطي، فدول الخليج ليست لوحدها، نتكلم عن 22 دولة، ربما نلاقي شيئا من الانفراجات، في لبنان شيئا من الانفراج، في الجزائر شيئا من الانفراج، في الكويت شيئا من الانفراج، في بعض الدول، لكن غالبية الدول العربية ديكتاورية لا تحكم، وهي ليست مثل دول الخليج، فغالبيتها ليست دول تُحكم وراثيا، فحكمها عن طريق الأمن وحكم بالحديد والنار، لكن الأشكال في مجالس منتخبة. توجد لديهم كل الأجهزة الموجودة لدى غيرهم، حتى عندما يذهبون للخارج يقولون عندنا انتخابات وعندنا كذا.

العدد 2743 - الأربعاء 10 مارس 2010م الموافق 24 ربيع الاول 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً