العدد 596 - الجمعة 23 أبريل 2004م الموافق 03 ربيع الاول 1425هـ

جيش صغير من المتطوعين يحارب التطرف الديني ويخدم المخطط الأميركي

بريمر يحدد سمات الجيش العراقي الجديد:

قدمت لجنة عراقية خاصة بتشكيل الجيش العراقي الجديد حديثا تقريرا إلى الحاكم العسكري - الإداري الأميركي للعراق المحتل يتضمن التصور الخاص بالتشكيل الجديد للقوات المسلحة العراقية. وقال مصدر عراقي مطلع ان اللجنة التي شكلت بناء على طلب من بريمر، ضمت ستة خبراء عراقيين تعاونت في وضع تصورها مع مركز الدراسات الدولية بجامعة بغداد.

وقال هذا المصدر: «إن سلطة الاحتلال وضعت خصائص معينة لمن سيتعاون معهم في تشكيل الجيش الجديد، من بينها أن «من لا يشاركنا نظرتنا ليس له مكان في الجيش الجديد»، و«لا مكان للمحاصصة الطائفية أو العنصرية أو العشائرية في الجيش الجديد. ولا مكان لرجال الدين وشيوخ العشائر في الجيش الجديد ولكننا نستمع لآرائهم».


متطلبات أساسية لبناء الجيش

وفي معرض تناوله للسمات المطلوبة في الجيش الجديد قال اللواء الركن المتقاعد في الجيش العراقي عبدالوهاب القصاب الذي كان أحد أعضاء اللجنة التي أعدت التقرير أن «الأميركيين سيقومون بالإشراف على بناء هذا الجيش، ولذلك ومن وجهة نظرهم هناك متطلبات أساسية بينوها عند اتصالهم ببعض كبار الضباط المطالبين بالتعاون معهم في تأسيس وزارة الدفاع وبناء هذا الجيش». وأوضح القصاب أن هذه المتطلبات تدعو إلى «أن يشارك الضابط المقبول لمهمة بناء الجيش الأميركيين في نظرتهم للأمور، وأن يكون مشهودا له بالكفاءة والخبرة المهنية والنزاهة، وأن الجيش سوف لا يتأسس على أسس المحاصصة الطائفية أو العنصرية، والابتعاد عن رجال الدين وشيوخ العشائر، وألا يزج الجيش الجديد في عمليات الأمن الداخلي، وأن يخضع لسيطرة المدنيين وأن يكون وزير الدفاع مدنيا».

وأوضح القصاب أن مطلب مشاركة الأميركيين في نظرتهم للأمور هو الأخطر، إذ يعني على الأقل «عدم النظر لـ «إسرائيل» كعدو، ومحاربة ما يسمى التطرف الديني وعده شكلا من أشكال الإرهاب، وعدم تأكيد الانتماء القومي للعراق، والإيمان بالعولمة ودورها في بناء وقيادة العالم، والاستعداد للانخراط في دعم المخططات الأميركية على الصعد الداخلية والإقليمية والكونية».

واعتبر القصاب أن هذه المواصفات تمثل تحديا خطيرا قد تجعل من الصعب على الضباط الوطنيين العراقيين قبولها، مضيفا أنه «من الضروري لتجاوز ذلك وضع موازنة دقيقة بين الالتزام بالوطنية والانتماء للوطن، وهي الصفة السائدة المانعة، وبين المرونة الحذرة حيال متطلبات سلطة الاحتلال»، مشيرا إلى أن «عدم النجاح في هذا الامتحان القاسي سيفسح المجال لآخرين مستعدين للتطابق مع وجهة نظر قوات الاحتلال للتعهد لها بتنفيذ متطلباتها. وهنا سنساعد من حيث لا نريد ببناء جيش لا ينتمي للوطن ولا لتطلعاته واهدافه، وسيتحول هذا الجيش مع الزمن إلى أداة سرطانية مغروسة في قلب الوطن شئنا أم أبينا».

وفيما يتعلق بالحجم المطلوب للجيش العراقي فإن واضعي التقرير يعتقدون أن التشكيل الجديد سيشتمل على قوات برية تتكون من فرقتين مدرعتين واحدة في الجنوب وأخرى في الوسط، وفرقتي مشاة آلية واحدة في الشمال الغربي (الموصل) وواحدة في الوسط، وفرقتي مشاة إحداها مجهزة للعمل في المناطق الجبلية والأخرى في الجنوب (مشاة سهول).

أما القوات الجوية فتتشكل من مجحفل جوي تعبوي يضم جناح طيران قتال أرضي وإسناد قريب، وجناح طيران دفاع جوي، وجناح طيران مختلط (استطلاع جوي/ إنذار مبكر وحرب الكترونية/ تدريب). أما القوات البحرية فتضم قوات دفاع ساحلي وقوات خفر سواحل.

ويرى القصاب أنه سيكون لسلطة الاحتلال الأميركي في نظرتها لتشكيل الجيش الجديد، شركاء ممن أسماهم «العراقيين ذوي النظرة الضيقة، وهم أولئك الذين يضربون صفحا عن الهوية القومية للجيش العراقي وهي الهوية التي تمسك بها طيلة عمره».

ويرى القصاب أن الخبراء العراقيين سيهدفون إلى تشكيل قوات مسلحة تتسم بالسمات الآتية:

متوازنة، أي أن لها القدرة وقابلية الحركة والمرونة والمناورة التي تتيح لها الحضور والانفتاح في المكان متى ما كان ذلك مطلوبا، يندرج تحت سمة التوازن العلاقة المتناسبة بين المشاة: المحمول والآلي والدرع.

يندرج تحتها سمة قوة الصدمة المتأتية من القوة النارية والسرعة، وتتيح لها قابلية الحركة والمرونة إمكان اتباع استراتيجية الاقتراب غير المباشر الذي سيساعدها على تحقيق مبدأي الاقتصاد بالقوة والجهد والمباغتة. كما سيتحقق لها سمة الاقتصاد بالجهد من تحقيق تدريب راق وصارم ليتم الاستفادة من سمات قابلية الحركة والمرونة والمناورة بتشكيل قوات مسلحة صغيرة التعداد عالية الأداء، ما يساعد على تجاوز سلبيات المرحلة الماضية التي تضخمت.

وأشار القصاب إلى أن مثل هذه السمات ستؤدي بالقوات المسلحة العراقية الجديدة الى أن تنأى بنفسها عن النزاعات الداخلية، وكذلك عن عمليات الأمن الداخلي، كما لن يكون من المتاح استخدامها في العمليات الداخلية إلا في حالات الكوارث الطبيعية أو تهديد وحدة إقليم الدولة وبقرار من البرلمان. كما ستكون فوق ميول الأحزاب والجماعات وتوجهاتها ويحرم على العسكري العمل السياسي مطلقا.

ويوصي التقرير إلى حل الميليشيات الداخلية كافة وإفساح المجال لضمها إلى الجيش الجديد فقط بعد إعادة تأهيل أفرادها بضرورة الانضباط العسكري الصارم والتدريب الراقي، والإخلاص للوطن فقط وليس غيره، والانصياع الصارم لأنظمة الخدمة المقررة والمعتمدة.


وزير الدفاع «مدنيا»

وفيما يخص تقاسم المسئولية بين المدنيين والعسكريين، فإن التقرير يدعو إلى ضرورة أن يكون وزير الدفاع، شخصاَ مدنيا، يعمل كأداة لفرض الإرادة السياسية على القوات المسلحة، ويعتبر رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الرئيس المهني للقوات المسلحة والمستشار العسكري الأول والأقدم للقائد العام (رئيس الدولة). لذلك فإن مهمات وواجبات الركن الخمسة (العمليات/ الاستخبارات/ التدريب/ الإدارة/ الإسناد اللوجستي) ستكون من مسئولية رئيس هيئة الأركان العامة وبامرته، أما مهمات السياسات والاساليب، وهي الموازنة والتسليح والتجهيز والأفراد والتعبئة وغرس عقيدة القتال، فستكون من مسئولية وزير الدفاع.

ويوصي التقرير بأن يعتمد بناء الجيش على المتطوعين، أكثر منه على المكلفين، مشيرا إلى أنه طبقا لعدد سكان العراق البالغ الآن نحو 26 مليون نسمة، فإن ذلك يعني بلوغ ما يزيد على 300 ألف فرد ممن بلغوا سن الخدمة العسكرية الالزامية سنويا، وهو رقم يتفوق على الحجم الاجمالي الذي قد لا يزيد على 200 -250 ألف فرد. ويرى التقرير أن التعويل على المتطوعين سيتيح تحقيق مزايا عدة من بينها، أن الانضمام إلى الجيش سيكون على أساس الرغبة والدافع الذاتي. وستتاح الفرصة للجيش لكي يقدم خدمات إنمائية ومعاشية جيدة لمنتسبيه ما سيجعل من رعايتهم مهمة مجزية تزيد من انتماء أفراده له. وسيفسح المجال للجيش لكي يؤهل أفراده لحياتهم القادمة بعد انتهاء عقودهم، ما سيسهل دمجهم في سوق العمل ويجعل منهم أفرادا منتجين. كما ستتم إدامة مستوى عالٍ من الحرفية والانضباط في صفوف الجيش.

ويذكر أن تقارير ذكرت أن الأميركيين يريدون ألا يزيد عدد أفراد الجيش العراقي عن 60 ألف فرد، فيما يسعون إلى زيادة عدد أفراد الشرطة العراقيين الذين بلغ عددهم حتى الآن نحو 200 ألف شرطي. وأعربت مصادر عسكرية مطلعة أن تحديد حجم الجيش العراقي بذلك العدد لقطر واسع محاط بدول مجاورة لديها قوات عسكرية ضخمة لا يسمح للعراق بمواجهتها في أي نزاع مستقبلي الأمر الذي سيبرر بقاء القوات الأميركية في العراق بذريعة تقديم المساعدة للعراقيين لحماية حدود العراق واستقراره.

جيش لا ينظر إلى «إسرائيل» كعدو، يحارب التطرف الديني والإرهاب، ويؤمن بالعولمة ودورها في بناء وقيادة العالم، والانخراط في دعم المخططات الأميركية على الصعد الداخلية والإقليمية والكونية

العدد 596 - الجمعة 23 أبريل 2004م الموافق 03 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً