العدد 596 - الجمعة 23 أبريل 2004م الموافق 03 ربيع الاول 1425هـ

الإشادة بجريمة الاغتيال والإيقاع بين الفلسطينيين

اغتيال الرنتيسي في الصحف العبرية

بدا في الصحف العبرية، ان هناك إجماعا على الإشادة بجريمة اغتيال قائد حركة «حماس» في غزة الشهيد عبدالعزيز الرنتيسي. ووجهت غالبيتها التهنئة إلى المؤسسة العسكرية والأجهزة الاستخبارية على نجاحها، على رغم الشكوك التي أثارها معلقون بشأن حقيقة أهداف شارون من العملية. وأثار أحد المعلقين قضية لافتة، حين أوحى في مقال تحت عنوان «يمكن تنفيذ خطة شارون من دون شارون» ان الخطة لم تعد ملكا لشارون وان موافقة بنيامين نتنياهو عليها مع استمرار قضايا الفساد في مواجهة رئيس الحكومة فإن نتنياهو هو الحصان البديل.

ورصدت الصحف العبرية انعكاسات اغتيال الرنتيسي على مستقبل «حماس» والسلطة الفلسطينية... وحاول بعض المعلقين الإيقاع ما بين الطرفين من خلال إثارة الشبهات بالحديث عن مصلحة فلسطينية أو مصرية في إلغاء الرنتيسي، الذي بحسب معلق إسرائيلي سيؤدي اغتياله إلى نشوء ظاهرة جديدة داخل الأراضي الفلسطينية إذ سيتساءل الفلسطينيون عن دور عملاء الداخل في نجاح عمليتي اغتيال ياسين والرنتيسي بمثل هذه الدقة، كما ان المجتمع الفلسطيني سيتساءل عمن لديه المصلحة في التعاون مع «إسرائيل»: هل هي السلطة أم مصر؟ أما خطة الانسحاب من غزة فاللافت هي «نغمة» جديدة قديمة لدى المعلقين الإسرائيليين، عبر إبداء رغبة في استحضار دعم أوروبي مادي لهذه الخطة، بعد أن حازت على «بركة» بوش... فـ «إسرائيل» ستكون بحاجة إلى بقية دول العالم (غير أميركا) والأمم المتحدة في حال احتاجت خطة فك الارتباط إلى دعم مالي لإعادة تأهيل غزة ونقل المستوطنين بشكل منظم... يقول يوئيل ماركوس في «هآرتس». وكان مارك هيلر في «نيويورك تايمز»، قد وجد وظيفة للأوروبيين الذين استبعدوا بعد الإطاحة بـ «خريطة الطريق» من خلال وثيقة بوش شارون، حين لاحظ ان الغموض بشأن مصير المستوطنات، قد يوفر لأوروبا فرصة مؤاتية للقيام بدور بناء. لكن الشرط (بحسب هيلر) أن يقدم الاتحاد الأوروبي «سعرا» مناسبا مقابل المستوطنات.


إشادة بالعمل الدقيق والمميز

وتوقفت «هآرتس» في افتتاحيتها عند جريمة اغتيال عبدالعزيز الرنتيسي، وأشادت بالعمل الاستخباري الدقيق والمميز الذي أدى إلى نجاح عملية الاغتيال. وأشارت إلى انه بغض النظر عن ان «إسرائيل» ستستمر لسنوات في مواجهة نضال مسلح من جانب عناصر راديكالية «معادية»، فيجب عدم تجاهل الخبرة الكبيرة التي تتمتع بها المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية والتي ظهرت من خلال عملية اغتيال الرنتيسي. غير ان الصحيفة العبرية أكدت انه لا يمكن الجزم مباشرة ان الأوامر باغتيال الرنتيسي، جاءت بدافع الرغبة في خدمة مصالح «إسرائيل». فتوقيت عملية الاغتيال يثير شكوكا عن الدوافع التي أدت إليها، لاسيما ان رئيس الحكومة الإسرائيلي العائد من واشنطن، يحتاج إلى التأثير على كبار قادة تكتل «ليكود» من خلال نجاح عسكري جديد. وختمت بالقول انه من أجل الحفاظ على الصدقية فيما يتعلق بتبرير أهداف ووسائل أية خطوة يقدم عليها صانعو السياسات في «إسرائيل» على هؤلاء أن يتحلوا بضبط النفس خلال هذه الفترة الحساسة. وكتب آرنون ريغيولار في «هآرتس» مقالا تحت عنوان «مقتل الرنتيسي يحد من قدرة حماس على المساومة»، استهلها بالإشارة إلى ان وزير الأمن الفلسطيني السابق محمد دحلان، صرح تعليقا، على عملية اغتيال الرنتيسي، بالقول ان الوقت قد حان ليتحد الفلسطينيون في مواجهة التحدي. ورأى ريغيولار، في ما قاله دحلان، تعبيرا عن موقف السلطة الفلسطينية تجاه «حماس». موضحا ان السلطة ترغب في استغلال الاغتيال لوضع «حماس» تحت سلطتها في قطاع غزة وتقليص شعبيتها في الشارع الغزاوي. وأوضح ريغيولار، ان الرنتيسي، كان يمثل الجناح الأكثر تشددا في «حماس» الذي عارض توقيع اتفاق هدنة برعاية السلطة الفلسطينية. وفي مقابل هذا الجناح، يقف إسماعيل هنية ومحمود الزهار، اللذان يمثلان الجناح البراغماتي الذي دعم الهدنة. وأضاف انه على رغم علمه بخطة فك الارتباط من جهة وعلى رغم اغتيال الشيخ أحمد ياسين، من جهة أخرى دعم هذا الجناح مشاركة «حماس» في إدارة غزة. وخلص إلى ان اغتيال الرنتيسي، سيساهم في تعزيز الخط المعتدل في «حماس» في غزة، وخصوصا ان قيادة الحركة خارج الأراضي الفلسطينية بزعامة خالد مشعل، تدعم اشتراك «حماس» في إدارة القطاع بعد الانسحاب الإسرائيلي. وخلص إلى ان مقتل الرنتيسي، يحد من قدرة «حماس» على مساومة السلطة الفلسطينية في ما يتعلق بمشاركتها في إدارة غزة، لاسيما ان الرنتيسي، كان يعارض هذه المشاركة. لكن داني روبنشتاين في «هآرتس» الذي علق على عملية الاغتيال في مقال تحت عنوان «انتصار مسار حماس»، استهل الموضوع بالإشارة إلى ان المجتمع الفلسطيني وقيادته في غزة والضفة الغربية، انطلاقا من الشعور بالاضطهاد والقهر من جهة وخوفا من الانجرار وراء الفوضى من جهة أخرى، بدأ يتحول إلى مجتمع دفاعي يبحث عن الوحدة. وأضاف ان الحوار بين مختلف الفصائل الفلسطينية بشأن التعاون والاتحاد بدأ منذ أسابيع على خلفية الإعلان عن خطة شارون لفك الارتباط. وإذ أكد روبنشتاين، انه على رغم ان اغتيال الشيخ ياسين، ومن بعده الرنتيسي، شكلت ضربة موجعة لقيادة الحركة، إلاّ ان ذلك لن يساهم سوى في تعزيز الدعم للحركة بين سكان غزة. ولفت إلى ان نشطاء الحركة يشعرون بأنهم يتمتعون بدعم شعبي كبير لذلك فهم يطالبون بالمشاركة في إدارة غزة، بعد الانسحاب الإسرائيلي. غير انه أكد انهم لا يريدون أن يكونوا القادة المطلقين في القطاع، لأنه عليهم في هذه الحال الاتصال بالعدو وهذا ما لا تقبله «حماس» لذلك فكان من الأفضل أن تكون إدارة غزة، مشتركة بين «حماس» والسلطة الفلسطينية. وخلص إلى انه يبدو ان غزة، تتجه إلى إقامة نظام جديد لا يكون مكملا للسلطة الفلسطينية بل يكون بمثابة لجنة عمل تحت رعاية السلطة. وختم بالقول انه إذا كانت هناك محادثات في الماضي بشأن انضمام «حماس» إلى حكم عرفات، فإن المحادثات تجري اليوم بشأن انضمام السلطة إلى «حماس» في إدارة غزة. وشدد أليكس فيشمان في «يديعوت أحرونوت» على ان اغتيال الرنتيسي عمل إيجابي، لأن غيابه عن الساحة قد يحدث تحولا جوهريا في أداء حركة «حماس» في غزة، يفوق ما أحدثه اغتيال الزعيم الروحي للحركة. موضحا ان الرنتيسي، تمكن خلال الفترة القصيرة التي تولى خلالها قيادة» حماس» من دعوة إيران و«حزب الله» إلى رعاية الحركة في غزة، على حد زعمه، على عكس الشيخ ياسين، الذي كبح مثل هذا التوجه. وتابع ان الرنتيسي، كان زعيما بارزا انتمى إلى جيل المؤسسين وكان بمثابة «وريث طبيعي» للشيخ ياسين. أما بعده، فلا توجد أسماء بارزة في قيادة «حماس» في غزة.


دور عملاء الداخل في اغتيال ياسين والرنتيسي

في المقابل أشار فيشمان، إلى ان الاستراتيجية الإسرائيلية في قطاع غزة، تتأثر اليوم بخطة شارون للانفصال عن قطاع غزة، فالدولة العبرية ترغب في سحق قوة «حماس» في القطاع كي لا تشكل بديلا رئيسيا عن السلطة الفلسطينية بعد الانسحاب من القطاع. لذلك فقد لجأت الدولة العبرية إلى جميع الوسائل بدءا بالاغتيالات، وانتهاء بالسيطرة على أرصدة الحركة. ولفت إلى اان اغتيال قادة «حماس» بحد ذاته، لا يخدم أي هدف إلاّ في حال تحققت ثلاثة أمور. أولا نجاح السلطة الفلسطينية في تحمل المسئولية في قطاع غزة، نتيجة لضعف الحركة. ثانيا تمكن مصر والأردن والدول العربية المعتدلة من دعم الجهات البناءة في قطاع غزة في تحمل المسئولية وتحسين الظروف المعيشية هناك. وثالثا نجاح «إسرائيل» في تعزيز دور وموقع الجهات القادرة على تحمل المسئولية داخل قطاع غزة. لكن فيشمان، ختم بإثارة توقعات للمستقبل الفلسطيني في غزة، إذ ان اغتيال الرنتيسي، سيؤدي إلى نشوء ظاهرة جديدة داخل الأراضي الفلسطينية وسيتساءل الفلسطينيون عن دور عملاء الداخل في نجاح عمليتي اغتيال ياسين والرنتيسي بمثل هذه الدقة، كما ان المجتمع الفلسطيني بأسره سيتساءل عمن لديه المصلحة في التعاون مع «إسرائيل» هل هي السلطة الفلسطينية أم مصر؟ مؤكدا ان قطاع غزة لن يتجاوز هذه الأسئلة بصمت. وتوقف يوئيل ماركوس في «هآرتس» عند عملية الاغتيال مستهلا مقاله بأنه كان يجدر بالرنتيسي، أن يدرك بعد أن حل مكان الشيخ ياسين، انه كان يعيش في الوقت الضائع. ورأى ان الرنتيسي، كان قنبلة موقوتة بامتياز لأنه وعد بانتقام دامٍ لاغتيال ياسين، زاعما انه طلب من خبراء في «حزب الله» وخبراء إيرانيين المساعدة في التحضير لشن هجوم كبير ضد «إسرائيل».

من هنا رأى ماركوس، ان عملية الاغتيال كانت مبررة. من جهة أخرى، عبر المعلق الإسرائيلي عن شكوكه في أن يكون قادة السلطة الفلسطينية قد ذرفوا دمعة واحدة على الرنتيسي، لأن السلطة لا ترغب في أن يشاركها أحد في السيطرة على غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي. إلى ذلك شدد ماركوس، على ضرورة عدم السماح «للإرهاب» الفلسطيني أن يقوض مبادرة شارون للخروج من غزة، مشيرا إلى ان «إسرائيل» لا يجب أن تنجر وراء مخاوفها من أن تحول «حماس» الانسحاب من غزة إلى انتصار لها. وأوضح ماركوس، ان «إسرائيل» لا يمكنها تحمل عواقب عملية واسعة مثل عملية الدرع الواقي، أو تنفيذ سلسلة اغتيالات بحق القادة الفلسطينيين. وتابع انه يجدر بالإسرائيليين الحذر من أن تؤدي ردودهم غير المتوازنة على الفلسطينيين إلى إلحاق ضرر بخطة فك الارتباط، أو دفع حكومة شارون، إلى التراجع عن هذه الخطة. لافتا إلى ان حركة «حماس» تسكنها رغبة واحدة ألا وهي قتل أكبر عدد من الإسرائيليين وليس اغتيال الرنتيسي، سوى عامل تأجيج لهذه الرغبة.

وفي هذا السياق، انتقد ماركوس، ميل الحكومة الإسرائيلية إلى التقرب من الولايات المتحدة على حساب الدول الأخرى ملاحظا ان اغتيال الرنتيسي، أثار موجة انتقادات دولية واسعة. وأوضح ان «إسرائيل» ستكون بحاجة إلى بقية دول العالم (غير أميركا) والأمم المتحدة، في حال احتاجت خطة فك الارتباط إلى دعم مالي وسياسي لإعادة تأهيل غزة من جهة، ونقل المستوطنين بشكل منظم، من جهة أخرى. وشدد في ختام مقاله على ان «الإرهاب» لا يجب أن يقوض أول مبادرة سياسية إسرائيلية منذ أعوام تمنح بعض الأمل لمستقبل أفضل. لكن عمير أورين في «هآرتس»، أوحى في مقال تحت عنوان «يمكن تنفيذ خطة شارون من دون شارون» ان الخطة لم تعد ملكا لشارون وان موافقة نتنياهو عليها مع استمرار قضايا الفساد في مواجهة شارون فإن نتنياهو هو الحصان البديل.


تصميم اسرائيلي على قتل قياديي «حماس»

من جانبها، «دبكا فايل» وعلى جاري عادة موقعها على الإنترنت، واصلت التحريض على الفلسطينيين وعلى قادة «حماس» ولم تنس طبعا سورية و«حزب الله»... فالعمليات الكبرى ضد «إسرائيل» مصدرها العاصمة السورية وليس قطاع غزة، يقول الموقع الإسرائيلي... وعلى هامش اغتيال الرنتيسي، سخرت «دبكا فايل» من ان قادة هذه الحركة «الإرهابية الأصولية» كافة هم إما قتلى أو مختبئون. مشددة على ان الرنتيسي، قتل بالطريقة عينها التي قضى فيها الزعيم الروحي للحركة الشيخ أحمد ياسين، قبل عدة أسابيع فقط. وسخرت من ان «حماس» في حال اضطراب شديد ما دفع بالقائد الأعلى للحركة خالد مشعل إلى المطالبة بتعيين خلف للرنتيسي شرط ألاّ يعلن عن اسمه.

وأكدت ان «حماس» في حال عجز فعلي بسبب تصميم «إسرائيل» على القضاء على كل قيادييها داخل الأراضي الفلسطينية وخارجها. مشيرة إلى ان مشعل ليس في مأمن من عمليات الاغتيال على رغم انه ليس على الأراضي الفلسطينية. لكن الواقع الإسرائيلي، رأى انه على رغم ان «الإرهابيين» خسروا الرنتيسي، إلاّ انهم تعلموا كيفية تهريب أسلحتهم عبر الحدود. ونقلت عن مصادر استخبارية، ان «القاعدة» و«حزب الله» يعمدان إلى تهريب المواد السامة والمتفجرة إلى جانب الأسلحة لتنفيذ عمليات انتحارية كبيرة، مشيرة إلى نجاح الأردن أخيرا في توقيف ثلاث سيارات كانت تعبر الحدود السورية الأردنية ومحملة بكمية كبيرة من الغازات السامة.

كما نقلت «دبكا فايل»، مزاعم مصادر استخبارية أخرى، ان التحضير لعملية أشدود وعملية عمان قبلها، قد تم في دمشق ما يشكل دليلا واضحا على ان العمليات الكبرى ضد «إسرائيل» تنطلق من العاصمة السورية وليس من قطاع غزة. وختمت «دبكا فايل»، انه بعد مراجعة ما يجري وجرى يمكن القول ان «حزب الله» و«القاعدة» والفلسطينيين قد تعلموا تهريب المواد المتفجرة من دون أن يتمكن أحد من كشفهم وهذا ما يشكل خطرا كبيرا جدا على أمن «إسرائيل» ومواطنيها

العدد 596 - الجمعة 23 أبريل 2004م الموافق 03 ربيع الاول 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً