عمي الحبيب، ها قد مر عام كامل على رحيلك عن هذه الدنيا... عام كامل على رحيلك عن أهلك.. أسرتك... عام كامل على رحيلك عن بيتك الذي لم تشهد اكتماله... عمي الحبيب... لقد كان لرحيلك المفاجئ عنا أكبر الأثر في نفوسنا... فشخصيا أنا لم أمر بأيام عصيبة كتلك التي مرت على إثر غيابك... ولا أخفيك يا عمي الغالي... إني إلى هذا اليوم وحتى هذه اللحظة لا أستطيع تصديق أنك رحلت عنا للأبد... وأعلم أن ما أفكر به لهو الجنون بعينه... ولكني أصحو كل يوم وأنا أفكر باحتمالية رؤيتك... ولكن... أنى لي بذلك... وقد رحلت يا عمي... رحلت للأبد... اختطفك الموت منا بلمح البصر في مثل هذا اليوم المشئوم عندما تعرضت لذلك الحادث المروع العام الماضي.
إني أتذكر حوادث ذلك اليوم ولكأنها حدثت أمس... أتذكر حين قام اثنان من أقاربي بالاتصال بنا في المنزل لاخبار أبي عن تعرضك للحادث... هرع أبي إلى المستشفى مسرعا مع أمي... لم أتمكن من النوم في ذلك اليوم، حاولت الاتصال بأبي لكن لم أتمكن، فهاتفت قريبا لي الذي أخبرنا عن الحادث فكان خلاصة ما أجابني أن عمي بخير وسيعود إلى المنزل... لا أعلم لماذا ولكن كان هناك احساس خفي في داخلي... أخبرني بأني سأفقدك يا عمي، سأفقدك للأبد.
حاولت طرد ذلك الاحساس والاستسلام للنوم، لكن لم استطع... وفي اليوم التالي... الذي اعتبره أكثر الأيام حزنا في حياتي... استجمعت قواي وتشجعت لأسأل أبي عن حال عمي تائقة لاجابة تكذب ذلك الاحساس الذي راودني... ولكن... (عمك رحل يا فاطمة)... هذا ما نطقت به شفتا أبي، أردت أن أسمع جوابا آخر، سألته للمرة الثانية فأجابني بالجواب نفسه: (عمك رحل يا فاطمة، رحل للأبد)، لم استطع التصديق، ولكن عندما كرر أبي تلك الجملة على مسامعي للمرة الثالثة... خرت أبكي عمي الراحل... عمي الذي ذهب من دون كلمة وداع... عمي الذي لم أكن قد رأيته قبل يوم وفاته لمدة تقارب الشهر... احتضنني أبي فيما بعد وكنت أتمنى في تلك اللحظة لو أن عمي هو من يضمني إليه... هو من يحتضنني... عمي الحبيب... رحلت عنا... وتركتنا قلوبا محطمة، رحلت وتركت وراءك أجسادا بلا أرواح... رحلت وتركت وراءك بيتا لم تكمله. عمي الغالي... إنا لنشتاق إليك كثيرا... لقد كنت أنت نور عائلتنا... كنت مصدر اضفاء البسمة إليها... عمي... سامحني... فأنا لم أقل لك في حياتك بأني أحبك، ولكني أتمنى أن تتمكن من سماعي الآن... عمي الغالي... أحبك كثيرا... ولن أنساك أبدا ما حييت... لن أنسى وجهك الباسم... وتعابير وجهك البريئة... عمي أحبك من كل قلبي. أنا حقا أشعر بالندم الشديد على تلك الأوقات التي لم أقضها معك، على تلك الأيام التي مرت والتي لم أكلف فيها نفسي بقول أحبك يا عمي... ولكن هذه هي الحياة... وهذا ما كتبه الله ولا نستطيع الاعتراض على حكمة الله...
اعذروني... لا استطيع المواصلة... فقد اغرورقت عيناي بالدموع... وتفطر قلبي من الحزن... ادعوا لفقيدنا بالرحمة والمغفرة، وان يسكنه فسيح جناته.
ابنة أخيك
فاطمة علي عباس مال الله
العدد 603 - الجمعة 30 أبريل 2004م الموافق 10 ربيع الاول 1425هـ
فطوووووم
الله يرحمه ويسكنه جنات الخلد