أكد رئيس جمعية أصحاب الصيدليات ومستوردي الأدوية خالد برهان الدين العوضي، أن عددا كبيرا من الصيدليات في المملكة أفلس، والبعض الآخر على حافة الإفلاس. مرجعا السبب إلى نسبة الربح بالنسبة إلى الصيادلة، والتي تصل إلى 8 في المئة، وتعتبر الأقل مقارنة بأنواع المتاجرة الأخرى.
وقال العوضي: «إن أسعار الأدوية في المملكة ليست بأعلى من غيرها في دول المنطقة، فيما عدا السعودية التي تستورد كميات كبيرة، وتكاد تكون أسعار الأدوية أقل من مثيلاتها في بقية الدول الخليجية».
الزنج - عبدالله الملا
أكد الرئيس التنفيذي لكل من صيدلية الخليج والمواساة وبن سينا ورئيس جمعية أصحاب الصيدليات ومستوردي الأدوية خالد برهان الدين العوضي أن أسعار الأدوية في المملكة ليست بأغلى من غيرها في دول المنطقة، وأن أرباح الصيدلية هي الأقل مقارنة مع أنواع المتاجرة الأخرى، لذلك فإن الكثير منها أغلقت وأخرى على حافة الإفلاس. قائلا: «المتداول أن الأدوية الموجودة في البحرين هي غالية ما يسبب امتعاضا من قبل الكثيرين، خصوصا مع فارق السعر بين البحرين والسعودية، لكن سعر الدواء له قصة لابد من المرور بها».
وأوضح أن «قصة الأسعار بدأت منذ سنة 1976 أي قبل حوالي 28 عاما من الآن، وذلك حين قررت الحكومة وقت ذلك تحديد نسبة الفوائد على الأدوية كونها ضرورية لعامة الناس بدلا من أن يأخذ بمبدأ السوق الحرة أي أن تحدد الأسعار، بالتنافس بين أصناف الأدوية المشابهة من شركات مختلفة (...) الكل يعلم أن القرار له بعد سياسي واجتماعي لتفادي أية فرصة لارتفاع الأسعار في المواد الضرورية، وإن كنا نؤمن بمبدأ السوق الحرة في الحد من الأسعار، والذي يطبق في كل مجال، فإن القرار كانت له إيجابياته وسلبياته وكان تحديد سعر الدواء مبنيا على أساس تقاسم الربح بين الوكيل والموزع والصيدلية بائع التجزئة بعد خصم الأتعاب».
وقال: «من الناحية النظرية توزع النسبة المتبقية من الأرباح الأولية التي تبلغ 30 في المئة إلى 18 في المئة موزع، و12 في المئة بائع تجزئة... وإن أثبتت النواحي الفعلية والعملية أن المصروفات هي أكثر مما احتسبت، خصوصا مع الفرض المفرط في تطبيق معايير معينة في أمور الصيدلة ما يستدعي مصروفات وأعباء مالية إضافية فباتت الأرباح الأولية تتراوح بين 10 و12 في المئة للوكيل، وبين 5 و8 في المئة لبائع التجزئة، ومع دخول البطاقات الائتمانية السوق قلت هذه الأرباح لكل بطاقة بحوالي 3 في المئة من الأرباح المبينة أعلاه، أما الربح الصافي فيقل عن ذلك بحوالي 3 - 4 في المئة، إذ تحصل الصيدلية على ما مجموعه 8 في المئة من صافي الأرباح، ويسأل سائل: ولكن بعض الصيدليات ناجحة وتفتح فروعا كثيرة... فكيف يكون ذلك؟».
وبين العوضي أن الإجابة على هذا السؤال بحاجة إلى استيضاح بعض الأمور إذ إن «الصيدليات في البحرين تنقسم إلى كبيرة ومتوسطة أي لها وكالات، وصغيرة وهي التي تبيع بالتجزئة، والصيدليات الكبيرة لها أربعة خطوط رئيسية في التجارة، أولها الأجهزة الطبية والمواد المختبرية والتحاليل وغيرها، ويليها بيع الأدوية بالجملة، وبيع المواد الكيماوية بالجملة، وأخيرا البيع المباشر ونعني به البيع بالتجزئة.
وتكون هذه الصيدلية أو تلك قوية في هذه النقطة أو تلك، وأضعف في أخرى، وهكذا فإن جميع الصيدليات الناجحة من غير استثناء لم تنجح في اعتمادها على بيع الأدوية، إذ إنها ولسنوات طوال - منذ 40 إلى 50 عاما - كانت تتاجر في مجمل هذه الأشياء، كما تراكم بعد هذه السنين بعض من رأس المال فاستثمرت في هذا العقار أو ذلك وبالتالي نجحت في الخروج من عنق الزجاجة إلى السطح. إن معظم هذه الصيدليات الكبيرة إما أنها تركز على المبيعات بالجملة من المواد الكمالية، أو الأجهزة الطبية أو المبيعات المباشرة من مواد كمالية وأدوية ولكن بكميات كبيرة أو تملك من الوكالات ما تأهلها لكل ذلك، وبذلك فإن الفوائد مع كونها صغيرة إلا أنها مجزية عندما يكون البيع كبيرا، وهذه الصيدليات لا تتجاوز أربع إلى خمس صيدليات من بين 55 صيدلية في البحرين».
فارق السعر مع
السعودية ودول الجوار
وأما عن أسعار الدواء في المملكة العربية السعودية ومقارنتها مع أسعار الدواء في البحرين يقول العوضي: «في عام 1983 كنت في زيارة إلى إحدى الشركات الكبيرة للدواء في ألمانيا، وأثناء الجولة مررنا بشاحنة عليها حاوية، وقال المرافق إن هذه الشاحنة تحوي عشرة آلاف قنينة وهي في طريقها إلى البحرين، فأخبرته بأن هذه أكبر كمية دواء نشحنها حتى الآن، وأشار إلى مجموعة من الشاحنات وقال إنها تحوي 3 ملايين قنينة من الدواء نفسه وهي في طريقها إلى المملكة العربية السعودية... إن عرض هذا المثل ليس لتتعرفوا على أن السعودية تستهلك دواء أكثر. ولكن عندما تتسلم وزارة الصحة أسعار الأدوية في المناقصات يكون سعرها نصف أو ثلث سعرها بالاستيراد العادي، والسبب زيادة الكمية 3-4 أضعاف فما بالكم بزيادة الكمية إلى آلاف المرات؟».
ونوه العوضي بأن السعودية سوق مهمة جدا لشركات الأدوية فالقوة الشرائية قوية جدا، وعدد السكان يقارب الـ 24 مليونا، كما أن التجارة البيئية قوية، ثم أن أعداد الحجاج في السنة يصلون إلى مليونين وزوار العمرة إلى أكثر من أربعة ملايين، وهؤلاء جميعهم بحاجة إلى الدواء، وهنالك الكثير من المنافذ والعوامل الأخرى التي تجعل تداول الدواء بكميات مهولة، ناهيك عن دعم الأسعار من قبل الحكومة منذ البدء وعدم وجود جمارك على الدواء وهذا الأمر طبق أخيرا في هذه السنة في البحرين.
وبالنسبة إلى الأسعار مقارنة مع الدول الخليجية قال العوضي: «إن معظم أسعار الأدوية التي تباع في الدول الخليجية الأخرى تتقارب أسعارها مع مثيلاتها في البحرين، وأنتقي أسعارا مهمة لبعض الأدوية التي يكثر استعمالها وهي الباندول، والفولترين، والبروفين، ويوضح الجدول المرفق سعر البيع في كل دولة ومن الشركة والماركة نفسها. وأؤكد أن سعر الباندول ازداد في الفترة الأخيرة فقط، وسيزيد في الأقطار الأخرى قريبا إلى أن يصل إلى مستويات الكويت والبحرين نفسها. ولذلك فإن التقارب في الأسعار في دولنا الخليجية تمليه وجهة نظر الشركات نفسها علينا، إذ إنها تبيع للدول الأفريقية بأسعار تختلف كثيرا عن بيعها الكمية والنوعية نفسها لدول الخليج أو أميركا أو أوروبا مثلا».
وفيما يتعلق بمسألة اعتبار الدواء غاليا بالنسبة إلى البحرينيين أوضح العوضي أن «ما يجعل الدواء غاليا نسبيا هو تدني معدلات الرواتب في البحرين، وليس كون الدواء غاليا في السعر. إن سعر الأدوية في الدول الأوروبية وفي الولايات المتحدة من غير استثناء أغلى في دولها المنشئة من البحرين أو حتى دول الخليج الأخرى، وتصل الأسعار أحيانا إلى 3 أضعاف السعر، وبالكمية نفسها ومن الشركة المصنعة نفسها. ولابد أن نعرف أن الأدوية الجديدة التي خرجت بعد فترة طويلة من البحث والتجربة ليست برخيصة أو برخص الأدوية القديمة والتي لها مضاعفات جانبية أكثر، وإن هذه البحوث والجهود مكلفة وشركات الدواء تربح من ورائها الملايين».
جمعية الصيادلة
والإرهاصات العالمية
وعرج العوضي في حديثه إلى بدايات جمعية أصحاب الصيدليات، وأشار إلى أن الجمعية كانت فتية، هلامية تبحث عن هيكل وشكل عام يتفق مع معطيات الزمان، سوى أنها بعد أن تطورت بعض الشيء وقفت فجأة عن النمو. وكانت أكبر 10 صيدليات تجتمع عادة ومن ثم تقرر في المسائل المهمة، وبعد الانتخابات أخذت الهيئة الإدارية المنتخبة تجتمع، ولكن وللأسف كان الكثيرون يمتنعون عن التعاون معها ولا يؤدون الاشتراكات وفقدوا حرارة ثقتهم بالإدارة بعد فترة قصيرة، إذ لم يجدوا فيها غير مصالح الكبار كما قيل، وأما الصغار والمتوسطون فقد همشوا ولم يكن لهم تمثيل في الإدارة، وإن وجد فلا صوت ينطق لهم. وقال: «إن من أهم المتغيرات التي أتى بها تطبيق قوانين «جات» هي تلك التي تخص ما يسمى براءة الاختراع، فالشركة التي تنتج في مختبرها دواء ومعينا بعد البحث والتنقيب ستكون محمية لسنوات عدة من أن تقوم شركة أخرى بتصنيع دواء من التركيبة نفسها، وذلك أن معظم هذه المركبات المكتشفة ستكون سهلة التصنيع من شركات أخرى والغريب أن الشركة المصنعة أو المكتشفة لهذا المركب ستبيع باسعار مرتفعة جدا، ولا يحق للشركات الأخرى والتي تنتج مثيلاتها ولو بعشر الثمن أن تسوق في الأسواق التي وقعت عقودا مع «الجات»، مثالا على ذلك دواء «الفياغرا» الذي يباع بـ 18,5 دينار بينما أسعار مثيله الهندي يصل إلى دينارين فقط. ويكون هذا ساريا لسنوات عدة تحددها براءة الاختراع قبل أن تباع البراءة تحت الترخيص من الشركة الأم، إلى الشركات الأخرى. لذلك فإن المستهلك اليوم، يدفع أثمانا مضاعفة نتيجة دخولنا المبكر في «الجات» والتي أضرت بأسعار الأدوية وموازنات وزارة الصحة، وهذه القوانين ليست فقط مطبقة في الأدوية فحسب، ولكن في كل شيء مشابه، مثل أدوات غيار السيارت وغيرها». وبين العوضي أنه «في جنوب القارة الأفريقية استطاع نلسون مانديلا أعظم زعيم أفريقي الانتصار على الشركات العالمية في المرافعة التي رفعوها ضد انتاج دواء مشابه لـ «AگT»، وهو دواء ضد الإيدز. واستطاع أن يسكت هجومهم بالواقع المرير الذي تعيشه بعض الدول الأفريقية إذ يتعدى معدل العدوى في هذا المرض ثلث عدد السكان، ونال من المحكمة حكما يخوله إنتاج الدواء محليا.
إن الشركات العالمية أصبحت إمبراطوريات تشهر السيوف خارج حدودها وتأخذ من قوانين «الجات» والعولمة تروسا من خلفها. فالعالم الجديد يتحرك بسرعة، وهو لا يستطيع انتظار من يمشي ببطء، وهذا التسارع مبني على أسس التكامل بين الناس، ومدى استيعابهم وفهمهم القوانين الخاصة بذلك الموضع المطبق. وإن اختلال هذا التكامل سيؤدي إلى فرض قوانين لا يمكن أن تكون ممكنة التطبيق أو العكس، أي عدم وجود أي قانون والناس في حاجة إليه
العدد 605 - الأحد 02 مايو 2004م الموافق 12 ربيع الاول 1425هـ