وافق مجلس النواب في جلسة أمس الأربعاء على مشروع قانون التعليم كما جاء من الحكومة ورفعه بصفة الاستعجال ورفض تعديلات لجنة الخدمات على المشروع عدا تعديل طفيف قبل منها. واعتبر مراقبون مثل هذا الأمر تجاوزا لعمل عام كامل للجنة الخدمات في مناقشة المشروع الذي عقد من أجله 19 اجتماعا وأخذ فيه رأي خبراء تربويين.
وأبدى رئيس لجنة الخدمات النائب علي أحمد أسفه الشديد على تمرير المشروع بطريقة غير متأنية ومن دون تدقيق في آراء الخبراء الذين قضوا وقتا طويلا في بحث المشروع.
وفي إطار الحديث عن ذكر الميثاق الوطني في أحد المواد فوجئ النواب بأن مقرر اللجنة النائب إبراهيم العبدالله يقول إنه يجب ذكر الميثاق في المادة إذ «إن ميثاق العمل الوطني يسمو على الدستور أو على الأقل هو في مصافه» ما جعل رئيس الجلسة النائب الأول لرئيس المجلس عبدالهادي مرهون يرد عليه بأنه «لا يصح قول ذلك ويجب أن تراجع العبارة». وقال النائب عادل المعاودة إن «الميثاق انتهى دوره. الدين الحنيف يكفي عن الدستور والميثاق وهناك أمور تفصيلية في الدستور والميثاق لا نرضى عنها وقد قبلنا الميثاق بشكل إجمالي لا تفصيليا». ورد عليه العبدالله قائلا إن «الميثاق لم ينتهِ دوره إذ لا تستطيع أن تغير أي شيء في الدستور بما يخالف الميثاق».
وساد جلسة أمس الكثير من الضحك وهو ما جعل النائب محمد خالد يستشيط غضبا مطالبا بوقف «الهزلية في إدارة الجلسة».
الوسط - علي القطان
في سابقة هي الأولى من نوعها في مجلس النواب وافق النواب في جلسة أمس على مشروع قانون التعليم كما جاء من الحكومة ورفعه بصفة الاستعجال ورفضوا تعديلات لجنة الخدمات على المشروع عدا تعديل واحد في ثلاث كلمات فقط في المادة العاشرة مما اقترحته اللجنة.
واعتبر مراقبون مثل هذا الأمر نسفا حقيقيا لعمل عام كامل للجنة الخدمات في مناقشة المشروع الذي رفع لها بعد إحالته من الحكومة في 1 أبريل 2003 وبعد أن عقدت فيه اللجنة 19 اجتماعا واجتمعت بثمانية عشر ممثلا للحكومة وأخذت رأي لجنة جامعية تمثلت في خمسة أساتذة خبراء من جامعة البحرين هم (خالد أحمد بوقحوص، عبدعلي محمد حسن، ناصر حسين الموسوي، هدى حسن الخاجة، مصطفى سعد الدين حجازي). وأخذت مناقشة المشروع كل وقت الجلسة التي بدأت قبل العاشرة بعشر دقائق وانتهت في الثانية ظهرا، ما دعى إلى تأجيل ثمانية بنود كانت مقررة للنقاش في الجلسة.
علي أحمد يتأسف على ضياع الجهود
وأبدى رئيس لجنة الخدمات النائب علي أحمد أسفه الشديد على تمرير المشروع بطريقة غير متأنية ومن دون تدقيق في آراء الخبراء الذين قضوا وقتا طويلا في بحث المشروع وتعديله بما يتناسب وخصوصية مملكة البحرين، وأكد أنه كان يريد من النواب أن يركزوا على آراء ومبررات لجنة الخبراء التي أرفق تقريرها ضمن جدول الأعمال وهو ما أخذت به اللجنة في كل تعديلاتها على المشروع أي أن اللجنة لم تأت بالتعديلات والإضافات بشكل عفوي أو عشوائي إنما تدارسته في فترة زمنية طويلة وفي اجتماعات عدة.
وقرر المجلس أن تزال عبارة «وبعد موافقة مجلس الوزراء» من ديباجة المشروع بعد أن لفت النائب عبداللطيف الشيخ النواب إلى أنه ليس لهذه العبارة مكان حسبما هو متعارف عليه وهو ما دعمه النائب عبدالله العالي والنائب فريد غازي والمستشار القانوني للمجلس عمرو بركات ووافق المجلس على الديباجة كما جاءت من الحكومة بعد أن تزال العبارة المذكورة وتضاف عبارة « أقر مجلس الشورى ومجلس النواب القانون الآتي نصه وقد صدقنا عليه وأصدرناه»، ووافق المجلس على المادة الأولى كما جاءت من الحكومة. من جانبه قال النائب محمد آل الشيخ إنه كان من المفترض أن يناقش القانون باستفاضة أكثر وبتأنٍ لأن الدول المتقدمة في مجالسها النيابية تعير كل الاهتمام لعمليات التشريع ومع تمرير القانون بهذا الشكل فستعتريه نواقص وأعبر عن أسفي لعدم إقرار المجلس للمادة المتعلقة بالمجلس الأعلى للتعليم والتي تعطي الحق للمجتمع المدني والمختصين أن يبدو آراءهم ومرئياتهم في السياسة التربوية وأصبح هذا الحق مقتصرا على الوزير الآن.
التربية أم التعليم؟
وفي المادة الثانية جرى نقاش طويل عن مدى صحة رأي اللجنة في وضع كلمة التربية بدلا من كلمة التعليم في المادة التي تنص مع تعديل اللجنة على أن «التعليم حق تكفله الدولة لجميع المواطنين وتنبثق فلسفة التربية في مملكة البحرين من الدين الإسلامي عقيدة وشريعة ومن الحضارة العربية والإسلامية والعالمية وميثاق العمل الوطني والدستور والحاجات الأساسية للفرد والمجتمع» فضلا عن إضافة ميثاق العمل الوطني كمصدر من مصادر الفلسفة التربوية.
وقال وزير التربية ماجد النعيمي رافضا ذكر الميثاق الوطني في المادة إن الدستور تضمن مبادئ الميثاق قائلا: إن القانون يتحدث عن التعليم فلا مكان لذكر التربية في المادة وهو ما دعمه النائبان عبداللطيف الشيخ وعلي مطر.
الميثاق يسمو على الدستور؟!
إلا أن مقرر اللجنة النائب إبراهيم العبدالله فاجأ النواب بقوله يجب ذكر الميثاق في المادة إذ «إن ميثاق العمل الوطني يسمو على الدستور أو على الأقل هو في مصافه»، ما جعل رئيس الجلسة النائب الأول لرئيس المجلس عبدالهادي مرهون يرد عليه بأنه «لا يصح قول ذلك ويجب أن تراجع العبارة».
بعدها قال النائب الثاني لرئيس المجلس عادل المعاودة إن «الميثاق انتهى دوره. الدين الحنيف يكفي عن الدستور والميثاق وهناك أمور تفصيلية في الدستور والميثاق لا نرضى عنها وقد قبلنا الميثاق بشكل إجمالي لا تفصيليا».
ورد عليه العبدالله قائلا إن «الميثاق لم ينته دوره إذ لا تستطيع أن تغير أي شيء في الدستور بما يخالف الميثاق».
وأورد النائب صلاح علي رأي لجنة الخبراء الجامعيين التي تؤكد أن كلمة تعليم أولى من كلمة تربية في هذه المادة فيما دعا النائب جاسم الموالي إلى وضع الكلمتين بأن تنص المادة على «فلسفة التربية والتعليم»، وفي نهاية المطاف تمت الموافقة على المادة كما جاءت من الحكومة مع تغيير طفيف في العبارة الأخيرة من المادة فالأصل فيها هو «التعليم حق تكفله الدولة... سعيا لتحقيق سعادة المواطن وتقوية شخصيته واعتزازه بقيمه ووطنه وقوميته...» وتم تغيير كلمة قوميته إلى عروبته ووضع عبارة «اعتزازه بدينه» قبل كلمة قيمه.
تصويتات بالجملة
ووافق المجلس كذلك على المادة الثالثة كما جاءت من الحكومة بعد أن نصح المعاودة النواب بعدم الدخول فيها مادة بعد أخرى والتصويت عليها جملة كاملة حينها احتج النائب جاسم الموالي على التصويتات التي تأتي شاملة لكل المادة لاسيما المواد التي تتضمن نقاطا كثيرة وطالب بالتأني والتدقيق فيها.
كما احتج النائب عيسى المطوع على التصويت على رأي الحكومة في المواد، مؤكدا أن اللائحة الداخلية تقر أن التعديلات هي ما يجب التصويت عليه أولا وليس المواد كما جاءت من الحكومة وهو ما دعمه المستشار القانوني للمجلس عمرو بركات إلا أنه لم تتم العودة إلى التصويت على المواد مجددا.
وتم التصويت بالموافقة على المادتين الرابعة والخامسة كما جاءت من الحكومة. وبعد أن رأى أن كل المواد يصوت بالموافقة عليها كما جاءت من الحكومة لا كما عدلتها اللجنة قال النائب علي أحمد متهكما « لماذا لا يصوت المجلس على المواد جميعها دفعة واحدا».
رفض «المجلس الأعلى للتعليم»
وقرر المجلس رفض ما قررته اللجنة من استحداث مادة تتعلق بإنشاء مجلس أعلى للتربية والتعليم وهي المادة التي نصت على أنه «انطلاقا من أن المنظومة التربوية تمثل محور التنمية الإنسانية المستدامة وأن الإصلاح التربوي مسئولية وطنية وجهد مجتمعي يتطلب ربطه بالمشروعات الاستثمارية وحاجات التنمية الاقتصادية وأنه لا يمكن تحقيق معدلات في التنمية والإنتاج من دون توافر نظام تربوي مرن ومتميز»، ونصت المادة المستحدثة رقم خمسة مكرر على أن « ينشأ مجلس يسمى المجلس الأعلى للتربية والتعليم يصدر به مرسوم ملكي».
وتعهد للمجلس عدة مهام هي: إقرار الرؤى والاستراتيجيات والسياسات التربوية وربط التعليم بخطط التنمية واحتياجات المجتمع وتطلعاته وطموحاته المستقبلية، الارتقاء بمستوى التعليم وتحسين جودة مخرجاته في المراحل الدراسية المختلفة، اعتماد الأطر العامة لتطوير المناهج الدراسية بمفهومها الشامل، الارتقاء بمستوى التقويم التربوي وتحصيل أداء المتعلمين لتحسن مخرجات التعليم، وضع الأسس والمبادئ العامة لتطوير أداء المعلم في ضوء الأدوار المتوقعة منه في عام متغير، متابعة التنمية المهنية للمعلمين ولجميع العاملين في الحقل التربوي، متابعة عمليات رفع الكفاءة الانتاجية للمؤسسات التعليمية والتدريبية والإسهام في تحقيق الجودة الشاملة فيها، تطوير سياسات البحوث التربوية الميدانية ومتابعة نتائج المشروعات الريادية التي لها انعكاسات على السياسة التربوية، تحقيق المزيد من التكامل بين التعليم النظامي والتعليم غير النظامي وإقرار التجديدات التربوية في نهج وأساليب العمل في التربية المستمرة مدى الحياة، متابعة عمليات التنسيق بين التعليم والعمل واقتراح الصيغ العملية المناسبة لتنظيم برامج التعليم المتجدد، التنسيق بين التعليم ما قبل الجامعي والتعليم العالي بمستوياته المختلفة.
النعيمي: سحب اختصاصاتنا معضلة دستورية
وجاء رفض المادة المذكورة أولا من قبل الوزير النعيمي الذي قال إن إنشاء مجلس أعلى للتربية والتعليم «معضلة دستورية» ستحدث، مفصلا ذلك أن إنشاء المجلس المذكور سيأخذ من اختصاصات وضعها الدستور لمجلس الوزراء في المادة 47 من الدستور والتي تنص على أن مجلس الوزراء هو المختص بوضع السياسة العامة للحكومة ومنها السياسة العامة لوزارة التربية والتعليم فإذا ما أعطي المجلس المقترح حق وضع الرؤى والاستراتيجيات والسياسات التربوية فإن ذلك يعني التدخل في الاختصاصات الدستورية. وأثار الوزير إشكالية أخرى فيما يتعلق بالمجلس المقترح وهي أنه لا يجوز نزع اختصاصات وزارة التربية ومنحها جهات أخرى خارج نطاق التنظيم الإداري بوزارة التربية والتعليم وهو ما سيمنع السلطة التشريعية من محاسبة الوزير سياسيا في شيء ليس تحت صلاحياته.
كما طرح الوزير عدة أمور هي «أن النص المستحدث لم يبين الطبيعة القانونية للمجلس الأعلى المذكور وهل ستكون له شخصية اعتبارية مستقلة عن الوزارة أم أنه سيكون من ضمن إدارات التنظيم الإداري للوزارة وفي حال أعطي الاستقلال فسيكون جهازا يمارس اختصاصات الوزارة ذاتها». وقال الوزير إن مبالغ مالية كبيرة سيحتاجها عمل مثل هذا المجلس بكوادر ونظام خاص وأكد الوزير أن المهمات الموكلة للمجلس المذكور هي مهمات واختصاصات تقوم بها الوزارة يوميا في الوقت الحالي. ووافق عدد كبير من النواب على طرح الوزير.
«الخدمات» تفشل في استعادة تقريرها
وبعد الاستراحة الخاصة بالصلاة ومع يقينه أن النواب اتجهوا نحو قبول مشروع الحكومة وترك تعديلات اللجنة «تذهب أدراج الرياح» طلب رئيس لجنة الخدمات علي أحمد أن يعاد المشروع للجنة لإعادة دراسته وإعادة المداولات فيه ما دعى النعيمي إلى الاحتجاج بعد أن حققت الحكومة نصرا كبيرا في تمرير آرائها وصوت النواب على نصف المشروع إلا أن المستشار القانوني أكد شرعية طلب رئيس اللجنة ولكن طلب إعادة المشروع للجنة لم تحظ بغالبية في التصويت، ما دعى إلى الاستمرار في طرح النقاش في المواد المتبقية.
وتم قبول كل المواد من السادسة إلى التاسعة كما جاءت من الحكومة والمادة العاشرة تمت الموافقة على رأي اللجنة فيها، والمواد الباقية 11- 14 كما جاءت من الحكومة
العدد 615 - الأربعاء 12 مايو 2004م الموافق 22 ربيع الاول 1425هـ