تأتي أهمية توقيع العهدين الدوليين (العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية) للمحتوى الرصين لموادهما وعالميتهما وكونهما جزءا من آليات الامم المتحدة.
الاعلان العالمي لحقوق الانسان (وهو جزء أساسي من القانون الدولي) له قوة معنوية عند الدول كافة، حتى أن عددا منها ضمت إلى قانونها المحلي فقرات مختارة من الاعلان. غير ان بعض النشطاء يصفونه «بالغامض والمبهم»، لذلك كان من الضروري أن تُفصل الحقوق في اتفاقات، لها قوة الزامية من خلال لجان متابعة خاصة بها. ونتيجة ذلك انبثق العهدان من الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1966 وبدأ تنفيذهما في العام 1976.
ويذكر أنه توجب جميع الاتفاقات الدولية المعنية بحقوق الانسان على الدول الاطراف فيها إعداد تقارير دورية تتضمن التدابير التي تتخذها، وذلك لضمان احترام حقوق الانسان المنصوص عليها في هذه الاتفاقات، وترفع هذه التقارير إلى لجان، لذلك أنشئت لجنة تسمى اللجنة المعنية بحقوق الانسان العام 1977، تابعة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتتألف هذه اللجنة من 18 عضوا، وتتمثل مهمات اللجنة، كما هي محددة في المواد من (40 ) إلى (45) من العهد في «دراسة التقارير عن التدابير التي اتخذتها الدول الأطراف والتي تمثل أعمالا للحقوق المعترف بها في العهد، وعن التقدم في التمتع بهذه الحقوق وصوغ ما تراه من الملاحظات، وموافاة الدول الأطراف بها».
وتتم دراسة التقارير في جلسات علنية بحضور ممثل الدولة المعنية الذي يقدم التقرير، ويجيب عن استفسارات أعضاء اللجنة، ويمنح مهلة لإعداد أجوبته وفي حال عجزه، تطلب اللجنة منه أن يتقدم بتقرير إضافي في دورة لاحقة.
أما اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فقد انبثقت في 28 مايو/ أيار العام 1985، من 18 عضوا، ولابد أن تقدم الدول الأطراف دوريا تقارير عن التدابير التي اتخذتها، وعن التقدم الذي حققته في هذا الجانب.
وغالبا ما تحمل التقارير عموميات، وسردا لنصوص دستورية، الأمر الذي يؤدي إلى معاودة اللجنة طلبها إيجاد تقارير مُفصلة.
وللجنة المعنية بمتابعة العهد الدولي المختص بالحقوق السياسية والمدنية، تجارب «غير مشجعة» مع الدول العربية، إذ ذكرت ليبيا بضرورة تسليم تقريرها 13 مرة، ولبنان 8 مرات، والمغرب 6 مرات، ومصر 3 مرات. وبالنسبة إلى التقارير المرحلية الثالثة فقد ذكرت ليبيا 3 مرات، وسورية مرة، ولبنان 3 مرات، والعراق 21 مرة.
لم يبقَ إلا استكمال الاجراءات الدستورية، لتنفيذ «العهدين الدوليين»، والتحدي الأكبر يكمن في فهم العهدين والتفاعل معهما وتسليم التقارير إلى اللجان المختصة بها وعدم تكرار تجارب الدول العربية... تلك هي تحديات الانضمام
العدد 616 - الخميس 13 مايو 2004م الموافق 23 ربيع الاول 1425هـ