أكد رئيس اللجنة المالية بمجلس النواب جاسم عبدالعال ان اللجنة والمجلس سيقفون أمام أي توجه حكومي يدعو إلى بيع حصتها في شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو) من دون التوافق مع مجلس النواب في ذلك والأخذ برأيه قائلا: إن «المجلس لن يساوم ولن يسمح بالتفريط في مصالح الاقتصاد الوطني».
جاء ذلك تعقيبا على النقاشات التي دارت بين نقابة العاملين «بتلكو» واللجنة المالية في مجلس النواب يوم السبت الماضي التي استمعت فيه اللجنة إلى وجهات وتطلعات النقابة من توجه الحكومة نحو خصخصة الشركة.
وقال عبدالعال إن «اللجنة مقتنعة بأحقية الموظفين والعمال في امتلاك جزء من أسهم الشركة، إلا ان اللجنة لم تناقش آلية امتلاك الأسهم ونسبتها وطرق التمليك».
وأضاف، إنه من حيث المبدأ فإن اللجنة ستدعم وتؤكد هذا التوجه لما له من إيجابيات كبيرة على مردود الموظف الإنتاجي وكذلك تحسين أداء العمل وتعزيز الربحية والاستقرار الوظيفي والوضع الاجتماعي للموظفين.
وأكد عبدالعال ان توجه الحكومة نحو بيع حصتها في «بتلكو» يعد نقطة جوهرية لابد من الحديث عنها وهو «عدم التفريط في ملكية الشركات الوطنية وإعطاء المواطن الأولوية في تملك الأسهم وفتح المجال أمام الاستثمارات المحلية ودخول مستثمرين محليين جدد لهذه الشركات، من خلال توسيع شريحة المستثمرين في سوق الأسهم».
وأشار عبدالعال إلى أن اللجنة المالية والمجلس سيراقبون عملية دراسة الحكومة لبيع حصتها في «بتلكو» وستطلب أن يكون للمجلس قرار في هذا الموضوع وإطلاعها على القرارات كافة، مؤكدا ان المجلس لن يقبل بأي قرار لا يصب في مصلحة الاقتصاد الوطني والمواطنين والشركات الوطنية.
وطالبت نقابة العاملين في شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية (بتلكو) خلال عرض تطلعاتها أمام لجنة المالية بمجلس النواب بأن يتم أخذ توصياتها بشأن شراء عمال الشركة أسهم الشركة التي تملكها الحكومة، وذلك من خلال جعل عمال بتلكو ملاك أسهم عادية كالتي تباع وتشترى في البورصة، وأن يتملك العمال عددا من الأسهم من إجمالي أسهم «بتلكو» يتفق عليها وتكون على النحو التالي (أن يشتري العمال نسبة من أسهم بتلكو بسعر تفاضلي، وأن ينشأ صندوق استثماري برعاية أمناء من إدارة الشركة والنقابة، وأن تقرض الحكومة وشركة البرق واللاسلكي الصندوق الاستثماري قيمة مساوية للنسبة المشتراة بالسعر التفاضلي، وأن يسدد الصندوق الاستثماري ديونه من دون فوائد للحكومة وشركة البرق واللاسلكي بشكل أقساط سنوية، وأن تهب الحكومة وشركة البرق واللاسلكي عمال الشركة نسبة من أسهم بتلكو).
ورأى رئيس نقابة «بتلكو» فيصل غزوان أن تكون الحصة الإجمالية للصندوق الاستثماري المقترح إنشاؤه لا تقل عن 10 في المئة من مجموع أسهم شركة بتلكو البالغ عددها مليار سهم حتى تتحقق الركيزتان الأساسيتان من وراء هذا لمشروع لضمان الارتقاء بالعمل وزيادة الإنتاج والأرباح.
وناقش مجلس النواب في 30 مارس/ آذار الماضي «الاقتراح برغبة بصفة مستعجلة» بشأن وضع ضوابط لبيع الحكومة أسهمها في شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية «بتلكو»، الذي قادته كتلة المنبر ووقعه «11» نائبا يمثلون أكثر من ربع مجلس النواب وهم: سعدي محمد، علي أحمد، عبداللطيف الشيخ، صلاح علي، محمد خالد، حسن بوخماس، أحمد حاجي، يوسف زينل، أحمد بهزاد، علي مطر وعبدالعزيز المير. وذكرت المذكرة الايضاحية للاقتراح «أن الحكومة بصدد بيع أسهمها في شركة بتلكو التي تبلغ نسبتها نحو 37 في المئة، وتقول أخبار «شبه مؤكدة» ان شركة البرق واللاسلكي البريطانية التي تملك حاليا 20 في المئة من أسهم الشركة توصلت إلى اتفاق مع الحكومة يقضي بشراء هذه الأسهم وبالتالي تصبح الشركة البريطانية مهيمنة على غالبية أسهم (بتلكو)».
وكانت الحكومة طلبت تأجيل مناقشة الاقتراح لمدة أسبوع واحد في 16 مارس الماضي. وأكد وزير شئون مجلس الشورى والنواب عبدالعزيز الفاضل: «أن الحكومة كلّفت شركة خاصة بدراسة الموضوع».
وجاء في المذكرة الإيضاحية للاقتراح أنه وبعد فتح سوق الاتصالات وتبعا لقانون الاتصالات الجديد فإن الحكومة بصدد بيع أسهمها في شركة «بتلكو» والتي تصل إلى نحو 37 في المئة.
وقالت المذكرة ان شركة بتلكو «تتميز بأمور عدة منها أنها تتمتع بربحية عالية وتصل نسبة بحرنتها إلى 90 في المئة، وتمتلك بنية تحتية تغطي المملكة بكاملها جغرافيا، وتتحكم في كل وسائل الاتصال بما في ذلك الاتصالات الحكومية والبنية التحتية للحكومة الإلكترونية، وهي تضخ قوى عاملة وطنية عالية التدريب في السوق المحلية».
وتساءلت المذكرة: «هل من المعقول أن تستملك هذه الشركة من قبل شركة أجنبية؟»، فضلا عن تساؤلها عن مصير البحرينيين في الشركة بعد بيع أسهم الحكومة إلى شركة أجنبية. وبينت المذكرة: «أن هنالك حديثا يتم تداوله عن حقيقة الصفقة المبرمة ومن المستفيد منها وما إذا كانت الأسهم ستباع بقيمتها الاسمية أم بالنظر إلى ربحيتها أم بالنظر إلى قيمة الشركة الفعلية التي تصل إلى مليارات الدولارات».
ودعا مقدمو الاقتراح إلى ضرورة احتفاظ الحكومة بنسبة 10 في المئة من الأسهم وبيع 15 في المئة لمستثمرين بحرينيين و10 في المئة لشركات خليجية، وتوزيع 2 في المئة كحوافز للعاملين في الشركة. وأشارت المذكرة إلى أن الحفاظ على الهوية البحرينية للشركة، والحفاظ على العمالة البحرينية، ورؤوس الأموال من التصدير إلى الخارج هو هدف الاقتراح الأساسي.
من جهتها بررت الحكومة موقفها من بيع حصتها على لسان وزير المالية والاقتصاد الوطني عبدالله حسن سيف الذي قال: «إن الهدف هو استقطاب مزيد من الاستثمارات الدولية وهذا في اعتقادي هدف اقتصادي منشود وضعته الحكومة في الاعتبار، إلا أنه في عملية استقطاب الاستثمارات الدولية وهو فتح المجال لزيادة المشروعات ومن ثم توسيع فرص العمالة للمواطن بأجور تكون مجزية لتأهيل المواطن لنيل العيش الكريم في هذا الوطن الغالي».
وأوضح سيف الخطوات التي قامت بها الوزارة من دعوة شركات عدة متخصصة لتقديم عطاءات لدراسة مفصلة بشأن مستقبل ملكية الحكومة التي تقدر بـ (37 في المئة) من أسهم الشركة، وتحديد إيجابيات وسلبيات الخيارات المتاحة كافة في هذا الصدد، هل الحكومة تبقى على ملكيتها أم تبيع حصتها؟ وكيفية بيع الحصة، ولمن؟ وبأي نسبة؟ ثانيا: تم تسلم عدد من العطاءات وتم تحويلها ورفع توصيات بشأنها إلى مجلس المناقصات في الحكومة. مشيرا إلى موافق مجلس المناقصات على توصية الوزارة لترسية العطاء على مصرف مؤسسة بريطانية HSBC.
وأكد سيف ان الوزارة ستلتزم تماما بمبادئ الإفصاح والشفافية في هذا الشأن. مشيرا إلى أن أسهم شركة «بتلكو» هي الآن مدرجة ضمن أسهم الشركات في سوق الأوراق المالية في البحرين، فبالتالي المواطن له الحرية في شراء المزيد من أسهم هذه الشركة أو بيع جزء أو ما يمتلك من أسهم هذه الشركة. كذلك أردت التنويه بأن قيمة 37 في المئة من أسهم «بتلكو» تقدر بنحو 190 مليون دينار بحريني، ولو لجأت الحكومة إلى بيع هذه الحصة ضمن أدوات سوق الأوراق المالية لتدهور سعر سهم هذه الشركة، ومن ثم يترتب على ذلك ضرر على المواطن وخصوصا حاملي أسهم هذه الشركة، وكذلك تؤثر على سيكولوجية السوق ، فسيجر كذلك أسعار الأسهم المدرجة في هذا السوق إلى النزول.
رأى النائب يوسف زينل أن «الحكومة تريد بهذا الخروج فك الرقابة البرلمانية ضمن أهداف أخرى من ضمنها: استحقاقات العولمة، وفتح الأسواق، وبالتالي للأسف الشديد قد يترتب على ذلك زيادة لضحايا الخصخصة وزيادة العطالة، وخصوصا في ظل عدم وجود ضوابط واضحة طبعا وعلى رغم وجود قانون لضوابط الخصخصة فإن هذا القانون لم يفعّل».
وذلك بعد ان خلق رد الحكومة أسئلة كثيرة لدى النواب ومن ضمنها: هل خروج الحكومة من بتلكو هو إجراء مناسب الآن؟ وهل المطلوب من الحكومة بيع حصتها التي تدر على استثماراتها في بتلكو نحو 14 مليون دينار هذا بحسب إحصاءات العام الماضي، وهذا يشكل نحو 64 في المئة من إجمالي عائدات الحكومة من استثماراتها المحلية، هل من الحكمة بيع حصتها كاملة إلى أحد المساهمين وهي شركة أجنبية التي تمتلك الآن كما هو معروف نحو 20 في المئة؟ ألا يعتبر ذلك تركيزا للقرارات المصيرية في يد طرف واحد؟ لأنه لو تم البيع لهذه الشركة ستقفز نسبة مساهمتها إلى 57 في المئة ما يؤهلها للتحكم في القرارات المصيرية، بما في ذلك نسبة البحرنة في هذا المرفق العام عدا الجانب الاستراتيجي. من جانب آخر فإن بيع حصة الحكومة كاملة أو جزئية يخرج شركة «بتلكو» من نطاق المراقبة البرلمانية
العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ