العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ

سر الانتصار على «إسرائيل»

تمر علينا هذه الأيام الذكرى الرابعة لانتصار المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان... تأتي المناسبة هذه المرة بطعم آخر وخصوصا بعد إضافة ملف تحرير الأسرى إلى رصيد المقاومة الإسلامية... هذه المقاومة التي ما فتئت تحارب العدو بكل ما أوتيت من قوة لأجل نصرة شعبها وأمتها... وهذا الانتصار الذي تحقق مازال محط دراسة وتحليل الكثير من الكتاب في العالم ولقد صدرت كتب كثيرة بهذا الشأن سواء من كتاب عرب أو أجانب... وذلك لأن الحدث في حد ذاته فريد من نوعه إذ استطاعت قوة المقاومة الإسلامية التغلب على الآلة العسكرية الصهيونية ودحر ذلك الجيش الذي كان يوصف بأنه لا يهزم... وأحاول في هذه السطور أن أتطرق لبعض أسباب الانتصار الذي تحقق وأنا على علم بأني لن أفي بذلك... فلو فتشنا عن تلك الأسباب لوجدنا أن المقاومة اعتمدت في ذلك على ثلاث ركائز:

الركيزة الأولى هي المجتمع اللبناني: هذا المجتمع الذي تكبد المآسي إبان الاجتياح الصهيوني لبيروت وما خلفه من تشريد ومجازر وتدمير للمنازل والمنشآت والزراعات المختلفة... بعد كل هذا أفاق المجتمع اللبناني واستطاع خلال تلك الفترة الوجيزة أن ينجب قياديين ومجاهدين هم على أتم الاستعداد لأن يحملوا دماءهم وأرواحهم على الأكف فداء للبنان ومعه الأمة الإسلامية...

الركيزة الثانية هي قادة المقاومة الإسلامية: نعم إن المجتمع اللبناني أنجب قادة بمستوى المسئولية فلا غرو أن يكون الشيخ راغب والسيدعباس والسيدحسن نصر الله هم من أبناء ذلك المجتمع المقاوم... والتاريخ يسجل جهاد كل واحد من أولئك القادة بأحرف من ذهب، فالشيخ راغب حرب هو من بدأ مسيرة الجهاد الدؤوب انطلاقا من منابر الجمعة ومنابر المآتم إذ أصبحت هذه الأماكن مراكز للتعبئة ضد «إسرائيل»... وهذا يذكرني بكلمة الشيخ راغب حرب وهو يقول في إحدى كلماته: هذا الكيان الغاصب يمثل بالنسبة إلينا الخنجر المسلول منذ عهد رسول الله (ص) ضد الإسلام والمسلمين... وبعد أن استشهد الشيخ راغب تحمل الشيخ عبدالكريم عبيد مسئولية الجهاد إلى أن تم اعتقاله بعدها تم انتخاب السيد عباس الموسوي أمينا عاما لحزب الله. ويذكر هنا أن الناس عندما كانت تهنئ السيد عباس كان يقول لهم: «عزوني ولا تهنئوني، فأنا أطمح إلى أن أكون دائما بين المقاومين ومع المجاهدين» تمعن في هذه الكلمات... أين تجد هذا النوع من الخطابة وأين تجد هذا النوع من القيادة، ولكنها التربية الحسينية... بعدها واصل مسيرته الجهادية إلى أن استشهد بالطريقة التي كان يحب أن يلاقي فيها الله فهو الذي كان يقول في دعائه: «اللهم أرزقني شهادة تتناثر فيها أشلائي حتى ألاقيك وقد رضيت عني»... بعدها انتخب السيد حسن نصر الله أمينا عاما لحزب الله... هذا السيد الذي قدم فلذة كبده ابنه البكر تأسيا بجده الإمام الحسين (ع) عندما قدم ابنه علي الأكبر... ماذا عساك أن تقول وأنت ترى أحدهم يقدم ابنه البكر شهيدا بين يديه في القضية التي يؤمن بها ويدافع عنها، ولكنها التربية الحسينية على الساحة الكربلائية... وبعد هذا الحدث كان الناس بانتظار كلمة السيد حسن نصر الله ليتحدث عن شهداء سبتمبر/ أيلول... فكانت الناس تتساءل هل سيظهر السيد نصر الله أمام شاشات التلفاز باكيا أم ماذا؟

لقد كان ثابتا مؤمنا راسخ الإيمان إذ بدأ كلمته بقوله: إنني أحمد الله على عظيم نعمه... أن تطلع ونظر نظرة كريمة لعائلتي فاختار منها شهيدا... وقبلني وعائلتي أعضاء في الجمع المبارك لعوائل الشهداء... الذين كنت عندما أزورهم أخجل أمام أب الشهيد وزوجة الشهيد وأبناء الشهداء وسأبقى أخجل من هؤلاء...

أنظر إلى هذه الكلمات التي خرجت من القلب والتي دائما ما تقع في القلب...

الركيزة الثالثة هي المجاهدون والمقاومة: نعم فبالمجاهدين تكونت المقاومة ولو بحثنا عن سر انتصار المقاومة لوجدنا أن هذا السر يكمن في هؤلاء المجاهدين وما يمتلكونه من خلفية إيمانية ونهج ديني صادق انطلقت به هذه الثلة المؤمنة...

كذلك لا ننسى أن نقول إن لكل مجاهد من هؤلاء المجاهدين أما أو زوجة تطلب من العلي القدير أن يرزقه إحدى الحسنيين إما الانتصار أو الشهادة، وعندما يأتيها خبر استشهاده توجه شطرها نحو المدينة المنورة وتقول: يا زهراء... أهل وفيت؟

إلى هذا الحد وصل إيمان هؤلاء الناس... فانعكس هذا الإيمان على المقاومة فأوفى الله بوعده لعباده فكانت المقاومة تنظر بعين الله ومن كتاب الله... فلم يكن المجاهدون يصوبون الرماية إلا وكانت مسددة من قبل الله حتى وصف المجاهدون على لسان أمينهم العام السيد حسن نصرالله في إحدى كلماته يقول: «عجز العدو عن تحقيق أي هدف من أهدافه ولم يستطع النيل لا من معنوياتهم ولا من بنيتهم العسكرية ولا حتى من منصة صواريخ واحدة طوال حرب نيسان التي كان فيها العدو يملك السماء أما نحن فكنا نملك الأرض»...

نعم هكذا كانت ومازالت المقاومة وهكذا هي قيادته، ونرى الآن هذا السيناريو يعيد نفسه من جديد ولكن على أرض فلسطين فها هو مسلسل الاغتيالات بدأ يحصد قياديي المقاومة الإسلامية (حماس) وها هي الأمهات تحث أبناءها للدخول في شرف الدفاع عن تراب فلسطين وها هي العمليات الاستشهادية ذات التخطيط الدقيق بدأت في العد التصاعدي من الآن وحتى زوال «إسرائيل» من الوجود.

حسن سعيد

العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً