العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ

التسامح أساس الحوار

إن الحاجة إلى التسامح في ممارسة الحوار مع الطرف الآخر المختلف في الأفكار وفي آليات العمل كبيرة جدا وملحة كالحاجة إلى الحكم في مباراة جدية في كرة القدم. فهي الكفيلة في ختام الحوار بالتوصل إلى مقاصد موافقة مع كل التوجهات، ولها الفضل في إيجاد آلية موحدة في ممارسة ما اتفق عليه.

ويتمثل التسامح في الانفتاح النفسي والفكري والثقافي على ما يحمله الجانب المختلف من أفكار ورؤى وثقافة، وهو الذي يعزز الحب والمودة والإخاء التي دعا إليها القرآن الكريم. ويسمح الحوار من خلال التسامح بالاستفادة من التجارب والخبرات، ومن التكامل في تهيئة قاعدة متينة وراسخة لتحقيق الأهداف المقصودة والمنشودة.

والتسامح في الحوار من أهم المتطلبات الإنسانية والفكرية والثقافية، ولا يحصر ذلك في التحاور مع الأصدقاء الذين نتفق معهم في فكرة ونختلف معهم في فكرة أخرى، بل يشمل التحاور مع الأعداء الذين لا نتفق معهم في فكرة واحدة، ولا يوجد طرفان مختلفان لا يتفقان في نقطة واحدة. ويعود سبب شمل التحاور مع الأعداء إلى العلاقات الإنسانية التي يسعى المفكرون والمثقفون إلى تعزيزها انطلاقا من آيات قرآنية وأحاديث نبوية وأهداف إنسانية.

إن من أهم أسباب ضرورة توافر التسامح في الحوار هو التفاوت العقلي والفكري والثقافي عند البشر بكل الطبقات الفكرية، فمع وجود فريق يتقبل سماع الرأي الآخر ووجود فريق آخر لا يتقبل سماع ما لا يتفق معه تأتي الضرورة العقلية لترسيخ التسامح في أوساط الحوار، فهي تمثل حركة الفكر التي تؤكد مفاهيم الواقع، وهي الدافعة بقضايا العصر إلى دائرة الصراع الواسعة، وهي التي تقوم بعملية الصراع السلمي الأكثر مرونة في التعاطي، والتي تعزز من حركة الوعي في ساحات الحوار.

إن الذي يجعل الإنسان ينطلق في الحياة وجود الفكر والثقافة لديه، ولطرح مشروعاته وخططه الثقافية والفكرية لابد من الإيمان بالتسامح في ممارسة الحوار، فطرح أي مشروع ثقافي سيواجه صراعا فكريا مضادا، ولتفادي صدام غير إنساني يجب على الإنسان أن يلتزم التسامح في العملية الأولى من صراع الواقع؛ أي الحوار. وإن لم يلتزم التسامح فسيعجز عن تطبيق ما توصل إليه من فكر وما يرضى من ثقافة في أرض الواقع، الأمر الذي سيجمد جميع مشروعاته الفكرية، فيؤدي ذلك إلى تجمد فكري في الحياة.

إن الذي يثبت صحة ذلك هو فشل السابقين الذين انغلقوا على غيرهم في الطرح الثقافي والفكري، إضافة إلى الصراع الثقافي الذي أدى إلى كوارث إنسانية وتغلغل الحقد في نفوس بعض الناس بسبب الاختلاف الفكري، ورفضوا الحوار وإن ارتضوه فلم يلتزموا بالتسامح. هذا إلى جانب التطور الثقافي والفكري الملموس، وإبداع المفكرين والأدباء وأصحاب الرأي. والكثير من الأدلة والبراهين التي تثبت ضرورة وجود التسامح إلى جانب الحوار.

أحمد الدفاري

العدد 657 - الأربعاء 23 يونيو 2004م الموافق 05 جمادى الأولى 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً