أثيرت بشأن الإعلامية العربية في ورشة العمل الإقليمية - التي نظمتها الأسبوع قبل الماضي مؤسسة شرقيات الإعلامية في المملكة الأردنية الهاشمية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للثقافة والتربية والعلوم "اليونيسكو" - أسئلة كثيرة بدأت من ماهية تمكينها وانتهت بما يلعبه معها أحيانا الحظ والشكل الجميل وكذلك الإرث العتيق. فبحسب نقيب الصحافيين الأردنيين طارق المومني فان حظ المرأة في الانخراط في مجال الإعلام مرتبط بإرث تاريخي وتبديل الصورة النمطية لها بأخرى إيجابية. مؤكدا أهمية تعزيز قدرات الكوادر النسائية الإعلامية لوصولها إلى مراكز صنع القرار وتشجيع المبادرات الإعلامية التي تعمل لصالحها ودعوة الجهات الرسمية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لانخراطها في مراكز صنع القرار، وبين أن التحديات والصعوبات كثيرة ولكن بالإرادة والتصميم على النجاح يمكن تخطيها. فيما قالت الإعلامية الأردنية عروب صبح إن الإعلامية تعمل في مؤسسات لا تحترم مهنيتها ومعظمها تتعامل معها كأشكال جميلة ولا تحترم جوانب الحرفية والمهنية القابعة خلف الشكل ولذلك لا توصلها إلى مراكز صنع القرار. ورأت الإعلامية الأردنية رندة حبيب أن النجاح يحالف من يعمل بضمير ومسئولية، على رغم أن لعامل الحظ دورا كبيرا في ذلك. ونوهت بأن المرأة في بعض الدول لاتزال فرصها محدودة إذ تواجهها عدة تحديات تنطلق من مسئوليتها كأم وهي لذلك تلزمها كفاءة مضاعفة وجهدا أكثر من الرجل بمرتين لتصل إلى مراكز صنع القرار. فيما أكدت الإعلامية الأردنية رنا الصباغ أن الشكل يبهر مرة أو مرتين، وهو غير مهم والأهم طبيعة الحشو الذي يكمن بداخل الشكل. وأكدت ضرورة فرض المرأة احترامها على المسئولين، منوهة بوجود بعض من يستغلون أنوثتهن للحصول على المعلومات. أما الإعلامية التونسية فاطمة الكراي فقالت "كون المرأة غير مرغوب فيها في أعلى الهرم كصانعة قرار يعد هما مشتركا وهو موروث تاريخي"، مؤكدة أهمية الدفع تجاه التغيير بمشاركة الرجل وليس بشكل منفرد بهدف تفادي الخلفية الإقصائية. وأشارت إلى ثلاثة عوامل لنجاح الصحافي أو الصحافية وهي عوامل شخصية تتمثل في الصبر، الحنكة والمهنية والمعني بها التعليم والثقافة، والمثابرة أو التجدد المعرفي. وبحسب الإعلامية الأردنية ملك التل فان من الصعوبات التي تواجه المرأة كونها أنثى في مجتمعات لاتزال ذكورية، إضافة إلى نظرة المجتمع السلبية. ووفقا للإعلامية الأردنية بسمة نسور فان الأنوثة لا تتعارض وأي عمل إيجابي مؤكدة أن تمكين المرأة يكون من داخل المرأة نفسها، أما في حال حملت على أكتافها أنها أنثى فهي بذلك تبرر الوصاية التي يمارسها الرجل عليها في كل مناحي الحياة، وأضافت أن المرأة القوية ليست بالضرورة مسترجلة ولو كانت أنثى جميلة. ورأت الإعلامية الأردنية جمان مجلي أن الإعلامية تواجهها تحديات إدارية، ذاتية، وأخرى قيمية تتمثل في فكر المجتمع الجندري الذي تتقسم فيه الأدوار بحسب الجنس. وأكدت أهمية الترقي الإداري للإعلامية وسعيها إلى مراكز صنع القرار، وضرورة تفهم طبيعة توزيع الأدوار باعتبار المرأة ليس مكانها الأساسي البيت ومن ثم العمل، والرجل ليس مكانه الأساسي العمل ومن ثم البيت، معتبرة فكرة التشارك والتوازن تحقق الكثير على صعيد العمل الإعلامي وقالت "أحلامنا ليست كثيرة، نريد العدالة في الفرص فقط". وقالت الإعلامية السعودية هدى الدغفق إن الصحافية السعودية مرت بفترة عدم استقرار مهني وتهميش لإشغالها بمناسبات وتغطيات غير ذات أهمية، عوضا عن مشاركتها في عرض قضايا المجتمع وذلك لقلة تشجيع المسئولين وكذلك المجتمع المتحفظ والمحافظ في الوقت ذاته. وذكرت الإعلامية اليمنية فاطمة مطهر أن أبرز الصعوبات التي تواجهها المرأة تتمثل في عدم ثقة المسئولين فيها بعكس الرجل، وكذلك العادات والتقاليد في المجتمعات العربية وقلة الاهتمام بتأهيلها وتدريبها وتشجيعها على مواجهة المشكلات التي تعترضها. ومن جهته وصف مدير وكالة الأنباء الأردنية فيصل الشبول ما لحظه شخصيا من تراجع اهتمام الإعلامية بمظهرها وتراجع أفضليتها في الحصول على الأخبار والمعلومات لمجرد أنها أنثى بالتراجع الإيجابي على رغم أنه كما قال، كانتا ميزتان في السابق، وذلك لكون البعض يبالغ في الزينة وكأنهن نماذج لإبراز الأنوثة. وأوضح الشبول أن من أسباب قلة عدد الفتيات عدم إقبال المرأة على العمل في بعض المجالات كالأعمال الميدانية وانسحابها المبكر من الخدمة وخصوصا أن فرص الزواج تزداد بعد حصولها على وظيفة. أما مساعد رئيس تحرير صحيفة "الرأي" الأردنية سمير الحياري فذكر في مداخلة غريبة وإن كانت واقعية في بعض الأحيان أن "الزميلات الجميلات يذهبن للحصول على خبر فيأتين بعريس، ويشترط أحيانا ترك المهنة ويستجبن له"، وذلك بعد إشارته إلى عدم وجود نساء كفؤات ليتسلمن مواقع قيادية في الصحيفة. ودلل على ما أثاره بتنويهه بأن هناك أربع صحافيات في صحيفته تزوجن بتلك الطريقة خلال أقل من سنة وتركن العمل. ومن جانبه قال مدير تحرير صحيفة "الدستور" الأردنية حمدان الحاج إن الصحافية تشارك الصحافي مشاركة كاملة بغض النظر عن طبيعة ومكان التغطيات، كما ويتم النظر إليها باحترام ومساواة، مضيفا "لا نستطيع الاستغناء عن الزميلات كونهن لسن أقل كفاءة". ورأى رئيس جمعية المذيعين الأردنية حاتم الكسواني أن مراكز صنع القرار في الإعلام يجب أن تكون للأكفأ بغض النظر عما إذا كان رجلا أو امرأة.
الإعلام المرئي اللبناني.. هجوم ودفاع
قالت الإعلامية الأردنية عروب صبح في مداخلة لها خلال ورشة العمل إن الإعلام المرئي اللبناني ممثلا في القنوات الفضائية كرس نموذجا غير لطيف للمرأة بحسب وصفها، ونوهت بأن الأولوية أصبحت للربح على حساب الرسالة التي تقدمها البرامج. ووفقا لها فانه لا أحد يناقش المحتوى والتوجه أو يمنحه اهتماما وذلك من منطلق عملها مستشارة إعلامية لعدد من القنوات العربية. ومن جهتها نوهت الإعلامية اللبنانية أمية درغام بوجود صورة نمطية للإعلاميات والمذيعات اللبنانيات، إذ قالت إن الخليجيين وغيرهم يحسبون بأنه بمجرد نزولهم من الطائرة سيرون مثل أولئك الفتيات بانتظارهن. واعتبرت المجتمع اللبناني محافظا وقالت بأنه يشبه أي مجتمع عربي، كما أنه يرغب في الانفتاح ولكن قد يحدث فيه انفلات، وبالنسبة إلى انتقاد المذيعات فأشارت إلى أن النقد أحيانا يصدر عن أناس بالشكل واللبس نفسيهما، كما أن المسئولين العرب هم من يطالبون بذلك. ووفقا لدرغام فان المضمون الإعلامي التافه يأتي بسبب الفراغ الثقافي وهي مشكلة وجدت على مستوى العالم ككل وليس العربي فقط إذ أصبحت ثقافة المضمون مغيبة. فيما أشارت المنتجة السينمائية المصرية مي سحال إلى أن التلفزيون اللبناني يقدم أيضا الحوارات السياسية الجريئة التي لا يستطيع غيره تقديمها على رغم أن أي تلفزيون عربي ستتاح له الحرية ذاتها سيعمل الشيء ذاته. وأكدت أن المرأة تستخدم كسلعة منذ زمن ومازالت كذلك كما أنها من تستخدم نفسها بتلك الطريقة. وإثر ذلك عقبت الإعلامية الأردنية عروب صبح بأن ما ذكرته سالفا لا يقلل من أهمية الإعلام اللبناني عموما إذ أنه يلتزم بالجدية، وإنما حديثها انصب على صورة المرأة فيه
العدد 670 - الثلثاء 06 يوليو 2004م الموافق 18 جمادى الأولى 1425هـ