يقول الإمام أبوجعفر الباقر (ع) لابنه الصادق (ع): «يا بُنيّ من كتم بلاء ابتلى به من الناس، وشكا إلى الله عزّ وجلّ كان حقا على الله أن يعافيه من ذلك».
كثرة الشكاوى تسقط مقام الإنسان في المجتمع، لأن الشكوى لغير الله مذلة.
لقد ابتلينا بالواسطة التي تقتل فينا الطموح وتهبّط المعنويات لدينا، وتضيّق الخناق على العباد... وتقطع الأرزاق التي هي أصعب لدينا من قطع الأعناق، وتدوس على كرامة الإنسان.
الواسطة استهتار بقيم حياة الإنسان وبقيم المجتمع وتضييع لحقوق الفرد والأفراد... تستهتر بالمبادئ التي قطعها الإنسان على نفسه.
الواسطة تقضي على أحلام الشباب، الباحث عن عمل وتضعه في خانة العاطلين عن العمل... من أسوأ وأخطر ما نعانيه من الواسطة أنها تحرم صاحب الحق من حقه... حقه في الوظيفة، حقه في العمل الشريف، حقه في كسب رزقه، حقه في بناء وطنه.
الواسطة تصل بالإنسان إلى الانحراف والانحلال، إلى الرذيلة والمخدرات والتسكع في الشوارع، وسهر الليالي.
ينبغي من أصحاب الشأن في مملكتنا مد يد العون إلى الشباب العاطل ودمجهم في الحياة العملية لتجعل منه إنسانا صالحا للمجتمع حريصا على عمله... فهم بحاجة ماسة إلى العمل والاستقرار، وإننا وكل الشرفاء المقيمين على هذه الأرض الطيبة ننبذ الواسطة لأنها ليست في ديننا وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا.
الخريجون حفيت أقدامهم، وهِينت كرامتهم، واستبيح علمهم، وضُيِّعت شهاداتهم من مُعترف بها أو غير مُعترف... وأصبحت على الجدران تبكي حظها... سنون ضاعت من أعمارهم في الدراسة... والنهاية مؤلمة: لا وظيفة ولا عمل من دون «و» تفتح الأبواب وتُغيِّر الأحوال وتحترم الأقزام... وتشق طريقها بكل احترام... حقوق الإنسان البحريني محفوظة إذا تعايشنا على «الواو» الواسطة... وحرمنا أصحاب الكفاءات من الوصول إلى وظائفهم من خلال شهاداتهم.
من هو المنقذ لهؤلاء الشباب العاطل الذين لا يجيدون حرف «الواو»، الشباب مرهفو الحساسية من هذا الحرف والكلمة... شباب يدافعون عن حقهم في العيش كبقية أفراد المجتمع... وتحقيق العدالة لهم وفي وطنهم وبين مجتمعهم.
لا يريدون رواتب عالية تعوق توظيفهم... بل يريدون خدمة وطنهم... وظيفة تسد رمقهم، حتى لا يكونوا عالة على أسرهم وعلى المجتمع.
شعور الشباب العاطل بالعجز والفشل وعدم تمكنهم من الحصول على وظائف شاغرة ينغمسون فيها، ويتفاعلون معها كغيرهم، يجعلهم يلجأون إلى أعمال عدوانية في وسط الأسرة، وفي وسط المجتمع.
علي أحمد المحمود
العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ