حمد الشهابي يظل بقصصه القصيرة رائدا من رواد القصة في مملكة البحرين، لم أكن أتابع ما ينشر له في الصحافة المحلية من قصص، كنت أقرأ مالا أحس به كقصة حقيقية، اضيع في موضوعات مختلفة يكتبها أدباء أسماؤهم ربما معروفة ولكن عندما كنت أقرأ لهم يصيبني نوع من الشتات الفكري في أكثر من ناحية سواء كانت الموضوعية أو الاجتماعية وحتى متابعة القصة نفسها، أغصب نفسي على مواصلة القراءة.
ولكني حقيقة فوجئت بمجموعة القصص التي نشرت أخيرا لإحدى دور النشر البحرينية للكاتب حمد الشهابي، وأقولها بصراحة إن القصص لها سيادة خاصة وجو مختلف جدا لا تترك مجالا للقارىء ان ينفك عنها أو يتوقف عن قراءتها، فكل قصة أقرؤها له تعني في الحياة شيئا بوضوح وبلا رمز، قرأت له «أحداث الحب» كما في قصة الساحر وأحدث الرعب كما في قصة خلودي والجني الذي أحب أم صالح والاحداث المصلحة الاجتماعية كما في قصة العروس التي ماتت، ورأيت في هذه القصص أفكارا لم أطلع عليها في سابق قراءاتي لأي كاتب بحريني آخر. يدخل في الغموض ايضا ويحرك مشاعر القارئ ولا يترك له مجالا ليلتفت أو ينشغل بشيء ما. يحس القارئ بأنه يجاري الشخصيات ويجلس معها ويسمعها ويتابع أمورها، حقا كنت أصدق نفسي أنني داخل القصة الفلانية وداخل تلك القصة، ولا ينتهي هذا التفكير الا عندما تنتهي القصة فأعاود الظهور مرة ثانية في قصة أخرى، ابتسم وأخاف ثم أحب.
ان قصص حمد الشهابي تستحق ان يقف معها القارئ ليكتشف ان المضامين مختلفة والطقوس أزمانها أحيانا غير معروفة، وشخوصها غرباء، لا تنحني ولا تخضع ولكنها تحاكيك كقارئ وتثير في نفسك بؤرة ربما يكون تكوينها هو من أين جاء هذا الموضوع؟ وكيف استخرجه المؤلف من وقائع خيالية ليحوله الى قصة قد تصدق حوادثها مثلما هو في قصة تأتي من الرفاع أو الساحر، أو حتى اجتماع الاباطرة فعلى رغم قصر هذه القصص الا انها ذات أبعاد فلسفية تطرح أسئلة لا حد لها ولا آخر. أكرر ما ذكرته في بداية مقالتي هذه، لقد ذهلت من مضمون المجموعة القصصية وهي لم تكن بالحسبان ولكنني حقيقة شعرت ان كاتبا قد ألم بشيء ما، لم ندركه نحن، ولكنه استطاع ان يأخذ مكانا بين القاصين في المملكة، وربما في الخليج، ونحن نفخر بقاص يجذبنا نحوه بأدبه المميز، وانني صراحة أتقدم إلى الكاتب البحريني حمد الشهابي بخالص التهنئة على نشر هذه القصص التي تعد من القصص المتميزة وليست المستهلكة، كما اود ايضا ان يكون للمسئولين والمطلعين على الأدب البحريني ان يتابعوا ويشجعوا مثل هذا التميز في الكتابة سواء في مجال القصة أو الرواية أو الشعر وغيره. راجية من العلي القدير ان يفتح آفاق الأدب لكل مفكر، وان يكون في ايد تحتضنه وتلم بأموره لكي يتميز الكاتب البحريني في جميع المجالات الأدبية الأخرى وعلى المحبة والفكر والثقافة نلتقي.
أمينة الكبيسي
العدد 671 - الأربعاء 07 يوليو 2004م الموافق 19 جمادى الأولى 1425هـ