انتهت مسرحية قمة الأمن النووي في واشنطن وانسحب أبطالها من خشبة المسرح، مخلفين وراءهم عدة أسئلة لم يجب عليها ولا حتى مستضيفهم الرئيس باراك أوباما.
فمثلاً: هل ستطلب الولايات المتحدة من إسرائيل حقاً أن تعلن عن برنامج أسلحتها الذرية؟ هل ستضغط على إسرائيل حقاً للتوقيع على معاهدة الانتشار النووي؟. هل ستسعى لإقناع الهند وباكستان بالانضمام لهذه المعاهدة؟.
لم تحقق الولايات المتحدة على هذه الساحات أي تقدم يذكر في هذه القمة غير المسبوقة التي حضرها زعماء 47 دولة يومي 12 و 13 أبريل/ نيسان للتحدث عن قضايا الأمن النووي، حيث جرى التركيز على الحيلولة دون وقوع أسلحة نووية في أيدي جماعات إرهابية.
فعلق جون بوروغ، من لجنة المحامين حول السياسة النووية ومقرها نيويورك، قائلاً «لقد توصلت القمة إلى اتفاقيات مفيدة بشأن قضايا مثل ضمان أمن المواد النووية الممكن استعمالها في متفجرات ذرية في فترة أربع سنوات، وتعزيز أمن المنشآت النووية، وخفض عدد القنابل الذرية العالية التخصيب واستخدامها».
ومع ذلك، ورغم مشاركة 47 حكومة في قمة واشنطن غالبيتها على مستوى الرؤساء، فقد أضاعت القمة فرصة فريدة من نوعها للبدء في تخليص العالم من الأسلحة النووية تماماً».
الواقع أن وسائل الإعلام قد سجلت بل وأبرزت تجنب أوباما الرد على الأسئلة التي تمس إسرائيل حين قال بوضوح للصحافيين: «فيما يخص إسرائيل، أنا لن أعلق على برنامجها» للأسلحة النووية... «ما سأشير إليه هو أننا ألححنا دائماً على كل الدول لتصبح أعضاء في معاهدة حظر الانتشار النووي، وبالتالي لا تناقض في هذا».
كما قال أوباما «ومن ثم، فسواء تحدثنا عن إسرائيل أو أي بلد آخر، فنحن نعتقد أنه من المهم الانضمام لمعاهدة حظر الانتشار النووي. هذا ليس موقفاً جديداً. هذا كان الموقف الثابت لحكومة الولايات المتحدة حتى قبل إدارتي».
كذلك فقد تفادي رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو حضور القمة في آخر لحظة لقلقه من أن تُطرح قضية برنامج إسرائيل النووي السري على مائدة النقاش. ومع ذلك. فلم تُطرح هذه القضية.
لقد رفضت الثلاث دول النووية -الهند وباكستان وإسرائيل- التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، على عكس الخمس دول النووية المعلنة أي الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا، الصين، وروسيا.
والآن من المقرر أن تجرى مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي، طيلة شهر كامل، في مؤتمر بمقر الأمم المتحدة يبدأ في الثالث من مايو/ أيار المقبل.
فقال جون بوروغ من لجنة المحامين عن السياسة النووية لوكالة «انتر بريس سيرفس»، «فيما يخص إسرائيل، لم يعلق الرئيس أوباما -عملاً بالموقف الأميركي المعتاد- عما إذا كانت تملك أسلحة نووية». وأضاف أن ما لم يقال هو أن التقدم على مسار إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة الذرية والكيميائية والبيولوجية سيكون عاملاً حاسماً في نتائج مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي هذا في مايو.
وتحدث عن اقتراح محدد يجرى النظر فيه حالياً بأن يعقد الأمين العام للأمم المتحدة مؤتمراً لإطلاق مسار يخص الشرق الأوسط بالتحديد.
وشرح أن «قرار تمديد معاهدة حظر الانتشار النووي إلي أجل غير مسمى، ما قدّر له أن يعتمد في غياب قرار بشأن الشرق الأوسط تدفع عجلته الدول الثلاث التي تودع بها المعاهدة وهي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا».
كذلك فلم يقطع أوباما الشك باليقين بشأن وضع باكستان سوى وصف حضور رئيسها في قمة واشنطن بأنه علامة إيجابية، وتكرير دعوته لانضمام جميع الدول لمعاهدة حظر الانتشار النووي.
لكنه كان أكثر حدة نسبياً تجاه كوريا الشمالية وتجاربها الذرية، وكذلك إيران المتهمة بمحاولة تطوير أسلحة نووية.
هذا وتتوقع لجنة المحامين بشأن السياسة النووية أن ينتهز المجتمع المدني مؤتمر مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي الشهر المقبل، لتذكير المشاركين بأنه طالما تبدو الدول النووية -الأعضاء وغير الأعضاء في المعاهدة- عازمة على المحافظة على الردع النووي كل منها ضد الأخرى، فستظل رؤية تحرير العالم من الأسلحة الذرية مجرد وهم خرافي
العدد 2788 - السبت 24 أبريل 2010م الموافق 09 جمادى الأولى 1431هـ