تباينت آراء النواب عن المقترحات الثلاثة التي تقدم بها المستقلين، الأصالة، جاسم السعيدي وهي (إغلاق المحلات أثناء صلاة الجمعة) و(اللجنة العليا لتطبيق الشريعة الإسلامية) و(جهاز الأمر بالمعروف) فقد اعتبرها البعض داعماً لتخليص المجتمع من مشكلات واقعية موجودة فيما اعتبرها آخرون اقتراحات أقل أهمية من أن تُطرح في مجلس النواب.
من جانبه استغرب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب عادل المعاودة من التخوف الذي تردد لدى الأفراد من اقتراح بقانون الذي قدمته كتلة الأصالة لإنشاء «اللجنة العليا لتطبيق الشريعة الإسلامية» معتبراً التخوف ناتجاً عن الجهل بماهية المقترح وفائدته على الأفراد والمجتمع ككل.
وأضاف المعاودة «نحن لم نطالب أن نكون أوصياء على الناس ولم نطالب بتوجيه الناس وفق ما نريد، طلبنا هو لجنة علماء البحرين يختارهم جلالة الملك. الكل يعلم أن تطبيق الشريعة هو أوجب الواجبات على الجميع بدئاً من الفرد حتى قمة الهرم متمثلة في الحكام وبالتالي فإننا قدمنا النصيحة والنصيحة هي حب الخير للمنصوح ونحن نحب الخير للجميع» وسأل المعاودة عن سبب تخوف البعض من تطبيق الشريعة الإسلامية. وقال: المثل العام يقول «لا تبوق (تسرق) لا تخاف» وبالتالي فإن من هم بعيدون عن الخطأ ومن لا يفعلون السوء يجب ألا يخافوا من الشريعة فالشريعة الإسلامية هي أرحم وأكثر الشرائع رأفة على الناس لكن «من أمن العقوبة أساء الأدب». هل يستطيع أحد أن يقول إن الشريعة الإسلامية خطأ وأنها ستجلب مساوئ؟!
وأكد المعاودة أن «إقصاء الشريعة الإسلامية جاء بفعل الاستعمار ونحن نعلم أن على كل حاكم أن ينفذ أمر الله وهو أوجب الواجبات عليه ونحن حباً في الحكام وشفقة عليهم من حساب الله يوم القيامة ننصحهم بما فيه خير لهم فيما يقض مثل هذا المقترح مضاجع الفسقة وهو ما يدفعهم لانتقاد المقترح دون تمحيص وتدقيق في ماهيته.لماذا الخوف الآن والأمر مازال مقترحاً لإنشاء لجنة وهذه اللجنة من المفترض أن تهيئ الأمة لتطبيق الشريعة الإسلامية ومن ثم تعد اللجنة لذلك وفي النهاية يأتي التطبيق فمازال الأمر في بدايته فلماذا الخوف؟!».
وقال المعاودة «إيماناً بتعقد القضية وضرورة تهيئة الظروف من مختلف جوانبها من أجل تطبيق أحكام الشريعة فإننا قد جعلنا اللجنة توجه أنشطتها نحو دراسة كيفية تهيئة الأوضاع وتطويعها لتناسب تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ولم نطالب بحرق العوائق والموانع في سبيل التطبيق الفوري الإجباري لهذه الأحكام وفي هذا مراعاة للمصلحة العليا لبلادنا وشعبنا».
من جانبه قال النائب والاقتصادي عثمان شريف إن مقترحات المستقلين (إغلاق المحلات أثناء صلاة الجمعة) والأصالة (اللجنة العليا لتطبيق الشريعة الإسلامية) والسعيدي (جهاز الأمر بالمعروف) التي نشرتها الوسط أمس الخميس يجب أن تدرس جيداً قبل رفعها للحكومة ويجب أن ينظر في مدى تأثيرها على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية وعلى جميع قطاعات المملكة.
وفيما يخص مقترح الأصالة قال شريف أعتقد أن الدولة تطبق الشريعة الإسلامية وإذا كان المقترح يهدف لجعل التشريعات أكثر قدرة على ردع منتهكي حقوق الآخرين فإنه من الممكن تقديم مقترحات لتغيير وتعديل التشريعات والقوانين التي يستند عليها القضاة بما يكفل زيادة قدرتها على ردع المخالفين للقانون.
وبالنسبة لمقترح إغلاق المحال أثناء صلاة الجمعة قال «أولاً الصلوات مثلما نعلم جميعها واجبة في كل الأيام وليس في يوم الجمعة فقط ولا أعتقد أن إجبار أصحاب المحلات على الإغلاق أثناء صلاة الجمعة سيدفعهم للصلاة إذا لم يكونوا يريدون ذلك فمن يريد الصلاة لن ينساها سواء في يوم جمعة أو غيره وبالتالي لا أعتقد أن هذا الأمر سيدفع الأفراد للصلاة أكثر مما هو موجود حالياً فضلاً عن أن هذا الأمر سيربك الكثير من المجمعات التي تعمل بنضام العمل المتواصل من العاشرة صباحاً حتى العاشرة مساء فضلاً عن أن هنالك الكثير من الباعة من غير المسلمين ويصعب أن يعودوا لمكان السكن لمدة ساعتين ما للأمر من كلف مالية على صاحب العمل فضلاً عن أن ساعات العمل لمن يعملون بنضام النوبات ربما تزيد وبالعموم سيكون هنالك إرباك في هذا الشأن».
وأضاف شريف «معظم المحلات تغلق يوم الجمعة عدا عدد قليل من المحلات ما لا يشكل ظاهرة تحتاج لإجبارهم على الإغلاق لاسيما وأننا نعلم أن تجارب دول الجوار لم تكن إيجابية على مستوى تجاوب الأفراد مع الصلاة فأصبح الباعة يغلقون المحل وينتظرون داخله لحين انتهاء الوقت المقرر. نعم، لا أعتقد أن الموضوع سيؤثر على الاقتصاد بشكل جوهري إلا أن الأمر لابد أن يدرس بشكل متأن ودقيق».
وعن مقترح السعيدي بشأن جهاز الأمر بالمعروف قال شريف «لا أعتقد أن الحكومة ستوافق على هذا المقترح لاسيما أنه مقترح برغبة ويمكن أن يتدخل الجهاز المذكور في وسائل الإعلام ومن ثم التشريعات وهذا أمر ربما يسبب في النهاية لمشكلات بين الأديان أو المذاهب لعدم اتفاقها في ما سيطرح من قبل الجهاز فضلاً عن أن ما سيطرحه يمكن أن يكون جيداً لمذهب فيما يعارضه مذهب أو ديانة أخرى ما يسبب تضارباً يؤدي لمشاحنات».
من جانبه قال النائب جاسم السعيدي «لعل غالبية الناس يعلم الأهمية البالغة لقضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجوبها في الإسلام إذ قال تعالى «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخبر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعدما جاء هم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم» (آل عمران: 104) وقال الرسول (ص) والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأمرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم وقال الرسول (ص) والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذاباً فتدعون فلا يستجيب لكم لأن الإسلام شرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهدف صيانة الإسلام وحراسة المجتمع الإسلامي من الضلال والانحراف فعن طريقهما تتم عملية تبليغ الرسالة لمن يجهلها وتتم هداية الضال ويتم إرشاد الإنسان إلى فعل الخير وتتم مكافحة الشر والفساد.وتنمو حينئذ روح اليقظة والحذر في الأمة تجاه أي شاذ أوغريب عن رسالتها أو فكرها».
وقال رئيس كتلة المستقلين عبدالعزيز الموسى «المصلون يسوؤهم أثناء ذهابهم الى المسجد وإيابهم منه كثرة المحلات المفتوحة ووقوف أعداد ليست قليلة أمام الورش والمقاهي والمطاعم ومنها القريب من المساجد ما يؤذي مشاعرهم ولاسيما اننا دولة عربية مسلمة، وفي إصدار هذا القانون تأكيد لهوية المملكة الإسلامية وحفاظا على قيمتها الدينية. غلق المحلات لمدة ساعتين نظام تطبقه الكثير من الدول الإسلامية ولن يضر أصحاب المحلات، فساعتان كل أسبوع ليس بالأمر الكثير، بالإضافة إلى انه يشجع الناس على الصلاة ويذكرهم بأهمية صلاة الجمعة ويشيع في نفوسهم أن هذا اليوم مختلف عن غيره من الأيام، وأما فرض العقوبات فروعي فيها التدرج من الغرامة إلى غلق المحل لمدة أسبوع وذلك لردع المستهترين ومن لا يقيمون للدين وزنا ولا لمشاعر المسلمين أية أهمية».
من جانبه قال النائب محمد آل الشيخ «من الخطأ طرح مقترح «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» أو أمثاله من مقترحات عبر قبة البرلمان، هناك قضايا أكثر أهمية وخطورة، وتمرير مثل هذه المقترحات قد يسفه من عمل البرلمان باعتباره مجلسا تشريعيا. وأضاف النائب محمد آل الشيخ: «نحن نقول إنه يجب تفريغ المجلس لخدمة القضايا الوطنية ذات الأولوية والأهمية القصوى، وهي ما نطلق عليه ملفات الجماهير كالهموم المعيشية. ولا أعتقد أن مجتمع البحرين بحاجة إلى هذه المقترحات، بقدر ما هو بحاجة إلى رفع المستوى المعيشي، فقبل أن نطلق القوانين ونأمر الناس بتنفيذها أو اتباعها، لابد أن نشبع بطونهم. من جهة أخرى أن مستوى التدين، والتوجه الديني موجود، ويقوم به الكثير من الجهات في المجتمع، ونجد أن ذلك منتشر في البحرين».
وأشار آل الشيخ إلى أنه «يمكن أن تكون هناك لجان أهلية في كل منطقة، وإلا ما فائدة المؤسسات الاجتماعية. وباختصار، يجب عدم تحميل المجلس ما لا طاقة له به، وعلى الإخوة مقدمي الاقتراحات أن يراعوا أهمية وقت المجلس، فهناك قضايا البطالة والتمييز والفساد وتطوير التجربة البرلمانية ومشكلات أخرى لا قبل لنا بها. وأتصور أن الحاجة ليست ملحة إلى هذه الطروحات حالياً، وهناك موضوعات أخرى طُرحت على النسق نفسه، كتقصير الثوب، ولبس النقاب، وتطويل اللحية، وإعطاء حفظة القرآن ميزات أكثر، نحن في مجلس تشريعي، وعلينا مسئوليات كبيرة تجاه الناس. يجب أن يترفع المجلس عن هذه المقترحات وعلى رغم إيماني بأهمية بعضها، فإن هناك ما هو أهم بكثير».
وبين آل الشيخ «الخوف أن ينظر إلى التجربة التشريعية في البحرين على أنها تجربة تهتم بالأمور السطحية على حساب قضايا ومتطلبات المواطنين وقد يعتبر ذلك مسيئا ومجحفا من قبل المراقبين سيما أن هنالك جهوداً وطنية مخلصة لرفع القضايا ذات الأولوية لكي يتم مناقشتها في المجلس. وبالنسبة لمقترح الأصالة بلجنة عليا لتطبيق الشريعة الإسلامية مقترح فضفاض وغير واضح فأين يريد مقترحوه وهو تطبيق الشريعة بالضبط هل هي بالعقوبات مثل قطع اليد وإلقاء المرأة من شاهق في حال الخيانة الزوجية أم العمل على إلباس جميع الطالبات النقاب ؟! فما هو المقصود بتطبيق الشريعة لديهم لاسيما أن هناك مذاهب وأحكاماً شرعية لا تتشابه بين المذاهب المختلفة».
وفيما يتعلق بإغلاق المحلات أثناء صلاة الجمعة قال آل الشيخ «يجب أن نوجد بدائل مناسبة ومقبولة للوضع وأن يوكل ذلك لمؤسسات المجتمع المدني لاسيما الإسلامية منها لأن هذا الأمر هو دور هذه المؤسسات وهذه المقترحات جميعها ستزيد من تهميش وإقصاء دور قوى المجتمع ومؤسساته التي هي بحاجة لدعم من المجلس لا أن يكون المجلس أداة لإقصائها»
العدد 735 - الخميس 09 سبتمبر 2004م الموافق 24 رجب 1425هـ