قبل أن يصبح رسل تي ديفس من أبرز المنتجين الكُتاب في التلفزيون البريطاني جلست معه في أحد المقاهي المزدحمة بولاية مانشستر لمناقشة مستقبله. وكان من المفترض أن نتحدث عن مسلسل پueer as Falk الذي مضى على بثه نحو ثلاثة أشهر. في ذلك الوقت ولحسن الحظ فإن بطل المسلسل كان رجلاً يحب الجلوس أمام جهاز الفيديو الخاص به، معلناً «تقديمه هدية الموت للبشرية جمعاء»، لم يكن من الصعب دفع ديفس نحو موضوع آخر كنت أعرف أنه يهمه بشكل كبير، سألته إن كان سيقبل تقديم برنامج Doctor Who في حال قررت BBC إعادة عرضه؟ وكان جوابه «سأقبلها بالتأكيد». وبعد أربع سنوات قدمت له BBC ما يريد.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تم عقد اجتماع ضم 1200 من المعجبين للاحتفال بعيد ميلاد ديفس في فندق فخم بوسط لندن. وتوقع الحضور ان يتركز الحوار في هذا اللقاء على شيء يعرف باسم Scream of the Shalka وهي مغامرة من ستة أجزاء على شكل رسوم متحركة من بطولة ريتشارد جرانت (الطبيب) ودريل جاكوبي (السيد) والتي تذاع على شبكة BBC حالياً. وعند استطلاع آراء المدعوّين اكتشفت أنهم غير مهتمين في الواقع بعيد ميلاد ممثلهم المحبوب ديفس.
وقال مارك جاتس، نجم League of Gentleman الذي قدم أحد البرامج: إنني غير مهتم، أليس كذلك. إن البرنامج سيعرض على شاشة التلفزيون. وسيكون هناك فرق واحد مهم بين برنامج القرن العشرين والحادي والعشرين. أما برنامج Doctor Who الجديد فسيكون أحد البرامج الرئيسية في BBC.
وضمن ديفس ومال ينغ، المتعاون معه والمشرف على مسلسل Continuing Drama الحصول على ترخيص بإذاعة خمسة مسلسلات تستغرق كل حلقة منها ما بين 13 و45 دقيقة. وسيكون بإمكان ديفس وشريكه تحمل دفع مصاريف كبيرة لممثل للقيام بدور رئيسي كما سيحصلان على لوحات إعلانات وتغطية في برنامج Radio Times وأماكن للدعاية عبر وسائل الإعلام. وكان Doctor Who البرنامج المفضل لسدني نيومان، المنتج الكندي المنشق الذي تم أخذه من التلفزيون المستقل العام 1962 للعمل على تعزيز انتاج BBC من الدراما.
وكان أصدقاء نيومان غير متحمسين بالتأكيد بالنسبة إلى اقتراحه بعمل مسلسل درامي شبه تعليمي عن رجل عجوز جاب الكون في حجيرة هاتف عمومي. وحاول البعض تخريب هذا المسلسل قبل أن يصل إلى الشاشة، زاعمين أنه سيستنزف أموال قسم الدراما دون تحقيق نتائج مريضة.
وحددت الدقائق الأولى طبيعة هذا المسلسل عندما بدأ سماع صرخات مخيفة وأصوات مكتوبة للحن الرئيسي مع ظهور موجات نابضة من النور والظلام.
وفي المشهد الافتتاحي يُشاهد شرطي لندني يقوم بواجبه في شارع يلفه الضباب، إذ يقوم هذا الشرطي بالتأكد من أن أبواب ساحة للخردة مغلقة بشكل آمن. وبعد أن يتأكد الشرطي أن كل شيء على ما يرام يواصل سيره. ثم ينفتح الباب ببطء كما لو أنه دفع من قبل قوة خفية. وتتحرك الكاميرا إلى الأمام لنرى بين هياكل الأسرة المليئة بالصدأ صاحب الساحة الذي كان قد خزّن جسماً غريباً: حجيرة هاتف للشرطة. إن هذا المشهد كان معروفاً لدى جمهور المشاهدين العام 1963.
وتُظهر مواقف Doctor Who المعادية للفاشية جذوره في الستينات وتشرح سبب تراجع الحب الجماهيري له في الثمانينات. وواصل وليام هارتنل الضحك من دون انقطاع عندما واجه أشخاصاً ذوي أطماع امبريالية. أما الصورة المشابهة لجون بيرتوي الذي تم نفيه إلى كوكب الأرض لإحباط الهجمات القادمة من كواكب خارجية على منطقة M52 فتم اختيارها من قبل المؤسسة العسكرية، وتم التعويض عن ذلك باللباس الذي يشبه جيمي هندركس والتعامل بوقاحة مع أي شخص يلبس زيّاً رسمياً. ولعب بيتر ديفسن دور الضحية المعرضة للخطأ نتيجة للظروف السائدة. ومع أن توم بيكر مات ميتة يمكن أن يحسدها عليها توسكا (سقوط قاتل من قمة بنك جودرل) فإن ديفس خرج محترقاً من الطين المغلي، محاولاً تجنب رصاص كلا الطرفين اللذين كانا يخوضان حرب مخدرات قذرة على كوكب صغير ناءٍ.
وأود أن أقدم هذه النصيحة لرسل ديفس الذي سيعيد اطلاق برنامج Doctor Who. إنني أعتقد أن Doctor Who يجب أن يتمنع عن الخوض في معارك شاملة مع Daleks وCyberman حتى لو سمحت له تكنولوجيا الحاسوب (CGI) بالهجوم في مجموعات تضم أكثر من ستة أشخاص.
ويجب أن يبتعد Doctor Who عن التهديدات البالية الخالية من المعنى للمجرات بأكملها، ويركز على معالجة المشكلات المحلية. دعه يذهب إلى الضواحي المسوّرة بأبواب وإلى الأراضي المنخفضة والمنتجعات غير الموسمية التي تقدم السكن مع وجبة إفطار والمدن المتداعية والمناطق الصناعية المشئومة والبنايات الشاهقة الرطبة التي نلقي فيها طالبي اللجوء السياسي الذين يتناولون الهليون والقهوة بالحليب. دع مخرج هذا البرنامج يتجول في انجلترا الغريبة، ودعه يقلب الدنيا رأساً على عقب
العدد 695 - السبت 31 يوليو 2004م الموافق 13 جمادى الآخرة 1425هـ