1

ها أنا والعقل حولي

وشظايا الفكر تُلهب الدُنيا وتجري

وأماني

وخيالات

وأحلام كنهر يتدفق، يثري

عاجز أنا، وبنار الغيظ أُصلي

صارخ في الكون كلما أشتد الظلام:

ما الذي يجري؟

2

أمم في سبات النوم كانت

وأحلام النهار

صفحات الشمس

أثنيها بزندي

أنا وحدي

أشعل النار كي أفرش بالورد دربي

أنا وحدي

احرق الظلم وأفكار التعدي

أنا وحدي عاجزٌ

ها هي اليوم، أممٌ في سبات النوم كانت

على روح الحياة تتولى

وأنا وجميع الناس مشدوهون نسأل:

ما الذي يجري؟

3

وتساءلت وفي الروح قليلٌ من حياة

هل تركنا العلم؟

هل تركنا الحلم؟

هل تركنا الله؟

هل تركنا النور ورحنا خلف

آيات التخلف نعدو

ونباهي بالقشور؟

سُحب النور التي أعرفها فوق الرؤوس دون أن تمطر، ترعد:

ما الذي يجري؟

4

براري وسهول

ضواري وخيول

كل الحياة الساكنة

كل الحياة الهائمة

تجري على محورها الازلي ترقص، تدور

وأنا هائم في دربي وحدي

أقطف الثمر

وأجمل ما تهدي الزهور

وإذا ما قربتها من وجهي الطهر الطهور، صرخت من غيظها:

ما الذي يجري؟

5

هل سمعتم كذبة العصر؟

إنما الماضي كلامٌ محوريٌ

وهو مثلي عنصريٌ

وهو مثلي طائفيٌ

وهو مثلي جاهليٌ

وهو مثلي غير يعبأ

وهو مثلي، في دوحة الأرض يتباكى دون أن يفعل شيئاً، صارخاً:

ما الذي يجري؟

6

كذبوا بالزور والبهتان

ما الماضي مثلي

عنصريٌ

طائفيٌ

جاهليٌ

غير يعبأ

ليس مثلي يتباكى دون أن يفعل شيئاً

هو طهرٌ

هو بهرٌ

هو أركان عظام

ليس هشٌ أو حطام

كل هذا ما يقولون، غير أن الواقع المجنون

ليس يدري:

ما الذي يجري؟

7

كل العصافير التي أعرفها

خيبت ظني

مثل طير في مهب الريح أضحت

تارة يعلو حتى السماء

وتارة في كبد الأرض ليس إلا جسداً

تخضبها بعض الدماء

هامساً في غفوته العظمى في التربة الطهر كثكلى:

ما الذي يجري؟

8

كان روحاً

كان علماً وأهازيج وأطفالاً بأحلام كبار

كان عنفوان الدهر

وسيف الحق، أسطورة

كان يجري كما الريح الجميلة

كما النسمة العليلة

كما الخميلة

كما رشفة الماء الزلال

كان يدري، لم يكن يصرخ إطلاقاً:

ما الذي يجري؟

9

كل هذا وأنا أجري إلى أين؟

لا أحسب أني أدري

سوى إني أجري

ليس عندي فكرة واحدة عن حياتي

أو مماتي أو ما كان وما سوف يأتي

سوى أني دائماً أقذف في وجه الحياة

سائلاً، مستنجداً، كل العصور:

ما الذي يجري؟

10

أيها النور الذي تجري

إلى أين لا أدري ولا تدري

أهل استوثقت من أخبارك

عني وعن أمجادي وعن تلك الدهور

الغابرة

كيف كنت أملأ الكون عطراً

وشموخاً

إلى أن أصبحت مثلي عاجزاً تصرخ في الريح:

ما الذي يجري؟

11

لم يكن أمسي لعبة

ولم يمضِ هباءً

كانت الروح تلقي بذرها

والأرض تأتي ثمرها

والليل نورٌ كله

والصبح نورٌ كله

لم تكن ثمت صرخة

تتهاوى في بحار الجهل تسأل:

ما الذي يجري؟

12

هنا في الجو غبارٌ يتبارى

دون أن يدري علاما يتبارى

هنا في الحقل نخيلٌ تتباهى

دون أن تدري علاما تتباها

هنا في البحر أمواج تتعالى

دون أن تدري علاما تتعالى

وأنا وحدي والعقل من حولي

أصرخ ف الظلمة، في النور

بين الصبح والضحى والليل والعشى:

ما الذي يجري؟

حسن الصحاف