العدد 710 - الأحد 15 أغسطس 2004م الموافق 28 جمادى الآخرة 1425هـ

ارتفاع أسعار النفط يعوق مجدداً انتعاش الاقتصاد الأميركي

يشكل الارتفاع الكبير في أسعار النفط الذي يثير المخاوف لدى البورصة والمستهلكين، مجددا حجر عثرة أمام انتعاش الاقتصاد الأميركي قبل أقل من ثلاثة اشهر من الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، والاقتصاد الأميركي «يبدو فجأة في غاية الضعف» على حد قول الخبير في مؤسسة مورغان ستانلي ستيفن روش.

وبعد شهر يونيو/ حزيران الذي تميز بوضع قاتم عموما جاء ارتفاع أسعار النفط الخام مجددا ليبدد الآمال في إمكان تحقيق قفزة سريعة في الاقتصاد الأميركي. «فالأسعار المرتفعة للنفط تلقي بثقلها على دينامية النمو» كما يوضح هذا المحلل بنظرة متشائمة لا يتردد من خلالها في التحدث عن «صدمة نفطية».

وأقفلت أسعار النفط يوم «الجمعة» الماضية آخر يوم عمل في الأسبوع على سعر 46,56 دولارا للبرميل في سوق نيويورك، بزيادة تقارب 40 في المئة منذ بداية هذا العام. وعلى رغم أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي «البنك المركزي» يرى في ذلك مجرد عوامل «مؤقتة» عابرة، فمن المؤكد أن لهذا الارتفاع الكبير انعكاساته على الاقتصاد الأميركي وقد بدأ المحللون يراجعون توقعاتهم المتفائلة.

ولم يعد خبراء الاقتصاد الـ 55 الذين تستطلع آراؤهم بانتظام صحيفة «وول ستريت» يعولون إلا على نمو بمعدل 3,8 في المئة كوتيرة سنوية في الفصل الثالث و4,1 في المئة في الفصل الرابع، مقابل 4,4 في المئة و4,2 في المئة سابقا. ولفتت «وول ستريت» إلى قلق المحللين من انكماش حركة الاستهلاك مع أسعار غير عادية للنفط. ففي الفصل الثاني لم تزد نفقات الاستهلاك سوى 1 في المئة والأرقام الأولية لشهر يوليو مثل ارتفاع مبيعات المفرق بنسبة 0,7 في المئة لا تدعو إلا إلى تفاؤل مشوب بالحذر.

ويرى المحلل في مؤسسة ليمان براذرز جوزف ابيت: «إن أسعار الطاقة المرتفعة المترافقة مع تدني الأجر في الساعة أدى إلى انخفاض الرواتب الحقيقية للمرة الأولى منذ أعوام». ومنطقيا فإن ثقة المستهلكين تراجعت في شهر أغسطس/ آب الجاري.

وبات الوضع دقيقا بالنسبة للرئيس جورج بوش قبل أقل من تسعين يوما من الانتخابات الرئاسية، لأنه لم يعد لديه سوى القليل من الأوراق ليراهن على انتعاش اقتصادي وخصوصا ان العجز في الموازنة يحول دون تخفيضات جديدة للضرائب ناهيك عن رفع معدلات الفائدة الذي يكبح الاقتراض. كما وانه لا ينبغي الاعتماد على البورصة لتعويم مداخيل العائلات لأنها تخلت عن كل مكاسبها لهذا العام. وهكذا فان «الاقتصاد وسوق البورصة مازالا رهينة أسعار النفط» على حد تعبير بيتر كارديلو من شركة المضاربات «اس. دبليو باش». كذلك يؤثر ارتفاع أسعار النفط أيضا على حسابات الشركات التي لم يعد أمامها سوى هامش مناورة محدود جدا: اما إنها ستعكس الارتفاع على زبائنها الأمر الذي من شأنه أن يزيد التضخم، أو إنها تمتصه الأمر الذي سيؤدي عندئذ إلى الحد من أرباحها واضمحلال هامش المناورة لديها لجهة الاستثمار أو التوظيف. وفي يوليو لم توفر الشركات الأميركية سوى 32 ألف فرصة عمل. إلى ذلك فان النفط الباهظ الثمن يزيد الواردات وهذا له انعكاسات مدمرة على الميزان التجاري الذي سجل عجزا قياسيا بلغ 55,8 مليار دولار في يونيو. «والنتيجة هي أن النمو في الفصل الثاني قد يسجل تراجعا كبيرا بعد المراجعة» كما يحذر الخبير في مؤسسة مريل لينش ديفيد روزنبرغ متوقعا أن تبلغ نسبة النمو 2,5 مقابل 3 في المئة كما أعلن سابقا. والنتيجة الأخرى هي ضعف الدولار لان المستثمرين يترددون في تمويل اختلال التوازن في الحسابات الأميركية. وهذا كله لا يبشر بالخير. ويؤكد البيت أن «الآفاق الأكثر تشاؤما تتعلق على الأرجح بالعام 2005 وما بعده». معتبرا أن «العجز الجاري يبدو متوجها نحو طريق مدمر». وبذلك قد يجد الاحتياطي الفيدرالي الذي رفع لتوه معدلات الفائدة من 1,25 نقطة إلى 1,50 في المئة، نفسه أمام معضلة إذ كان عليه أن يختار بين تضخم اكبر ونمو أضعف. ويبدو في الوقت الحاضر أن الاحتياطي الفيدرالي اعتمد وجهة نظر متفائلة بشأن الاقتصاد» لكن «ذلك قد يتبدد سريعا بحلول شهر سبتمبر/ أيلول

العدد 710 - الأحد 15 أغسطس 2004م الموافق 28 جمادى الآخرة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً