أعرض معاناتي وألمي طيلة الأسبوعين الماضيين، ومنذ اليوم الأول من بدء العام الدراسي الجديد وانتظام التلاميذ على مقاعد الدراسة سعداء فرحين بينما يحرم ابني البالغ من العمر أربعة عشر عاماً من الدراسة، ولكم حكايتي مع إدارة مدرسته الإعدادية أرويها لكم وللقراء بحذافيرها وأترك الحكم العادل لوزارة التربية والتعليم ومسئولي التعليم الإعدادي المحترمين ووزير التربية للبت في أمر ابني وانصافي مما اصابني من غبن وظلم.
في العام الماضي تعرّف ابني إلى بعض رفاق السوء وتأثر سلوكه بهم فتغيب عن المدرسة عدة مرات وأنا لا أنكر ذلك وسعيت قدر الإمكان لإصلاح حاله وتحملت المسئولية وفق مقدرتي كامرأة مطلقة تعول أسرة بكاملها حكم عليها القدر بهذا الامتحان الصعب واستلهمت الصبر من ذاتها لذاتها ولكن الحظ العاثر وقف إلى جانبها وصاحبها فقد تدنى المستوى الدراسي لابني، وتكرر غيابه فانتابني القلق والخوف من فصله كلياً من المدرسة وهنا لم أجد أمامي إلا الانصياع لنصيحة المشرف الاجتماعي الذي هداني إلى حل يجنب ابني الفصل - على حد قوله - وهو أن أقوم بسحبه هذا العام ليستأنف الدراسة في العام المقبل وفعلاً تم ذلك، واستفسرت عن إجراءات العودة إلى المدرسة، وأُخبرت بضرورة الحضور مع الطالب في أول يوم دراسي لينتظم في دراسته من دون أية مشكلات أو معوقات. وفي اليوم الأول وفي تمام السابعة صباحاً ذهبت برفقة ابني إلى المدرسة وتحدثت إلى المدير الذي اعتبر الأمر منتهياً وأرشدني إلى مكتب المشرف الاجتماعي ليسلمنا الكتب المدرسية ويضم ابني إلى أحد الصفوف، وما هي إلا ثوانٍ حتى انقلب الأمر - وسبحان مغير الأحوال - فما أن دخلت على المشرف الاجتماعي إلا والأمر في غاية التعقيد فقد أخبرني بأنه لابد أن يعقد اجتماع إداري بالمدرسين حتى يقبلوا الطالب! صدمت بهذا الانقلاب (180) وكتمت غيظي وخصوصاً بعد أن أعلمت بأن المدرسة ستتصل بنا في اليوم التالي فاستبشرت خيراً.
وتستمر الحكاية وأعاود الاتصال بالمدرسة في اليوم التالي وبعد طول انتظار وقلق قاتل أفاجأ بأن هناك مخالفة من العام الماضي عندما قام أحد التلاميذ بجلب بعض المفرقعات للمدرسة واتهم فيها ابني زوراً وبهتاناً ولم تكن له أية صلة بهذا الموضوع، وقد أغلق الملف في حينه ولكنه فتح بقدرة قادر هذا العام ولا أعلم السبب وراء ذلك!
أخبرت بعدها بأن الموضوع بيد وزارة التربية والتعليم وستنظر في الأمر وعليّ مراجعة مسئول التعليم الإعدادي، ذهبت لمقابلة الأخير ولكنني لم التقه بل تحدثت إلى زميله الذي وعدني خيراً وأن أخبر المدرسة بضرورة أن ينضبط الطالب حالياً في دراسته، وسيتم الاتصال بين الوزارة والمدرسة لإنهاء الأمر، وفي اليوم التالي يتصل المشرف الاجتماعي ويخبرنا بأن المدرسة رفضت الطالب لأقوم بمراجعة الوزارة في اليوم التالي وهلم جرا طوال الأسبوعين وأخيراً وياله من هولٍ عظيم أفاجأ بأن سجل الطالب قد أوقف وأن تحقيقاً ستجريه وزارة الداخلية في «ملف المفرقعات الذي أودى بحياة المئات من الجرحى بل القتلى والذي استحق به ابني الحرمان من الدراسة»!
اتساءل هنا هل اقترف ابني جرماً بهذا العظم بحق المجتمع وهل أخل بأمن واستقرار المملكة حتي يعامل بهذه القسوة ثم أي تحقيقٍ ستجريه وزارة الداخلية وأية إصابات حدثت إن كان هناك ضحايا والتهمة منذ العام الماضي ولم تثبت عليه وأين المتضرر ولماذا لم تبادر إدارة المدرسة لإنهاء الموضوع في حينه وهل المتهم الوحيد هو ابني؟ ام أن هناك يداً خفية تدير الأمور وفق رؤيتها المتحضرة! إن حرمان ابني من الدراسة في هذا السن ليس من صالحه وليس من صالح المجتمع أربعة عشر ربيعاً ولم يزل حدثاً يتم فصله من الدراسة لصالح من؟ أليس الأجدى بالمدرسة احتضان الطالب باعتبارها البيت الثاني وخصوصاً بعد أن أُصلح حاله وهو الآن يرغب في مواصلة دراسته بكل حماس وأمل بعد أن عرف خطأه وندم على تغيبه عن الدراسة.
كلمة صادقة تطلقها أم يعتصر قلبها ألماً على ضياع مستقبل ابنها... تطلق هذه الكلمة عبر هذا المنبر الحر لكل من يملك حساً إنسانياً وضميراً حياً تطالب عبره وزير التربية شخصياً بالتدخل وإعادة الطالب إلى دراسته أسوة بزملائه لينفع نفسه ويخدم وطنه لا ان يكون ضحية للشارع.
(الاسم والعنوان لدى المحرر
العدد 750 - الجمعة 24 سبتمبر 2004م الموافق 09 شعبان 1425هـ