العدد 2791 - الثلثاء 27 أبريل 2010م الموافق 12 جمادى الأولى 1431هـ

الطريحي لـ«الوسط»: ندرس عدة تصورات للتأشيرات الأمنية لدخول العراق

لا فراغ سياسياً في بغداد... و18 ضابطاً أحيلوا للتحقيق لانتهاكهم حقوق الإنسان

عقيل الطريحي
عقيل الطريحي

أفاد المفتش العام بوزارة الداخلية العراقية عقيل الطريحي في حديث لـ «الوسط» بأن وزارة الداخلية العراقية تدرس عدة تصورات بخصوص التأشيرات الأمنية لدخول العراق.

وقال الطريحي: «إن هناك تصورات قدمها بعض المسئولين البحرينيين بخصوص التأشيرات الأمنية، ومن بينها ألا تكون التأشيرة محددة بوقت معين وأن تكون تأشيرات فردية، ونحن سندرس هذه التصورات بجدية».

ونفى الطريحي وجود فراغ سياسي في العراق في الوقت الحالي، وقال: «إن الحكومة قائمة غير أن مجلس النواب انتهى عمره»، لافتاً إلى وجود ثغرات أمنية تحدث بين حين وآخر، غير أنها أقل بقليل عن السابق»، وفق قوله.

وبخصوص ملف حقوق الإنسان، قال الطريحي: «تمت إحالة 18 ضابطاً من وزارة الداخلية خلال العام الماضي إلى محاكم قوى الأمن الداخلي بسبب تورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان»، لافتاً إلى أن «ثقافة حقوق الإنسان في العراق هي ثقافة جديدة، فالمرحلة البائدة كانت تفتقد ليس فقط لحقوق الإنسان بل حتى لحقوق الحيوان، والانتقال إلى المرحلة الجديدة بحاجة إلى بعض من الصبر».

وفيما يلي نص الحوار مع المفتش العام بوزارة الداخلية العراقية عقيل الطريحي:

ما الغرض من زيارتكم لمملكة البحرين؟

- اخترت مملكة البحرين ممراً باتجاه زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية للقاء عدد من المفتشين العامين في العاصمة الأميركية (واشنطن)، وفي طريق العودة جرت لقاءات مع بعض الأخوة في وزارة الداخلية البحرينية ومن بينها لقاء مع رئيس الأمن العام عبداللطيف الزياني، كما التقيت بالمفتش العام بوزارة الداخلية، وتحدثنا عن ضرورة فتح مساحات من التعاون بين البلدين، وفي الحقيقة أجد صدى كبيراً في المؤسسة العراقية بالانفتاح على الأخوة العرب وخصوصاً دول الخليج العربي ولاسيما مملكة البحرين.

أعتقد أن هناك الكثير من أفق التعاون المشترك بين البحرين والعراق، وأجد أريحية كبيرة بين المسئولين، كما تخللت الزيارة لقاءات مع عدد من النواب.

وهل بحثتم مع الجانب البحريني تدريب الشرطة العراقية في البحرين من خلال الأكاديمية الملكية للشرطة؟

- في اللقاء مع المسئولين البحرينيين تحدثنا عن تصورات مشتركة وخصوصاً أن اللقاء غير رسمي، وكنت في زيارة خاطفة وتحدثتا عن مجالات متنوعة.

هل تسعون إلى تعاون أمني من نوع ما مع البحرين، وما هي مستوياته؟

- هناك توجه للتعاون بين الأشقاء العرب في مختلف المجالات، وليس في مجال تدريب الشرطة العراقية فقط.

هل من توجه لدى العراق لإلغاء التأشيرات الأمنية على البحرينيين الراغبين بالسفر إلى العراق؟

- التأشيرات تخضع لإجراءات دقيقة، ووزارة الداخلية العراقية تعمل على التسهيل على الزوار، وهذه التأشيرات في مصلحة زوار العتبات المقدسة، وهناك تصورات قدمها بعض المسئولين البحرينيين الذين التقيتهم، ومن بين هذه التصورات ألا تكون التأشيرة محددة بوقت معين وأن تكون تأشيرات فردية، ونحن سندرس هذه التصورات بجدية.

ما هي أبرز مهمات المفتش العام في الوزارات العراقية، وما علاقته بهيئة النزاهة؟

- نظام المفتش العام أنشئ في العراق بعد العام 2004 بموجب الأمر الإداري رقم 57 الذي أوجب إنشاء مفتشين في كل وزارة من الوزارات، وتتلخص مهماتهم في 3 مجالات رئيسية، الأول يتعلق بمكافحة الفسادين المالي والإداري وسوء الاستغلال الوظيفي، وفي الوزارات الأمنية يكون المفتش العام معنيٌ بثقافة حقوق الإنسان وبمراقبة احترام حقوق الإنسان، أما المجال الثاني فيتعلق بتقييم الأداء والمؤسسات والأفراد وما يستتبع ذلك من إعطاء قيمة لكل عمل من الأعمال بما يمكن في المحصلة النهائية تقييم مدى تطور عمل المؤسسة، والمجال الثالث يعنى بمراجعة السياسات والإجراءات والقوانين المتعلقة بالوزارات، وللمفتش العام في ذلك أدوات تتمثل في التفتيش والتدقيق المالي والمحاسبي والتحقيق، وعندما تنضج قضية معينة بعد الإجراءات التفتيشية تحال إلى هيئة النزاهة أو إلى المحكمة.

وبخصوص ارتباطات المفتش العام فهو يرتبط إدارياً بالوزير ولكنه مستقل إدارياً ومالياً عنه، ويقدم له التقارير فقط ويرفع نسخاً منها إلى مجلس النواب وهيئة النزاهة ومكتب رئيس الوزراء.

بالحديث عن حقوق الإنسان، ترشحت أنباء خلال الفترة الماضية عن تسليم الجيش الأميركي عدداً من المعتقلين العراقيين الذين أشيع تعرضهم لانتهاك حقوقهم، ما صحة ذلك؟

- ما حدث في العراق بسقوط النظام البائد هو بمثابة الزلزال، وأي بلد يتحول من ديكتاتورية صارمة إلى جو ديمقراطي فإن ذلك تتبعه مجموعة من العوامل أو الأعراض التي يمكن أن تؤثر على هذه المسيرة، ما حدث أن بعض المحققين الذين ينتمون في عقليتهم إلى الأداء القديم وبعضهم لا يعتقد أن عملية التحقيق لا يمكن أن تجرى إلا من خلال أساليب الضغط، وأؤكد هنا أن هذا الأسلوب لا يعتبر منهجاً في العراق، ولكنها ظواهر فردية يقوم بها أفراد بسبب عقد أو استذكار للحالة القديمة البائدة، وهذه الممارسات تجابه بإجراءات صارمة، وقد تمت إحالة 18 ضابطاً من وزارة الداخلية خلال العام الماضي إلى محاكم قوى الأمن الداخلي بسبب تورطهم في انتهاكات حقوق الإنسان.

ثقافة حقوق الإنسان في العراق هي ثقافة جديدة، فالمرحلة البائدة كانت تفتقد ليس فقط لحقوق الإنسان بل حتى لحقوق الحيوان، والانتقال إلى المرحلة الجديدة بحاجة إلى بعض من الصبر.

ولكن ما هو الإجراء الذي اتخذ بخصوص التجاوزات التي حصلت في الموصل خصوصاً؟

- ما حدث في الموصل من اختصاص إحدى الجهات التابعة للجيش العراقي، ووزارة الداخلية ليست المعنية بالموضوع، وقد وجه رئيس الوزراء لاتخاذ إجراءات سريعة في هذا الجانب، ومثل هذه القضايا لا يمكن أن تمر بسهولة، إذ لابد أن ترفع التجاوزات التي وقعت على المتضررين.

في العراق الجديد لا توجد جهة واحدة معنية بحقوق الإنسان ولكن هناك عدة جهات حكومية وغير حكومية معنية بهذا الجانب، ومثل هذه الأمور بحاجة إلى بعضٍ من الوقت.

في إطار عملكم كمفتش عام في وزارة الداخلية، نشاهد على الفضائيات العراقية مواطنين عراقيين يشكون من اضطرارهم لدفع رشا لموظفين في الجوازات أو المرور أو الجنسية لإصدار جوازات سفر أو إجازات سياقة أو هويات أحوال مدنية أو غير ذلك، ما هي إجراءاتكم لوقف مثل هذه المخالفات؟

- لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك فساداً كبيراً في الكثير من المفاصل في المؤسسات العراقية، وهذا الفساد ينشأ من خلال أن الإجراءات الإدارية لا تتمتع بالشفافية الكاملة في التعامل بين المواطن والموظف الحكومي، قضية الرشا أو استغلال النفوذ أو الاستغلال الوظيفي تنشأ بسبب أوضاع استثنائية عاش فيها العراق خلال الفترة الماضية والأوضاع التي مرت عليه بعد التغيير الكبير في العام 2003.

كل تغيير ديمقراطي تشوبه أمراض أو أنواع من الفساد التي تحيط به، هذا الأمر كان مستشرياً وخصوصاً في فترة الحصار، إذ كان الموظف في الجهات الحكومية يتقاضى ما لا يقل عن 3 دولارات لإنهاء المعاملات الرسمية، وفي ظل الوضع المعيشي الخانق اتسعت الفئة المسحوقة في العراق ما خلق بيئة خصبة أمام الموظفين الحكوميين لطلب الرشا، وأعتقد أن هذه الحالة ورثها العراق من الفترة الماضية، ففي الفترة الماضية كان المواطن العراقي محاصراً ولا يمكنه السفر خارج العراق ولا يمتلك وثيقة السفر، وعندما انفرجت الأمور وأصبح من السهل الحصول على وثقة السفر، عمد بعض أصحاب النفوس الضعيفة إلى استغلال حاجة الناس وطلب الحصول على رشا منهم بقصد استصدار وثائق السفر لهم.

معالجة قضية الرشا بحاجة إلى إعادة صوغ المفاهيم، المواطن لابد أن يعي أن الرشوة محرمة، ونؤكد هنا أن تقاضي الرشا جريمة يعاقب عليها الراشي والمرتشي.

يمر العراق حالياً بفترة انتقالية بعد الانتخابات الأخيرة وفي انتظار تشكيل الحكومة الجديدة، هل يمكن القول إن هذه الفترة الانتقالية قد تسبب فراغاً أمنياً في البلاد وخصوصاً مع أعمال العنف المستمرة؟

- في العراق لا يوجد فراغ سياسي، لأن الحكومة قائمة غير أن مجلس النواب انتهى عمره، ولكن هناك ثغرات أمنية، وفي ظل وجود حكومة انتهت ولايتها هذه الثغرات قد تحدث بين حين وآخر، ولو قارنا هذه الثغرات بما كانت قبل عامين نجد أنها تقل عن تلك الفترة وأن هناك تحسناً في الوضع.

من قام بأعمال العنف الأخيرة استغل أهدافاً مكشوفة لتنفيذ انتقام وإثبات وجود وخصوصاً بعد مقتل عدد من قيادات تنظيم القاعدة في العراق.

ما طبيعة التعاون بين وزارة الداخلية العراقية وحلف الناتو؟

- حلف الناتو لديه عدة برامج تستهدف تدريب الشرطة العراقية، بعضها في العراق وبعضها الآخر في إيطاليا، هذا البرنامج التدريبي تطور خلال الأربع سنوات الماضية، كما احتضنت دولة الإمارات العربية المتحدة برنامجاً تدريبياً لعدد من الشرطة العراقية، وهناك الكثير من البرامج التدريبية مع حلف الناتو وغيره.

ونحن نأمل أن يكون هناك تواصل مع الجهات المعنية بالشرطة في الدول العربية، سواء في مملكة البحرين أو غيرها من الدول الخليجية والعربية، إذ نسعى إلى خلق حالة من الفهم المشترك بين مختلف الدول العربية، لأن المنظومة الأمنية في الدول الخليجية خصوصاً مشتركة، والمصاعب التي تواجهها هي مصاعب مشتركة.

كمفتش عام ما هي رؤيتك للانتقادات التي توجه لأداء الأجهزة الأمنية والدعوات المتصاعدة لإعادة تشكيلها على أسس مهنية، حيث يقول منتقدوكم إنها بنيت على أسس غير صحيحة وتم دمج بعض الميليشيات فيها أو أنها مخترقة؟

- نعمل على أن تكون الحرفية والمهنية هي السائدة في الشرطة العراقية وكذلك الحال في كردستان العراق، وأن يكون الولاء للوطن هو الأول والأخير في عمل الشرطة العراقية، بعيداً عن الانتماءات الحزبية أو السياسية، وأعتقد أن استيعاب المناضلين القدامى للنظام البائد أو من قوات البشمركة في إطار الشرطة العراقية هي عملية إيجابية وهي بحاجة لبعض من الوقت.

وفي الوقت الحالي نجد أن المنتسبين للشرطة العراقية أثبتوا ولاءهم للوطن ولليس للأحزاب أو الأطياف السياسية التي ينتمون إليها، إذ تمنع وزارة الداخلية الانتماء الحزبي وخصوصاً في مجال عمل الشرطة، لا ننكر عدم حدوث تجاوزات بين فترة لأخرى، إذ إن طبيعة البشر أنه لا يتحرك بسيرورة واحدة وهناك اختلاف بين هذه الجهة وتلك، ولكن نؤمن بوجود الحرفية والمهنية في الشرطة العراقية ونعمل على تقويتها بالتمسك والانتماء للوطن، ونأمل أن يكون الوطن هو الحاوي للهويات الأصغر، ولكن لا نريد أن تكون الانتماءات الحزبية والسياسية هي البديل عن الهوية العراقية.

في كل بلد تكون هناك رمزية لشيء معين من باب توضيح الولاء، ففي أميركا العلم الأميركي هو رمز الهوية الأميركية، وفي العراق سابقاً كانت صورة صدام حسين هي رمز الهوية، ماذا عن الآن؟

- الولاء لدينا للعلم العراقي، إذ شرع قانون للعلم السائد وبما أنه علم قانوني فهو رمز للبلاد، وهذه الرمزية نريد أن تترسخ أكثر في العراق الجديد، ونأمل أن يكون المجتمع مبنياً على أسس مدنية متحضرة، وقائماً على الحريات العامة والمشاركة السياسية الفاعلة والتداول السلمي للسلطة وغيرها من المبادئ التي تنشئ عراقاً ديمقراطياً.

ولكن هناك عدة أشكال للعلم، أحدهما كتب عليه «الله أكبر» بخط صدام حسين؟

- مشكلة العلم الذي كتب عليهم لفظ الجلالة بيد صدام أنه قتل تحت رايته الكثير من العراقيين في مختلف أرجاء العراق أثناء فترة صدام حسين، كما أن القوات العراقية التي كانت تحمل هذا العلم لم تكن تعمل لمصلحة المواطن، ولكن كانت تسعى لقمع المواطن. المعتمد حالياً هو العلم العراقي الذي يحتوي على التكبيرة المقدسة بالخط الكوفي.

في ذكرى الاحتلال ظهرت في النجف جماعة من جيش المهدي بعد اختفاء لفترة طويلة، هل يعتبر ذلك مؤشراً على أن هناك شبكات مسلحة لا تعلم عنها الشرطة العراقية وقوى الأمن الداخلي؟

- أنصار الشهيد السيدمحمد صادق الصدر الذين يتزعمهم السيدمقتدى الصدر هم موجودون ولهم الحق في العمل السياسي والحق بالتعبير عن الرأي كعمل سياسي كما أن لهم الحق في التظاهر.

كيف هو تنظيم الشرطة العراقية من ناحية المركزية للحكومة او التبعية للمحافظات؟

- تنظيم الشرطة العراقية له جانبان، مركزي ولا مركزي في عدة محافظات، باستثناء كردستان العراق لها مركزية تامة إلا في قضايا الحدود والجوازات، أما في المحافظات غير المنتظمة بإقليم هناك جانب مركزي وجوانب لا مركزية، وعملية تعيين قائد الشرطة تتم بطريقة مركزية إلى حد ما ولكن مجالس المحافظات يمكن أن تقيله من منصبه وتقدم بدائل وقد حدث هذا الأمر، التجربة في طور النضوج، وهي ليست تجربة نستطيع القول إنه قد أخذت مداها الواضع واستقرت بشكل نهائي.

توجيه قائد الشرطة في المحافظات عن وجود جرائم سرقات أو غيرها من القضايا، من أي يأتي؟

من وزارة الداخلية ومجلس المحافظات بالتنسيق بينهما، في المحافظة توجد لجنة أمنية تتبع مجلس المحافظة، العلاقة التنسيقية هي التي تحكم ذلك، ولكنها لم تستقر على توجه معين لأن هذه العملية هي تجربة جديدة العهد على العراق تشهد تنازعاً للصلاحيات وبعض الأوقات تحدث مشادات والأمر سيتحسن مع بعض الوقت.

وزارة الداخلية تقدم أداءً أمنياً وخدمياً، فالوزارة تحقق للمواطن الحصول على الهوية، إجازة السياقة، إضافة إلى عدد من الأعمال الخدمية، ولكن الجانب الطاغي عليه هو الجانب الأمني بطبيعة الحال.


الطريحي في سطور

المفتش العام بوزارة الداخلية عقيل الطريحي من مواليد مدينة كربلاء المقدسة في العام 1964، حاصل على شهادة البكالوريوس في القانون من جامعة بغداد، وشهادة الماجستير في العلوم الاستراتيجية من جامعة الدفاع الوطني.

والطريحي كاتب صحافي وله اهتمامات ثقافية وأدبية، وله دراسات في السياسة والقانون الدستوري والفكر.

العدد 2791 - الثلثاء 27 أبريل 2010م الموافق 12 جمادى الأولى 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 3:26 ص

      انا هو لك ياعراق

      وستبقى عراق الحسين
      فتح الحدود مع الكويت

اقرأ ايضاً