قالت مصادر عراقية قريبة من هيئة الأمن الوطني في رئاسة مجلس الوزراء أن عدد وتطور الأعمال الإرهابية يفوق قدرات المؤسسة العسكرية والأمنية الناشئة. وأضافت لـ «الوسط» أن المؤسسات العراقية لا تستجيب في فاعليتها للعمليات الإرهابية شبه اليومية، وأن الحكومة باتت تشعر بالحاجة في أن تنمو القوات الوطنية بخطوات أسرع من خطوات تطور العمليات «الإرهابية» التي تحاول وضع هذه القوات في اختبار واقعي.
واعترفت تلك المؤسسات أن حالة التدريب والتجهيز غير المتكاملين للقوات العراقية لا تعكسان الخطة المطروحة في إعادة تأهيل شاملة لبناء قوات مسلحة عراقية نظامية. وتحدثت المصادر بلغة الأرقام، وقالت «إن ما يتوافر حتى الآن من قوات كفاءة لا يتجاوز 4789 مقاتل في الجيش ولا يشكلون أكثر من 38 في المئة من كامل التشكيلات المفترضة للجيش، في حين لا تمتلك الوحدات المقاتلة إلا أقل من 65 في المئة من الأسلحة الخفيفة أو المتوسطة و 77 في المئة من العربات المطلوبة لسد الحاجة في اقل التقديرات و 29 في المئة من معدات الاتصالات و30 في المئة من الدروع الواقية.
يضاف إلى ذلك ما هو جاهز بالفعل من قوة العمليات الخاصة لا يتجاوز 651 مقاتلاً، في حين يفترض الآن أن يصل العدد إلى 1967 مقاتلاً». وأضافت ربما الوضع أفضل بالنسبة للشرطة ولكنه في كل الأحوال لازال سيئا، فمن مجموع 135 ألف شرطي هناك 84 ألف يصلحون للعمل ومن واقع 32 ألف شرطي لقوات الحدود هناك 15 ألف فقط يصلحون للعمل.
وأشارت المصادر إلى أن «ما هو متوافر لقوات الجيش والحرس الوطني للشرطة إجمالا بحدود 139 ألف قطعة سلاح و22 مليون قطعة ذخيرة مختلفة و4400 عجلة نقل و 44 ألف درع شخصي، و235 ألف قطعة ملابس لزى عسكري». كاشفة عن أن الحكومة بدأت بالفعل القيام بتوجهات جديدة لإعداد الجيش العراقي وإعادة تقييم الموجود من الشرطة وأفراد الحرس الوطني وبقية المنظومة الأمنية في جهاز الاستخبارات الجديد واستخبارات وزارة الداخلية، واستبدالها بعناصر أكثر كفاءة وقدرة على مواجهة تحديات الظروف في البلد، لاسيما مع قرب الانتخابات مطلع العام المقبل.
وذكرت أن إجراءات لتغييرات واسعة في جهاز الاستخبارات العراقي من المتوقع القيام بها قريبا، وتحديد مهماته واختصاصاته على ضوء التوجهات بتشكيل مديرية الأمن العامة التي ستتبع لرئاسة الوزراء وليس وزارة الداخلية، وتشكيل جهاز السلامة الوطنية الذي بدوره سيتبع رئاسة مجلس الوزراء. واستدركت المصادر «أن المشكلة الأساسية التي تواجهها القوات العراقية ليست فقط نقص الكوادر البشرية أو تدريبها ولكن أيضا الحاجة إلى السلاح والمعدات والتجهيزات المناسبة التي مازالت غير متوافرة حتى للأفواج التي تخرجت».
وأوضحت «أن كل ما حصلت عليه القوات العراقية من تجهيزات لا يتعدى السلاح الخفيف، وبعض الأسلحة المتوسطة، وكل العربات التي تستخدمها من العربات المدنية التي جُلبت من عدة وزارات وأكثرها من وزارة الزراعة وهي عبارة عن سيارات بيكاب دبل قمارة، لا تقدم الخدمات الأمنية الكافية لقوات نظامية حقيقية». وكشفت عن عدة خطوط متوازية التي وضعت من قبل الحكومة في هذه المرحلة لإنجاح التوجهات الجديدة لمعالجة الأوضاع الأمنية من بينها تجهيز بعض القبائل للعمل على ضبط الحدود ولكن من دون دخولها في قتال مباشر، والعمل على تطهير القوات من العناصر التي يرجح عددها بنحو 70 ألف عنصر من الذين اظهروا ولاءات مزدوجة أو رفضوا القتال أو أولئك الذين فشلوا في التدريب والتأهيل القتالي، فضلا عن أهمية الحصول على التسليح المتوسط والثقيل وعربات مدرعة من جهات متعددة. وذكرت المصادر أن هناك 50 عجلة مدرعة يفترض وصولها من دولة الإمارات العربية المتحدة، وهناك عقود يجري تنظيمها الآن مع روسيا الاتحادية وأوكرانيا لشراء دبابات ومدرعات ومدافع ثقيلة وأسلحة أخرى، وهناك تخصيص مالي لهذه العقود يقدر بنحو «1,7» مليار دولار. كما تعمل التوجهات الجديدة على إملاء الفراغ البشري بنحو 40 ألف مقاتل جديد، وهذا الأمر يستكمل في هذه الخطة في أواسط مايو/أيار المقبل، وفقا لآليات إعادة تنظيم القوات العراقية وفقا لمعايير التدريب القتالي على مواجهة الحرب اللامتناظرة وفي ذات الوقت الاستجابة لعملية بناء الأمة في الانتخابات المقبلة واشتراطات تأمينها وحمايتها من قبل قوات عراقية خالصة.
ورفضت هذه المصادر، التي فضلت عدم ذكرها بالاسم، الربط بين الموعد النهائي لإنجاز هذه الخطة، واحتمالات تأجيل الانتخابات المقبلة، واكتفت بالقول، إن أواسط العام 2005 حدد كموعد للانتهاء من تنفيذ هذه الخطة الشاملة لتأهيل الجيش العراقي وجميع الأجهزة الأمنية، وتشمل جهاز الاستخبارات ومديرية الأمن العامة وجهاز السلامة الوطنية. وأوضحت أن النية منعقدة لزج الكوادر البشرية للقوات العراقية التي يفترض أن تكون عناصر قتالية على أرض فور تخرجها من الدورات المكثفة التي تعد في عشرة أكاديميات للتدريب القتالي، تسعة منها في العراق وواحدة في الأردن. واعتبرت المصادر أن الانتخابات المقبلة والمرحلة التي تليها تستدعي الحاجة إلى قوات عراقية مؤهلة ومكتملة التجهيز سوءا من جيش نظامي أو قوات حرس وطني وما إلى ذلك من منظومات عسكرية وأمنية قادرة على فرض الاستقرار والأمن وإيجاد هيبة لمؤسسة الدولة فضلا عن شرطة وحرس حدود لتأمين الأمن الاجتماعي ووقف تسلل الإرهابيين إلى البلد. وقالت إن الحاجة فورية لتنشيط المؤسسة العسكرية الوليدة واذرعها الأمنية ارتباطا بتوفير حماية مشاركة الأمم المتحدة المفترضة في الأشراف على الانتخابات و تامين الأمان في البلد، سيما وأن دول الجوار لا يمكن لها المشاركة في قوة حماية الأمم المتحدة لأسباب معروفة، كذلك لم تتقدم أية دولة عربية أو إسلامية بتقديم قوات تحمي آليات الانتخابات.
كما أبدت الأمم المتحدة رغبتها بأن تكون حماية الانتخابات من قبل قوات عراقية خالصة، مضيفة أن زيادة عدد القوة المتعددة الجنسيات لن يحل المشكلة لسبب بسيط أن مقاتلي القوة هم أجانب وليسوا أبناء البلد أما المقاتلون في الجيش العراقي والشرطة والأجهزة الأمنية فإنهم يعملون من أجل بناء العراق الجديد والحفاظ على وحدته وسيادته، ولو رجعنا إلى استطلاعات الرأي العام لاكتشفنا أن 78 في المئة من العراقيين لا يثقون بقوات التحالف والقوات متعددة الجنسيات، بل لو عدنا إلى استطلاعات رأي نظمت لصالح جهات أميركية فإن النتائج ستقول إن 65 في المئة من العراقيين يعتقدون بان القوات الأميركية تزدري العراقيين في عمليات التفتيش ومداهمة الجوامع والتعامل مع النساء. وهذه الاستطلاعات تؤكد انه لا يمكن ان يتوافر الأمن إلا بقيام مؤسسات عراقية عسكرية وأمنية. وبالتالي فإن الأوضاع الأمنية في البلاد ستستمر في التدهور لحين وجود مثل هذه المؤسسات واكتمالها من حيث الرجال والإمكانات
العدد 765 - السبت 09 أكتوبر 2004م الموافق 24 شعبان 1425هـ