يرى محللون أن رئيس كازاخستان نور سلطان نزار باييف شرع منذ أن أصبح «زعيماً للأمة» بتنظيم خلافته، لاسيما وأن هذا المنصب الجديد لا يعد فخرياً فحسب، بل يتمتع بصلاحيات واسعة بعد تركه الرئاسة.
وقد صادق البرلمان على التعديل الدستوري الذي يجعل من الرئيس زعيماً للأمة، ولم يعد بحاجة سوى لتوقيع المعني الرئيسي ليصبح نافذاً.
وإذا لم ينشر نص التعديل، فإن الأشخاص الذين وضعوه رسموا خطوطه العريضة وهي أن نور سلطان نزار باييف الحاكم منذ الحقبة السوفياتية ينبغي أن يعطي موافقته على أي قرار سياسي أكان داخلياً أم خارجياً حتى بعد مغادرته الرئاسة.
إلى ذلك فهو سيحظى بحصانة دائمة تشمل كل ممتلكاته وكذلك أفراد عائلته الذين يعيشون معه في الوقت الذي تتهم فيه المعارضة نزار باييف والمقربين منه بالفساد وبالسيطرة على كل القطاعات الاقتصادية الرئيسية.
واعتبر دوسيم ساتباييف من مركز الأبحاث الكازاخستاني «مجموعة تقييم المخاطر» إن الأمر «يتعلق هنا بطريقة خلافة السلطة السياسية. فإن أصبح الرئيس زعيم الأمة، فذلك يعني أنه اختار خلفه لمنصب الرئيس».
ولفت إلى «أن صلاحيات (الرئيس) الخلف ستكون محدودة إذ إن زعيم الأمة ليس له مصلحة في وجود رئيس قوي (...). وهذا الوضع يسمح لنزار باييف بالخروج من الإطار السياسي العادي للانتخابات».
لكن المحلل يشير في الوقت نفسه إلى أن المسألة لا تتعلق بالتمسك بالحكم إلى ما لا نهاية وحسب. فالرئيس يسعى هكذا لضمان استقرار نظام سياسي واقتصادي لا يرتكز سوى على شخصه في الوقت الحاضر.
ورأى إلكسندر كارافاييف من مركز التحليل والإعلام في جامعة لومنوسوف في موسكو، أنه طالما استمر نزار باييف في الرئاسة، فإن لقبه الجديد لا يغير شيئاً في توازن الحكم الحالي.
لكن بات بإمكان رئيس الدولة، أكان عند نهاية ولايته في 2012 أو بعد ذلك، البدء بتنظيم خلافته و»استخدام وضعه الجديد عندما يرى ذلك ضرورياً».
ولفت كارافاييف إلى «أن وضع نزار باييف الجديد سيحدد المستقبل، وعاجلاً أم آجلاً سيترك منصب الرئيس لخلف يكون مقرباً منه»، مضيفاً «لكنه سيتمكن من البقاء الشخصية الرئيسية حتى بدون توليه منصباً رسمياً في السلطة التنفيذية».
وهذا النموذج للسيد المطلق، والسلطة الموازية للمؤسسات السياسية التقليدية، ليس بفكرة جديدة كما إنه ليس حكراً على كازاخستان، كما قال مجلس النواب (أحد مجلسي البرلمان الكازاخستاني) على موقعه الإلكتروني.
وكتب المجلس «يمكن ذكر سنغافورة على سبيل المثال حيث أنشئ منصب (الوزير المرشد) لمؤسس البلاد لي كوان يو».
وفي الواقع، فقد احتفظ إبان استقلال سنغافورة بنفوذ قوي في بلاده بعد أن ترك منصب رئيس الوزراء وهو يقدم النصح لجميع من أتوا بعده.
وقال المحلل السياسي ادوارد بوليتاييف «يمكن في الواقع المقارنة مع سنغافورة»، مشيراً أيضاً إلى نموذج ماليزيا حيث ينتخب ملك كل خمس سنوات من قبل مجلس مؤلف من تسعة سلاطين.
واعتبر أن النظام السياسي يستلهم من تجارب جنوب شرق آسيا بدون التخلي عن بعض المبادئ الغربية، إذ إن الديمقراطية على الطراز الأوروبي تبقى الهدف المعلن للنظام في كازاخستان.
وأضاف المحلل «في نظري إن النموذج السياسي هنا يتجه نحو مزيج من العناصر الأوروبية المستوردة مع خصوصيات داخلية لآسيا».
العدد 2808 - الجمعة 14 مايو 2010م الموافق 29 جمادى الأولى 1431هـ