إضافة إلى الاعتداءات التي تعرضت لها المنشآت الإسلامية في هولندا عقب مقتل المخرج الهولندي ثيو فان جوخ، فإن الحدث فجر حربا كلامية بين الرباط وأمستردام.
بداية هذه الحرب كانت بتوقيع فريتش بولكشتاين المفوض الأوروبي الهولندي المكلف بالسوق الداخلية والضرائب والاتحاد الجمركي الذي ذكر «أن المغرب يتحمل المسئولية الكاملة في الاغتيال الشنيع الذي تعرض له المخرج السينمائي الهولندي ثيو فان غوخ» في الثاني من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، متهما الرباط بالتقصير في لجم الجماعات المتطرفة من جهة، ومبديا من جهة ثانية شكوكا إزاء انخراط المغرب في مكافحة الإرهاب الدولي.
الرد المغربي لم يتأخر إذ صرح الطيب الفاسي الفهري الوزير المنتدب في الخارجية يوم الأربعاء أن «المغرب يرفض بقوة التصريحات الصادرة عن فريتس بولكشتاين»، معتبرا تصريحاته بأنها أحكام غير مقبولة.
وردا على سؤال حول شكوك المفوض الأوروبي الهولندي إزاء انخراط المغرب في ميدان مكافحة الإرهاب، قال الطيب الفاسي الفهري إن المملكة «لا يمكنها إلا أن ترفض بقوة تصريحات من هذا القبيل». ليتساءل الرجل الثاني في الخارجية المغربية «كيف يمكن لبولكشتاين، عضو المفوضية الأوروبية، تجاهل الموقف الثابت والحازم للمملكة حول الإرهاب والتزامها الراسخ والجلي في هذا الميدان الذي يظل موضوع حوار معمق ومجد مع الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء به؟»، وأضاف كيف يمكن للمفوض الأوروبي «تجاهل كون هذه الآفة تتجاوز الجنسيات باعتبارها تهديدا شاملا؟».
وتساءل أيضا «كيف يمكن لبولكشتاين نسيان أن المملكة المغربية كانت هي نفسها، يوم 16 مايو/ أيار 2003 ضحية للإرهاب الأعمى الذي حاول من دون جدوى المس بمشروعها المجتمعي؟».
وفي نبرة هجومية قال المسئول المغربي «كيف يمكن له التظاهر بكونه يجهل أن القاتل المفترض للمخرج فان غوخ، ولد ونشأ بهولندا، إذ مازال يقيم لحد الآن؟ لقد كان حريا ببولكشتاين، عوض البحث عن أكباش فداء خارجيين، أن يقدم مساهمة مجدية في التفكير حول أهداف وشروط وفعالية نظام اندماج الجاليات الأجنبية وخصوصاً على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وكذا التربوي» مضيفا أنه كان عليه أيضا أن «يتساءل عن أسباب تطور إسلام راديكالي غريب عن ثقافة وقيم المغرب على الأراضي الهولندية»، قبل أن يضيف «لقد عاشت الجالية المغربية المقيمة في هولندا وكما هو الشأن في غيرها من البلدان في انسجام وتفاهم مع مختلف مكونات المجتمع الهولندي».
وفي رد على ما يبدو على الاعتداءات التي تعرضت لها منشآت إسلامية ولوضع الجالية المغربية عقب مقتل فان غوخ ذكر الفاسي الفهري «إن الجالية المغربية تعيش قلقا كبيرا نتيجة مواقف غير مسئولة لبعض المسئولين السياسيين الهولنديين التي غذتها وسائل الإعلام الهولندية التي لجأت وهي تؤكد أصول القاتل إلى مقاربات تبسيطية واختزالية تستهدف تحميل الجالية المغربية برمتها مسئولية تصرفات جانحة وإجرامية لواحد من أفرادها»، معتبرا أن «الحكمة وكذا الرغبة في الحفاظ على التعايش الآمن بين مختلف الجاليات واحترام حقوقها الأساسية تملي على كل الجهات المسئولة في هولندا على مختلف المستويات ضرورة السهر على تفادي كل خلط بين الإسلام والإرهاب الذي يتسبب في خلق أزمات بين الجاليات».
حرائق تستهدف منشآت إسلامية
وعقب الإعلان عن مقتل المخرج ثيو فان غوخ أضرم مجهولون ملثمون النار في مدرسة إسلامية في مدينة اودن بجنوب هولندا يوم الثلثاء الماضي ما خلف أضرارا جسيمة بالمبنى. ونقلت وسائل الإعلام عن رئيس بلدية المدينة قوله إن العبارات التي كتبت على الجدران تربط الاعتداء العنصري بمقتل المخرج السينمائي ثيو فان غوخ قبل أسبوع.
وقال يوك كيرستن للتلفزيون الهولندي الحكومي إن مجهولين كتبوا على جدران المبنى «ثيو ارقد بسلام». وأشار إلى أن كل شيء يدل على أن الحريق كان عملا متعمدا وقال «لا تندلع النيران في مدرسة فجأة».
وقبل ذلك بيومين ذكرت وكالة الأنباء الهولندية أن انفجارا وقع في مدرسة للمسلمين في مدينة ايندهوفن بالجنوب الشرقي لهولندا من دون أن يسبب ضحايا بينما رأت الشرطة أنه قد يكون مرتبطا بقتل المخرج فان غوخ.
وتسبب الانفجار في وقوع أضرار جسيمة عند مدخل المدرسة وفي تكسر زجاج بعض المنازل المجاورة. وقال رئيس بلدية ايندهوفن ألكسندر ساكرز للإذاعة العامة في أمستردام إن الانفجار لم يسبب ضحايا لكن «الجميع في الحي مصدومون». وأضاف أن «كل أماكن العبادة الخاصة بالمسلمين تخضع لمراقبة مشددة منذ اغتيال ثيو فان غوخ لكن المراقبة ستتعزز».
يذكر أن المخرج الهولندي ثيو فان غوخ البالغ من العمر 47 عاما، طعن أولا ثم قتل بالرصاص في أحد شوارع امستردام في الثاني من نوفمبر. وبحسب أجهزة الأمن الهولندي فإن القاتل المفترض يحمل الجنسيتين الهولندية والمغربية. وبعد انتهاء التحقيقات الأولية بعد مقتله أحرقت جثة المخرج ثيو الذي عرف بمهاجمته المستمرة للدين الإسلامي وأتباعه من خلال أعماله
العدد 800 - السبت 13 نوفمبر 2004م الموافق 30 رمضان 1425هـ