أكد عضو لجنة المركز العربي للشركات العائلية ورئيس مجموعة المشعل العالمية يوسف حامد المشعل أن الشركات العائلية في الدول العربية تمثل العصب الرئيسي لاستثمارات وأعمال القطاع الخاص لأنها تمتص أعدادا كبيرة من العمالة وتمد السوق بكميات مقدرة من السلع الاستهلاكية، إضافة إلى أنها تستوعب قدرا كبيرا من الادخارات الوطنية وتسهم بنسب مقدرة في التجارة الخارجية.
وقال المشعل في ورقة قدمها بدعوة من مركز الدراسات وتنمية الشركات العائلية في جمهورية الهند عن «المسائل التنظيمية للشركات العائلية» في الملتقى الآسيوي للشركات العائلية في مدينة بومبي بالهند: «إن تعرض هذه الشركات أو بعضها للانتكاسة أو الفشل لا يؤثر فقط على أصحابها، وإنما سينعكس سلباً على المجتمع برمته. كما أن الظروف الدولية الحالية ومستقبلها سيجعل أوضاع تلك الشركات في مواجهة أخطار الانهيار إذا لم تلائم نفسها مع متطلبات الظروف المستجدة».
وقال المشعل: «إن المتتبع لمسيرة الشركات العائلية في آسيا عموماً والدول العربية خصوصاً وفي الأخص منطقة الخليج العربي يجد أن هذه الشركات تشغل الجزء الأهم من القطاع الخاص، وان حسن أداء القطاع الخاص والقيام بوظائفه الاقتصادية و الاجتماعية إنما يتوقف على حسن أداء الشركات العائلية».
وأشار إلى أن تنظيم هذا القطاع يتوقف على مناح ثلاثة أما الأول فتكمن في ذاته، أي على الشركات أن تضع قواعد منظمة لنشاطها ذاتها. بمعنى، أن يكون لكل واحدة من هذه الشركات نظامها الأساسي الذي تسير وفقه وتنظم نشاطها على أساسه، لا أن تبقى خاضعة للآلية التقليدية وهي إرادة صاحبها فقط وهواجسه وأهواءه. والثاني مع بعضه بعضاً، إذ لابد من وضع إطار مؤسسي ينظم علاقاته بعضها ببعض وعلاقاته ككيان مؤسسي متكامل مع الحكومة.
وقال: «إن الغرف المهنية (تجارية، صناعية، زراعية) تؤدي دورا ما في هذا السياق إلا أنها لم ترق إلى المؤسسة القائدة والموجهة والمراقبة بشكل صحيح وفاعل».
ولخص المشعل المنحى الأخير في مسألة تنظيم نشاط قطاع الشركات العائلية مع العالم الخارجي استيرادا وتصديرا، في وقت مازال يعتمد فيه، في هذا المجال، على الحكومة، خصوصاً في مجال توفير الحماية من المنافسة الخارجية، ما يولد الميل لدى الكثير من وحدات القطاع الخاص نحو الحفاظ على المكتسبات التي تحققها من الحماية وتقاوم التحرير الاقتصادي مفضلة التدخل الإداري للحكومة على نظام السوق، وتفضل الانعزال على الاندماج في الاقتصاد العالمي والمنافسة الدولية.
ونوه بأن ما يطرح الآن من صيغة لتحول الشركات العائلية إلى شركات مساهمة، لما تحقق هذه الصيغة من متطلبات التطوير من جهة وتعبئة الادخارات المحلية باتجاه تكوين كيانات اقتصادية كبيرة قادرة على المنافسة في السوق من جهة ثانية ولما يضمن في الوقت نفسه صوغاً جديداً للإدارة يقوم على مبدأ الفصل بين الملكية و الإدارة.
وقال: «غير أن واقع الشركات العائلية وتمسكها بمكاسبها من جهة وواقع الشركات المساهمة وضعف الثقة فيها من جانب آخر ربما يقف حجر عثرة أمام تحويل الشركات العائلية إلى شركات مساهمة وذلك لأسباب كثيرة أهمها فقد العائلة لـ «الوضع الاجتماعي المتميز» بسبب ملكيتها للشركة من جهة، و التخوف من سيطرة الغير على إدارة الشركة وإقصاء العائلة عن مكتسبات تحققت بفضل جهود العائلة عبر سنين طويلة، لذلك يصبح من الضروري البحث عن صوغ أكثر ملاءمة للشركات العائلية يزيل مخاوفهم من جهة ويحقق طموحاتهم من جهة ثانية ويلبي متطلبات التطوير وفق الظروف المستجدة».
وطرح المشعل في ورقته شركة المساهمة الخاصة، إذ إن هذا البديل يتمتع بمزايا الشركة المساهمة من جهة ويلبي رغبات العائلة من جهة ثانية، فشركة المساهمة الخاصة ينقسم رأسمالها إلى قسمين، القسم الأول على شكل حصة أو حصص تخص الشريك أو الشركاء المتضامنين، والقسم الثاني على شكل أسهم تطرح للبيع للجمهور وفق قواعد الشركات المساهمة.
وقال: «إن هذه الصوغ يكفل أمرين معا، الأول وهو فصل الإدارة عن الملكية، والثاني الحق المتميز للشريك المتضامن في الرقابة غير المباشرة على الإدارة. وفي هذا الصوغ يتولى إدارة الشركة، كما في شركة التضامن، مدير أو أكثر متمثل بالشركاء المتضامنين أو أحدهم أو بشخص من غير المساهمين. ويتولى الإدارة الشخص المعين في النظام الأساسي، فإذا خلا من نص بهذا الخصوص يتولاها من تنتخبه الجمعية العامة العادية بموافقة أكثرية الشركاء المتضامنين كما في شركات التضامن، ويعزل المديرون بالأسلوب نفسه. ولا تختلف صلاحيات المديرين عن صلاحياتهم في شركة التضامن على أن القانون أخضعهم للالتزامات والمسئوليات المدنية والجزائية التي يخضع إليها أعضاء مجلس الإدارة في الشركة المساهمة. كما تخضع مالية الشركة لأحكام الشركات المساهمة نفسها مع مراعاة ما يتضمنه النظام الأساسي من قواعد تتناول حصة الشركاء المتضامنين من الأرباح ومسئولياتهم عن الخسائر.
وتخضع حسابات الشركة إلى المراقبة والتحقيق من قبل مفتشي الحسابات الذين ينتخبهم الشركاء المساهمون، فبهذا الصوغ تضمن رقابة كل من النوعين من الشركاء: المتضامنين والمساهمين، بل ويعطى المتضامنون مساحة أوسع في هذه الرقابة على اعتبار أنه يعطى المتضامنون حق «النقض» لقرارات الجمعية العامة عندما تخضع هذه القرارات لموافقة الشركاء المتضامنين». وأكد المشعل أن تحسين تنظيم القطاع الخاص في المناحي الثلاثة السالفة الذكر يتطلب بذل الجهود من جانب الحكومات لتعزيز دور القطاع الخاص وتعزيز فاعلية الحكومة في رسم وتنفيذ السياسات الاقتصادية المختلفة مع الأخذ في الاعتبار المساهمة الفعلية من قبل القطاع الخاص في رسم تلك السياسات بناء على الإطار المؤسسي الذي ينظم علاقته ببعضه بعضاً ومع الحكومة، فقضية الشركات العائلية هي مسألة تستوجب الوقوف عندها ومعالجتها بدقة متناهية لأنها مسألة تثير حساسية خاصة. فأموال العائلة شأنها شأن أي مال خاص، خائفة وجلة دائما من أي تصرف حكومي تجاهها، ولكنها في الوقت ذاته تتعرض لأخطار من أصحابها أنفسهم إذا لم يحسنوا إدارتها. وقال: «لذلك فإن قضية إدارة هذه الاستثمارات وترشيد إداراتها يعتبر جزءاً لا يتجزأ من قضية إدارة اقتصادات الدول، وحري بدولنا العربية أن تساعد هذه الشركات في إيجاد السبل والوسائل لترشيد إدارة الشركات العائلية ووضع معايير لإداراتها حتى لا تجد نفسها، عندما تبلغ أحجاما معينة، لا تقوى على متابعة التطوير ومن ثم تنحدر نحو الانهيار».
ودعا المشعل مالكي الشركات العائلية العربية إلى الانتباه والتجاوب مع وسائل التطوير مع الإقلاع عن التمسك بالقديم وقيمه وبمقولة «من حكم في رزقه ما ظلم» لأن الحكم بلا دراية سيضيع المال ويفسد الحكم
العدد 804 - الأربعاء 17 نوفمبر 2004م الموافق 04 شوال 1425هـ