استنكر رئيس المجلس البلدي في المحافظة الشمالية مجيدالسيد علي ما يجري في منطقة «الحزام الأخضر»، مشيراً إلى أن المنطقة الجنوبية الغربية في السهلة تعرضت لاعتداء جائر إذ تم تجريف ما تبقى من آثار البساتين على حين غرة يوم الجمعة الماضي. وقال السيد علي لـ «الوسط»: «استيقظ الأهالي ليجدوا الأرض التي عهدوها خضراء، خاوية على عروشها، وكأن النخيل والأشجار كانت حلماً مر مرور الكرام». واستغرب حدوث هذا الأمر في الوقت الذي تم فيه إصدار قوانين تمنع مس هذه المنطقة، موضحاً أن المجلس البلدي في الشمالية لا يعلم بما يجري، كما أشار إلى أنه اتصل بالجهات المعنية في وزارة شئون البلديات والزراعة ليستفسر عن الأمر، إلا أن الوزارة لم تكن تعلم بما جرى. وتساءل السيد علي: «من يمتلك حقوق القفز على القوانين، ولماذا نمرر القوانين على المواطن العادي بينما يلهو المتنفذون كيفما يحلو لهم».
ومن جانبه كشف وزير شئون البلديات والزراعة محمد علي الستري عن اتجاه الحكومة إلى إعادة النظر في الحزام الأخضر وتشريعاته، ووضعه تحت قيد الدراسة وبشكل جدي من أجل تطويره ومن أجل أن «يكون حزاماً أخضر فعالاً ومساهماً في التنمية الاجتماعية والاقتصادية».
وأكد الستري أن تشريعات الحزام الأخضر ظلت تحتفظ به من دون أي تغيير ما نتج عن ذلك تدهوره وتحوله إلى بقع صفراء بسبب شح المياه وتدهور التربة، مؤكداً أن الرؤية الجديدة هي جعل الحزام الأخضر يتناغم مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
الجفير - هاني الفردان
قال وزير شئون البلديات والزراعة محمد علي الستري إن قضية الحزام الأخضر في المملكة قيد الدراسة لإعادة النظر فيه بشكل جاد من أجل تطويره من أجل أن يكون حزاماً أخضر فعالاً ومساهماً في التنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وكشف الستري عن ان تشريعات الحزام الأخضر التي ظلت تحتفظ به من دون أي تغيير ستخضع إلى إعادة النظر أيضاً نتيجة تدهور الحزام الأخضر وتحوله إلى بقع صفراء بسبب شح المياه وتدهور التربة، مؤكداً ان الرؤية الجديدة هي جعل الحزام الأخضر يتناغم مع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
كما كشف الستري عن قيام وزارة البلديات بإعداد الدراسات الاستراتيجية لتطوير المناطق التراثية ودراسة المناطق المتاخمة لها، وإصدار التشريعات العمرانية المحفزة لتطويرها وتنميتها، من دون الإخلال بجمالياتها البصرية والحضرية والثقافية، وذلك من خلال حصر المباني التراثية في مختلف المناطق، وذلك بمشاركة المجالس البلدية والأجهزة التنفيذية، مؤكداً ان هذه المباني هي المعالم الأساسية لحضارتنا المعمارية والثقافية، وان بعض هذه المباني سيتم تحويلها إلى مقاصد سياحية.
وقال الستري إن المرحلة الأولى من هذه الدراسة ستنتهي خلال العام 2005 وذلك بعد أن أعطت لجنة الأعمال والإسكان توصياتها بمتابعة الدراسة.
ويأتي ذلك في ظل المطالبات البلدية والبيئية الكثيرة التي دعت إلى أهمية إعادة دراسة الحزام الأخضر وتحديد حدوده ومواقعه بما يتناسب مع الواقع الحالي، واستثمار المناطق التي تغير واقعها عما كانت عليه في السابق بدلاً من بقائها على الوضع الحالي، والعمل على وضع القوانين الملزمة للحفاظ على المساحات الخضراء الموجودة حالياً، من خلال قوانين لحماية المساحات الخضراء الموجودة وإعادة النظر في الحزام الأخضر الذي يحتوي على أراض ليست زراعية، وإفساح المجال أمام المستثمرين لاستثمارها بشكل أفضل من خلال تقنين الاستثمار في أن تكون منتجعات ومنتزهات ومشروعات بها مساحات خضراء.
وجاء تصريح الستري على هامش المؤتمر الدولي الأول بشأن «التراث والعولمة والبيئة العمرانية» والتي تنظمها وزارة شئون البلديات والزراعة وجامعة البحرين وجمعية المهندسين البحرينية برعاية الستري صباح أمس بفندق الخليج.
وقال الستري في كلمته الافتتاحية للمؤتمر إن الساحة الفكرية منذ نهاية الثمانينات تشهد جدلاً مستمراً، بشأن العولمة، حتى تشكلت رؤى وأطر فكرية متباينة لمقاربة هذه الظاهرة الراهنة وتفهم ديناميكيتها، وتأثيراتها وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على الدول والمنظمات والشعوب.
ودعا الستري الجمعيات المهنية إلى ان تحذو حذو جمعية المهندسين في دراسة العولمة بحسب اختصاصاتها، بل كل الهيئات، والمنظمات والمؤسسات من حكومية وخاصة مدعوة إلى دراسة تأثيرات واقع العولمة وكيفية التعامل الايجابي مع معطياتها، للاستفادة من فرصها، والحد من مخاطرها.
وأشار الستري إلى ان الحكومة البحرينية تبنت نظام اللامركزية في إدارة الشئون العمرانية من خلال المشاركة الشعبية في القرارات وفق نظام البلديات المحلية ومجالسها البلدية المنتخبة، والتي عهد وزارة البلديات الإشراف على شئونها وتقديم الخدمات والدعم لها لتعزيز خيار اللامركزية الإدارية والمشاركة الشعبية.
وأكد الستري ان الحكومة قررت الانضمام إلى عدد من الاتفاقات الدولية، كاتفاقات منظمة التجارة الدولية، ومنظمة الويبو بشأن حقوق الملكية الفكرية والإبداعية للمؤلف، وأصدرت الأنظمة والقوانين التي تسمح للأجانب بتملك العقار والاستثمار، كما ان هناك جهوداً مستمرة للتعاون الإقليمي والعربي والدولي في خلق الأسواق الحرة، وأسواق البورصة وإعادة التامين.
ورأى رئيس جمعية المهندسين البحرينية محمد خليل السيد ان المؤتمر يشكل إضافة نوعية للمؤتمرات الكثيرة التي تنظمها الجمعية، وخصوصاً مع وجود دعوات المحافظة على الهوية والهوية المعمارية والمحافظة على التراث المعماري والطابع المعماري للأبنية والمساكن.
وقال السيد إن منطقة الخليج شهدت في الأربعين عاماً الماضية، حركة عمرانية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة وتحديث كبير لمدنها وبنيتها التحتية، ساهم فيها المهندسون والمعماريون، وأصبحت مدن الخليج العربي - نتيجة الثروة النفطية وبرامج التنمية - من أحدث مدن الشرق الأوسط، إلا ان هذه النهضة العمرانية صاحبتها أيضاً ظواهر سلبية تمثلت في سوء تخطيط المدن، وفي استيراد نماذج معمارية غير مناسبة للبيئة الخليجية، واستخدام لا تناسب المناخ السائد، واندثار الكثير من الأبنية التراثية، وضعف الهوية المعمارية الخليجية.
وأكد السيد أن النهضة العمرانية التي تشهدها المنطقة تضع على عاتق الجمعيات الهندسية الخليجية مهمات كبيرة تتمثل في المساهمة في التخطيط العمراني السليم للمدن، وفي تأسيس وتأصيل الطابع المعماري المحلي مع الاستفادة من جميع الأدوات التي توفرها العمارة الحديثة وعدم الانغلاق والانزواء عن التيارات المعمارية العالمية.
ومن جانبه تطرق رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر مسعود الهرمي إلى تفاصيل جلسات المؤتمر والذي سيتحدث فيها ممثلون من مختلف التخصصات والمدارس الفكرية ويمتلكون خبرات طويلة ومتنوعة في مجالات العمارة والتنمية العمرانية والحفاظ المعماري.
وأشار الهرمي إلى ان المؤتمر سيعقد على هيئة ست جلسات عمل تناقش محاور المؤتمر الرئيسية، وهي البيئة العمرانية في عصر العولمة وتوجيه اللاتوازن والانحراف والترويج للتراث في عصر أصبح كقرية صغيره، وكذلك من خلال 35 ورقة مقدمة من قبل باحثين وخبراء من المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية ومختلف دول العالم.
الوسط - عبدالله الملا
يتساءل الكثير من المعنيين بالشأن البلدي والكثير من المواطنين عما يجري في منطقة الحزام الأخضر... هذه المنطقة التي يحلو للبعض أن يسميها «المنطقة المحرمة»، وبمعنى آخر المنطقة التي لا يسمح لملاك الأراضي فيها حتى بتسويرها أو العبث فيها لحين اتخاذ إجراء نهائي بشأنها.
ويلح تساؤل آخر يجرنا إلى متاهات لا نعرف عنها شيئا، ففي الوقت الذي تخصص فيه الدولة مبالغ ضخمة وخيالية لتأهيل المنطقة، نرى الجرافات تلهو وتلعب كيفما تشاء في المنطقة. فلم تصرف هذه التكاليف على منطقة كتب عليها الهلاك؟ ولماذا يمنع الناس من التصرف في أراضيهم الملاصقة لبيوتهم حتى من التسوير أو العبث ولو بشيء بسيط؟
الحدث كان يوم الجمعة الماضي، وبينما كان أهل السهلة نيام بالمنطقة الأكثر اخضرارا، بل ومنبع الحزام الأخضر إذ ان عين عذاري هي النقطة المركزية للحزام... إذا بالجرافات تزيل ما تبقى من جمال المنطقة في غمضة عين، وكأن النخيل والنباتات والأرض الخضراء كانت حلما عابرا... ياترى من المسئول عن إزالة هذه البقعة الجميلة؟ ويا ترى من يتمكن من تجاوز القانون الذي نص بالحرف الواحد على عدم التعدي على هذه المنطقة... والأدهى والأمر من ذلك كله، أن هذا يحدث من وراء الكواليس، فلا المجلس البلدي في المحافظة الشمالية يعلم بما يجري، ولا الوزارة المعنية وهي وزارة شئون البلديات والزراعة تعلم بالموضوع... يقول رئيس المجلس البلدي في المحافظة الشمالية مجيد السيد علي: «استيقظ أهالي السهلة، وإذا بالمنطقة الواقعة في الجهة الجنوبية الغربية وهي منطقة مصنفة على أساس أنها إحدى أجزاء «الحزام الأخضر»، مجرفة والأرض المخضرة أصبحت صحراء قاحلة... الإشكال ليس في الفعل وحده وهو أمر لا نختلف عليه، ولكن الإشكال القائم والذي يعقد المسألة أكثر وأكثر، أن الجهات المعنية وضعت خططا كثيرا لتطوير هذه المنطقة، وصرفت مبالغ كبيرة جدا لهذا الغرض، وخصوصا في المنطقة التي جرفت التي تعتبر منبع الحزام الأخضر... إذ تمت المصادقة على مشروع معالجة مياه الصرف الصحي على أن تستخدم لإحياء هذه المنطقة، ووصلت المياه فعلاً وكانت الأمور تسير على ما يرام، ولكن وفي ليلة وضحاها اختفت المساحة الخضراء ولا نعلم من المسئول عن ذلك».
يستدرك السيدمجيد و«لقد اتصلنا بالجهات المعنية في وزارة شئون البلديات والزراعة، والمسئولين في الجهات كافة، ولكن لا أحد يعلم بما يجري... ما فائدة القرارات التي اتخذت بوقف أي نشاط في هذه المنطقة، هل يطبق القرار على الناس العاديين الذين يمتلكون أرضاً ولا يستطيعون التصرف بها. وشخصيا لا أستبعد أن تتحول المنطقة مستقبلا إلى منطقة فنادق».
من جهة أخرى، بدا الاستياء جليا على وجوه الأهالي في المنطقة، فيشير الحاج أحمد إلى أن هذه المنطقة هي كل ما تبقى من المساحة الخضراء، وإذا تم إزالتها فما الداعي لإطلاق مسمى الحزام الأخضر فالمنطقة تحولت إلى أرض لا تنبض بالحياة أليس من الأفضل أن نسميها الحزام «الأملح»، ولماذا يحرم الأهالي من استغلال أراضيهم الواقعة في هذه المنطقة بحجة أن الدولة تسعى إلى استثمار هذه الأراضي عبر إعادة الحياة إليها بعد أن سلبت منها.
وقال: «إن أيام النخيل والبساتين ذهبت ولن تعود، ومن الأفضل أن تفكر الدولة في حل آخر لهذه الأراضي وأن تترك لنا حرية استغلالها... نحن لا ننكر أن الدولة فعلت الكثير لإحياء الأرض، وفعلاً وصلت المياه إلى بعض مناطق الحزام، ولكن هناك متنفذين لهم الصلاحية في القفز على قرارات الوزارات، والأمر أن لا أحد يتمكن من فعل شيء حيال هذا الأمر... لنسكت ولنترك الأمور تجري كما هي فالعين (بصيرة واليد قصيرة)...».
في البداية جفت عذاري، ولم تعد تسقي لا البعيد ولا القريب وجفت معها المعالم والمناظر الخلابة، وأصبحت العين مجرد حكاية تروى إلى الأحفاد ولم يتبق منها إلا مظهرها الخارجي الذي اختفى أخيرا مع بقية المعالم... وغير بعيد عن العين الأم، جفت «السيبان» التي تقطع قرية عذاري لتصبح حكاية أخرى ومشهد آخر نتباكى عليه لتتحول إلى مكب للمخلفات ووكر إلى البعوض والفئران... وتتواصل التراجيديا لتنتهي - وربما لن تكون مجرد نهاية- بتجريف آخر الدلائل والمعالم التي احتفظت بها أجمل منطقة في المملكة وتتحول جنات البساتين إلى صحار خاوية، وأراض بالية وتتحول العيون إلى معالم معطلة، فلا الرسم يدل على الاسم ولا الاسم يدلل على الرسم، وهنا تنتهي الحكاية!!
العدد 823 - الإثنين 06 ديسمبر 2004م الموافق 23 شوال 1425هـ