العدد 826 - الخميس 09 ديسمبر 2004م الموافق 26 شوال 1425هـ

«الشفافية» و غرفة التجارة ... يداً بيد لمواجهة الممارسات الفاسدة

البحرين تحتفل بـ «اليوم العالمي لمكافحة الفساد »...

صادف أمس التاسع من ديسمبر/ كانون الأول اليوم العالمي لمكافحة الفساد المقر من قبل منظمة الامم المتحدة وهو يصادف اليوم الذي دشنت فيه المنظمة الاتفاق العالمي لمكافحة الفساد في العام 2003. وهي أول مرة يتم فيها الاحتفال بهذا اليوم.

واحتفالاً بهذه المناسبة اقامت الجمعية البحرينية للشفافية بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة البحرين صباح أمس حلقة حوارية تحت عنوان «يداً بيد ضد الفساد» تحدث فيها مجموعة من أعضاء مجلس النواب وعدد من أعضاء مؤسسات المجتمع المدني إلى جانب شخصيات من القطاع الخاص بشأن أهمية تصديق البحرين على اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والخطوات التي يجب اتخاذها لترجمة الالتزامات المترتبة على البحرين بعد التصديق على الاتفاق.

وتحدث في بداية الحلقة أمس رئيس الجمعية البحرينية للشفافية جاسم العجمي الذي سلط الضوء على مظاهر الفساد والتي وصفها بمجموعة من السلوكيات التي يقوم بها بعض ممن يتولون المناصب العامة وعلى رأسها الرشوة من خلال الحصول على أموال أو منافع أخرى من أجل تنفيذ عمل أو الامتناع عن تنفيذه مخالفة للأصول، والمحسوبية والمحاباة بحيث يتم تفضيل جهة على أخرى في الخدمة بغير حق للحصول على مصالح معينة والواسطة ونهب المال العام كالحصول على أموال الدولة والتصرف بها من غير وجه حق تحت مسميات مختلفة الابتزاز.

آليات مكافحة الفساد

أوجز العجمي في الورقة التي قدمها في الحلقة آليات مكافحة الفساد من خلال المحاسبة وهي خضوع الأشخاص الذين يتولون المناصب العامة للمساءلة القانونية والإدارية والأخلاقية عن نتائج أعمالهم والمساءلة على اعتبار أنها واجب المسئولين عن الوظائف العامة سواء كانوا منتخبين أو معينين وتقديم تقارير دورية عن نتائج اعمالهم ومدى نجاعتهم في تنفيذها وكذلك حق المواطنين في الحصول على المعلومات اللازمة عن أعمال الإدارات (أعمال النواب والوزراء والموظفين العموميين) حتى يتم التأكد من أن عمل هؤلاء يتفق مع القيم الديمقراطية ومع تعريف القانون لوظائفهم ومهماتهم وهو ما يشكل أساساً لاستمرار اكتسابهم للشرعية والدعم من الشعب.

وأشار العجمي إلى أهمية الشفافية كإحدى آليات مكافحة الفساد وهي وضوح ما تقوم به المؤسسة ووضوح علاقتها مع المواطنين (المنتفعين من الخدمة أو مموليها) وعلنية الإجراءات والغايات والأهداف، وهو ما ينطبق على أعمال الحكومة كما ينطبق على أعمال المؤسسات الأخرى غير الحكومية. وأيضاً النزاهة التي تعتبر منظومة القيم المتعلقة بالصدق والأمانة والإخلاص والمهنية في العمل، مشيراً إلى التقارب بين مفهومي الشفافية والنزاهة، فإن الثاني يتصل بقيم أخلاقية معنوية، بينما يصل الأول إلى شكل النظم والإجراءات العملية.

وتطرق العجمي إلى اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بالقول: «إن اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد هو نتاج مفاوضات دولية صعبة دامت لأكثر من 3 أعوام في كنف الأمم المتحدة، ونتج عنها الاتفاق الدولي لمكافحة الفساد الذي وُقِّع في المؤتمر الدولي الذي عقد في «مرندا» في المكسيك في العام 2003.

وأضاف: «ويعتبر هذا الاتفاق امتداداً لاتفاقات جماعية كثيرة أبرمت خلال عقد التسعينات، منها اتفاق البلدان الأميركية لمكافحة الفساد المعتمد في مارس/ آذار العام 1996، واتفاق مكافحة الفساد بين موظفي الجمعيات الأوروبية أو موظفي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المعتمد في مايو/ أيار 1997، واتفاق مكافحة رشوة الموظفين العموميين الأجانب في المعاملات التجارية الدولية المعتمد في نوفمبر/ تشرين الثاني 1997، وغيرها من الاتفاقات المتعلقة بمكافحة الفساد».

وأشار العجمي إلى أن الاتفاق قدم لائحة من الأفعال الجرمية التي يجب على أية هيئة بحرينية مكلفة بدراسة بنودها أن تأخذها في الاعتبار، لتحديد الثغرات القانونية التي يجب تفاديها ضمن منظار تعديلي لا يشل تطور الأعمال.

وعن الوقاية وموجباتها قال العجمي: «إن نص الاتفاق على مواد تلزم الدول التصديق عليها بوضع وتنفيذ سياسات فعالة لمكافحة الفساد تعزز مشاركة المجتمع وتجسد مبادئ سيادة القانون وحسن إدارة الشئون والممتلكات العمومية والنزاهة والمساءلة فضلاً عن ضرورة إجراء تقييم دوري للنصوص القانونية والتدابير الإدارية ذات الصلة بغية تقرير مدى كفايتها لمنع مكافحة الفساد».

وبشأن الخطوات المطلوبة التي يجب اتخاذها لمكافحة الفساد، أشار العجمي إلى أهمية تشكيل لجنة وطنية عليا تمثل فيها مؤسسات الدولة ذات العلاقة، بالإضافة إلى القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني التي يناط بها صوغ استراتيجية متكاملة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة في مؤسسات المجتمع.

فيما اعتبر العجمي أن استراتيجية محاربة الفساد تتطلب استخدام وسائل شاملة ومتواصلة ومتنوعة، منها فصل السلطات بشكل عملي وسيادة القانون من خلال خضوع الجميع للقانون واحترامه والمساواة أمامه وتنفيذ أحكامه من جميع الأطراف. وتعديل الدوائر الانتخابية بما يضمن العدالة بين الأصوات الانتخابية، وعدم وصول نواب الخدمات إلى مقاعد مجلس النواب. وإلزام المتنافسين على مقاعد المجالس البلدية ومجلس النواب بالإفصاح عن حجم كلفة الحملات الانتخابية مع تحديد الحد الأقصى لكلفة الحملات الانتخابية كذلك تأسيس هيئة مستقلة لمكافحة الفساد تشرف على تنفيذ هذه السياسات وتعزيز استقلالية السلطة القضائية وتقويتها. وتفعيل القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد على جميع المستويات، كالإفصاح عن الذمم المالية لذوي المناصب العليا، وقانون الكسب غير المشروع، وتطوير الأجهزة الرقابية، والمساءلة للهيئات التشريعية من خلال الأدوات البرلمانية، والتركيز على البُعد الأخلاقي في محاربة الفساد، وإعطاء الحرية للصحافة وتمكينها من الوصول إلى المعلومات ومنح الحصانة للصحافيين للقيام بدورهم بنشر الحقائق، ما يتطلب تعديل قانون الصحافة والنشر في ملاحظات العاملين في المؤسسات الإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني. أيضاً تنمية دور المواطن في مكافحة الفساد من خلال برامج توعية بهذه الآفة ومخاطرها، ورفع مستوى الشفافية في الموازنة العامة للدولة من خلال الإفصاح الفصلي للإيرادات المحصلة ومصادرها وجميع أوجه صرفها بما فيها جميع الموازنات الملحقة الفرعية. ونشر الموازنات والتقارير الفصلية والسنوية للشركات التي تمتلك الدولة 50 في المئة وأكثر من رأس مالها.

مساندة بيوت الخبرة

كما تحدث في الحلقة الحوارية النائب فريد غازي عن أهمية مساندة بيوت الخبرة إلى العمل البرلماني لإعطاء المشورة والمعرفة نحو تحقيق أي هدف منشود. مركزاً على أهمية إجراء تعديلات على بعض المواد القانونية التي بموجبها يتم عمل مجلسي النواب والشورى والتي تعتبر أحد عوائق عمل المجلسين، منها المادة 45 من قانون عمل مجلسي النواب والشورى.

وقال غازي: «يجب ألا يفترض وجود مواطن للفساد، وبالتالي يتوجب حمايتها. لابد من وجود شفافية وحرية فيما بين الجهاز التنفيذي والجهاز التشريعي».

وأضاف: «من حق السلطة التنفيذية أن تحمي نفسها، ولكن من حق المشرعين أن يدخلوا في اللعبة السياسية وأن يغيروا من أدائها وعملها نحو الأفضل».

كما تحدث النائب جاسم عبدالعال عن أهمية الرقابة المالية ودورها الفعّال في الحفاظ على المال العام، معتبراً إنشاء ديوان الرقابة جهازاً فعّالاً نحو ترسيخ سيادة القانون.

وطالب عبدالعال إلى بوجوب تشديد وتفعيل الدور الرقابي لديوان الرقابة المالية لكي يتمكن من القيام بواجباته ومسئولياته بشكل كامل ومراقبة كل المؤسسات والدوائر والمصالح الحكومية.

كما طالب بتطبيق مبدأ الرقابة والمساءلة والعقاب وسيادة القانون على المخالفين والمفسدين وتحويلها إلى النيابة العامة، معتبراً وجود ديوان فعال يحدّ ويشكل رادع لكل من يفكر بالاستفادة من منصبه بصورة غير مشروعة.

المناقصات

كما شارك في الحلقة الحوارية عضو مجلس المناقصات حسن البستكي الذي قدم ورقة للعرض تحدث فيها عن دور مجلس المناقصات في تعزيز الشفافية والحفاظ على المال العام، مستعرضاً الجانب القانوني الذي يشمل قانون المناقصات والمشتريات الحكومية، بهدف حماية المال العام وتحقيق الشفافية.

وقال البستكي: «كما تعلمون أن القانون نص على إنشاء مجلس مستقل للمناقصات، يشكل من رئيس ونائب رئيس يعينون بمرسوم، ويشمل في أعماله جميع الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة والبلديات ومجلسي الشورى والنواب والشركات المملوكة كاملة للحكومة. وبناءً على القانون، فقد منع أي عضو من أعضاء المجلس أو أي شخص يشارك في أعمال المناقصات من المشاركة في إجراءاتها إذا كانت له مصلحة مباشرة في العملية المطروحة».

وأضاف: «كما حضر على المورد أو المقاول القيام بأية أعمال من شأنها التأثير على سير المناقصة، منها التأثير على نتائج المناقصة أو قرار الترسية أو الحصول على معلومات عن المناقصة بطرق غير مشروعة، أو التواطؤ مع المقاولين أو الموردين المشاركين في المناقصة».

وأشار البستكي إلى المهمات التي يقوم بها المجلس من خلال البت في جميع الاستفسارات والطلبات وتسلُّم العطاءات وفتح المظاريف علانية. وتقييم مراجعة واعتماد تقييم العطاءات والإشراف على المناقصات. كما يقوم المجلس بإعداد تقرير سنوي عن أعماله يضم مؤشرات الأداء وينشر في الجريدة الرسمية خلال ثلاثة شهور من تاريخ السنة المالية.

حوكمة الشركات

كما تحدث في الحلقة الحوارية الخبير في شئون حوكمة الشركات صالح حسين الذي سلط الضوء على مسئولية مجلس الإدارة في الشركات، على اعتبار أن الشركات تعتبر أكبر محرك للاقتصاد ومهمات مجلس الإدارة في وضع الاستراتيجيات ومسئولية الإدارة الحسنة والحفاظ على موارد الشركات والتأكد من تطبيق القانون.

وأشار حسين الى أوجه المسئولية التي تندرج إلى متطلبات مهنية، منها الإلمام بمتطلبات العضوية وأخلاق المهنة والمعرفة الفنية ومتطلبات اقتصادية، ومنها المعرفة بالمستجدات الاقتصادية والتأكد من إدارة أموال الشركة بكفاءة، وكذلك المتطلبات الاجتماعية التي تفرض الموازنة بين حاجات الشركة للربحية ومتطلبات المجتمع.

كما تطرق حسين إلى التطورات العلمية في أساليب إدارة الشركة من خلال تغيير موازين القوى فيها ومبدأ العولمة، وإعادة هيكلة الشركات وتحويل التكنولوجيات. مشيراً إلى أهمية الإفصاح والشفافية للحكومات وشركات القطاع الخاص من خلال الإفصاح في التقارير السنوية ودعم عملية الإفصاح والشفافية باعتبارهما عنصرين أساسيين في الإدارة الحسنة.

وعن مبادرة وزارة التجارة في حوكمة الشركات، تحدث مندوب وزارة التجارة حميد رحمة من خلال عرض توجهات الوزارة بوضع جميع السجلات التجارية والقيود والملفات تحت التصرف إلى جانب مبادرة السجل التجاري ووضعه على الشبكة الالكترونية، وإنشاء لجنة حوكمة الشركات تضم ممثلين عن وزارت الدولة ومؤسسة نقد البحرين وممثلين عن القطاع الخاص.

وأشار رحمة إلى الفعاليات التي قامت بها اللجنة المصغرة لحكومة الشركات التابعة لوزارة التجارة ومؤسسة نقد البحرين، إذ إن هناك أكثر من 6000 شركة عاملة في البحرين، بالإضافة إلى الكثير من المؤسسات الفردية والمجتمعية، بهدف الوصول نحو عمل هذه الشركات وفقاً للمعايير المطلوبة المنصوص عليها.

استطلاع

وفي نهاية الحلقة قدم رئيس الجمعية البحرينية للشفافية جاسم العجمي نتائج استطلاع أجرتها منظمة الشفافية الدولية، بشأن أكثر القطاعات مساهمة في انتشار الفساد، واحتلت الأحزاب السياسية المرتبة الأولى، فيما احتلت البرلمانات المرتبة الثانية، وأجهزة الأمن المرتبة الثالثة، أما المرتبة الرابعة فاحتلتها أجهزة القضاء وفي المرتبة الخامسة جاءت دوائر تحصيل الضرائب. واحتل القطاع الخاص المرتبة السادسة، فيما احتلت الجمارك المرتبة السابعة وأجهزة الإعلام المرتبة الثامنة. أما المرتبة التاسعة فكانت للأجهزة الصحية وبعدها التعليمية، ومن ثم البلديات. أما الدفاع والقطاعات العسكرية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية، فاحتلت مراتب الاستطلاع بحسب الترتيب

العدد 826 - الخميس 09 ديسمبر 2004م الموافق 26 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً