يبحث مجلس بلدي المحرق منذ يونيو/ حزيران الماضي عن الأموال التي تبرعت بها أربع شركات كبرى (رعاة رسميون) من أجل تنظيم أسبوع العمل البلدي الذي ينظم سنويا في مايو/ أيار. وقدرت مصادر أن تصل تلك التبرعات إلى ما يزيد على 45 ألف دينار. وعلم المجلس البلدي أن إحدى تلك الشركات تبرعت بمبلغ وقدره 12 ألف دينار لصالح تلك المناسبة، إلا أن المجلس البلدي لا يعلم حتى الآن بإجمالي تلك التبرعات أو أين ذهبت، وهو ما أدى إلى حدوث جدل واسع بين المجلس البلدي والجهاز التنفيذي في بلدية المحرق بشأن تبرعات الرعاة ومصاريف أسبوع العمل البلدي التي لم تتجاوز قيمتها ستة آلاف دينار وزعت كهدايا على الجمهور (قبعات وأقلام وتيشرتات).
الجهاز التنفيذي لبلدية المحرق أكد وجود شركة منظمة للحفل (...) تسلمت زمام جمع التبرعات من الرعاة وصرفها على أسبوع العمل البلدي، وهو الأمر الذي رفضه المجلس البلدي واعتبره مخالفا للقانون وخصوصا أن ذلك لم يتم بالتوافق مع المجلس، ولا يتوافق مع النظم المالية المعمول بها في الأجهزة الرسمية.
الوسط - هاني الفردان
يبحث مجلس بلدي المحرق منذ ثمانية أشهر، وتحديدا منذ يونيو/ حزيران الماضي، وحتى الآن عن الأموال التي تبرعت بها أربع شركات كبرى (رعاة رسميون) من أجل تنظيم أسبوع العمل البلدي الذي ينظم سنويا في مايو/ أيار.
وذلك يأتي بعد أن علم المجلس «بطرقه الخاصة» أن إحدى تلك الشركات تبرعت بمبلغ قدره 12 ألف دينار لصالح تلك المناسبة، وهو ما يعني أن الشركات الأخرى الثلاث المتبقية قدمت تقريبا المبلغ نفسه أو ما يشابه، إلا أن المجلس البلدي في المحرق لا يعلم حتى الآن بقيمة تلك التبرعات ـ قيل إنها تجاوزت 45 ألف دينار بحسب مصادر مطلعة - وإلى أين ذهبت أو في ماذا صرفت. وخلال تلك المدة حدث جدل واسع بين المجلس البلدي والجهاز التنفيذي في بلدية المحرق بشأن تبرعات الرعاة الرسميين والإعلاميين ومصاريف أسبوع العمل البلدي الذي لم تتجاوز قيمتها ستة آلاف دينار وزعت كهدايا على الجمهور كقبعات وأقلام وأقمصة «تيشرتات».
المجلس البلدي في المحرق تفاجأ بحديث الجهاز التنفيذي عن وجود شركة منظمة للحفل (...) تسلمت زمام جمع التبرعات من الرعاة وصرفها على أسبوع العمل البلدي، وهو الأمر الذي رفضه المجلس البلدي واعتبره مخالفا للقانون وخصوصا ان ذلك لم يتم بالتوافق مع المجلس، ولا يتوافق مع النظم المالية المعمول بها في الأجهزة الرسمية.
«الوسط» تستعرض القضية بكل جوانبها ومن مختلف الجوانب بحثا عن حقيقة تلك الأموال التي اعتبرها المجلس البلدي ضائعة، فيما يرى الجهاز التنفيذي في بلدية المحرق أن الإجراء سليم، وهو ما دعا المجلس البلدي لمخاطبة وزير شئون البلديات والزراعة جمعة الكعبي الى التدخل وتشكيل لجنة تحقيق للبحث عن تلك الأموال.
بعنوان «المحرق أجمل» انطلق أسبوع العمل البلدي بالمحرق في الفترة من 17 وحتى 23 مايو الماضي بالتعاون بين بلدية المحرق والمجلس البلدي، وسبق ذلك عدة خطابات بين وزارة البلديات والجهاز التنفيذي في بلدية المحرق والمجلس البلدي من أجل الإعداد لهذا الأسبوع.
وسبق ذلك تنظيم شئون البلديات برعاية وزير شئون البلديات والزراعة في ذلك الوقت منصور بن رجب في قاعة المؤتمرات بفندق كروان بلازا احتفالية بمناسبة أسبوع العمل البلدي في الثامن من مايو الماضي.
وطلبت الوزارة من المجلس البلدي بالتنسيق مع الجهاز التنفيذي حجز المساحة اللازمة في المعرض المصاحب لحفل الافتتاح، وذلك لعرض برامج ومشاريع البلدية المختلفة، وفعلا خاطب رئيس المجلس البلدي بالمحرق محمد جاسم حمادة مدير عام بلدية المحرق الشيخ خليفة بن عيسى آل خليفة من أجل التنسيق والإعداد لتلك المناسبة.
مر أسبوع العمل البلدي على محافظة المحرق سلسا وسهلا ومن دون أي تعقيد، حتى طلب عضو مجلس بلدي المحرق علي يعقوب المقلة من رئيس المجلس الاستفسار عن مصروفات أسبوع العمل البلدي، وذلك من حيث الجهات الداعمة وقيمة الدعم بشكل كامل ومنفرد، وتفاصيل المصروفات على الفعالية من موازنة البلدية.
كما سأل المقلة عن تلك التبرعات، وهل تم إدخالها في حساب البلدية، مطالبا بإثبات ذلك بالأوراق الرسمية، ودعمه في ذلك ثلاثة أعضاء بلديين.
وفتح ذلك السؤال، الباب الذي لم يغلق حتى الآن وبعد مرور أكثر من ثمانية أشهر عن إيرادات أسبوع العمل البلدي ومصروفاته، إذ خاطب حمادة مدير بلدية المحرق للرد على ذلك السؤال، إلا أن الأخير وبعد نحو 50 يوما طلب تأجيل الرد من أجل المراجعة والمتابعة مع الجهة المختصة بفعاليات ومصروفات أسبوع العمل البلدي 2008، مشيرا إلى أن ذلك الأمر يتطلب وقتا ليس قصيرا.
وافق المجلس البلدي على التأجيل وجاء رد الجهاز التنفيذي بعد ذلك، بأنه «تم الاتفاق مع الشركة المنفذة (...) وذلك بالاجتماع الذي تم بمكتب نائب رئيس مجلس المحرق البلدي رئيس لجنة العلاقات العامة والإعلام وبحضور رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام بالجهاز التنفيذي ومندوب الشركة».
وأشار الرد إلى أن الشركة ستتكفل بالبحث والحصول على رعاية للفعاليات، ووافقت لجنة العلاقات العامة والإعلام بالمجلس البلدي على البرنامج المعروض بعد إجراء بعض التعديلات وإضافة بعض المقترحات، مؤكدا أنه على أثر ذلك «لم تدخل في حساب البلدية أية مبالغ أو شيكات».
وردا على سؤال عن مقدار مصروفات المجلس البلدي والجهاز التنفيذي، فقد أفاد الجهاز التنفيذي بأن مصروفات الجهاز التنفيذي بلغت ثلاثة آلاف و660 دينارا للهدايا التي تم توزيعها على الجمهور، وهي عبارة عن فانيلات، قبعات، أقلام، دفاتر جيب وحقائب ورقية. وفيما يتعلق بالهدايا التي قدمها أعضاء المجلس البلدي فقد بلغت ثلاثة آلاف دينار.
وأكد الجهاز التنفيذي أنه استطاع توفير مبالغ كبيرة مقارنة باحتفال العام 2007، إذ بلغت موازنة الفعاليات في 2007 التي أقيمت على مدى ثلاثة أيام فقط ثمانية آلاف دينار تقريبا.
حرب الردود بين مجلس بلدي المحرق والجهاز التنفيذي لبلدية المحرق لم تتوقف، إذ رد عضو المجلس البلدي علي يعقوب المقلة وبدعم كل من الأعضاء أحمد العوضي، عبدالناصر المحميد، يوسف الرئيس، سمير خادم، على رد المدير العام لبلدية المحرق الشيخ خليفة بن عيسى آل خليفة.
وجاء في الرد أنه بعد الرجوع إلى نائب رئيس المجلس رئيس لجنة العلاقات العامة والإعلام نفى وبشكل قاطع وجود أي اتفاق صادر عنه أو عن لجنته مع أية شركة أو أية جهة أخرى لتنفيذ الفعالية سواء كان كتابيا أو شفهيا.
واستغرب المقلة من رد الجهاز التنفيذي، مؤكدا أن الاجتماع المذكور الذي حصل بمكتب نائب رئيس المجلس البلدي كان بحضور رئيس العلاقات العامة والإعلام بالبلدية بصفته ممثلا عن الجهاز التنفيذي ومسئول القسم المنفذ للفعالية، أما الشخص المذكور على أنه ممثل لشركة (...) فقد حضر الاجتماع دون أية صفة ولم يقدم على أنه ممثل لشركة منفذة للفعالية ولا غيره.
وأكد أن الاجتماع عقد لمناقشة الأمور الفنية وبرامج الفعاليات دون التطرق لطرق التمويل أو تقديم الدعم المالي لأنها ليست من اختصاص لجنة العلاقات العامة.
وقدم الأعضاء الخمسة عددا من الاستفسارات، أولها مطالبة الجهاز التنفيذي بإبراز ما يثبت زعم وجود اتفاق بتكليف الشركة (...) لتنفيذ العملية، إذ إن المجلس البلدي لم يقم بتكليف تلك الشركة، مشيرا إلى أنه «لماذا لم يرد اسم تلك الشركة في الإعلانات والنشرات والمطويات التي قام قسم العلاقات العامة والإعلام بالجهاز التنفيذي بتوزيعها، إذ لم يعرف أحد عنها إلا من خلال رد الجهاز التنفيذي فقط؟».
وقال المقلة في رده إن «حفل افتتاح الفعاليات تم برعاية رئيس المجلس البلدي، كما أن الفعاليات التي تم تنظيمها في الدوائر كانت تحت رعاية عضو المجلس البلدي، فهل يجوز أن يتم تكليف شركة لتنفيذ الفعاليات دون وجود قرار رسمي من المجلس البلدي يوضح ذلك ويحدد صلاحيات وشروط الاتفاق مع الشركة المكلفة؟».
وأشار المقلة إلى أنه وبحسب علمه فإن طلب دعم الفعالية من الشركات الراعية التي ورد اسم بعضها رسميا في التصريحات والنشرات الإعلامية الخاصة بالفعالية تمت خلال رئيس المجلس البلدي بحسب ما أفاده الرئيس في إحدى الاجتماعات، ولم تتم الإشارة فيها إلى الشركة المنفذة للفعالية، سائلا «ما نوع الدعم المقدم من الشركات الراعية للاحتفال، وهل الدعم نقدي أو بمواد عينية أو غيرها، مع ضرورة تقديم ما يثبت وجود دعم من كل جهة من هذه الجهات الراعية للفعالية التي ورد ذكرهم بصفتهم رعاة رسميين».
وتابع المقلة «إذا كانت الشركة التي ورد اسمها على أنها المنفذة للفعالية هي المتسلمة للدعم، فهل يسمح الدليل المالي والنظام الحكومي بالبحرين للبلدية أن تكلف شركة لتنفيذ فعالية باسم البلدية ومن ثم تقوم بجمع تبرعات نقدية من جهات أخرى نيابة عن الجهات الرسمية؟».
وقال: «نحن أعضاء المجلس نستند إلى رد وزير شئون البلديات والزراعة على المجلس بشأن قبول التبرعات والهبات لدعم الفعاليات التي ينظمها الجهاز التنفيذي، إذ أكد الوزير أنه يحق للجهاز التنفيذي للبلدية الرجوع الى المجلس بشأن التبرعات والهبات التي تقدم له لأخذ رأيه عملا بحكم المادة (35 فقرة د) من قانون البلديات ومن ثم يرفعها المجلس إلى الوزير المختص بالبلديات لضمان الرقابة المالية بشأن توجيه هذه التبرعات».
قال المدير العام لبلدية المحرق الشيخ خليفة بن عيسى آل خليفة إن أعضاء المجلس البلدي الذين حضروا الاجتماع التنسيقي لفعاليات أسبوع العمل البلدي، علموا بالشركة المنفذة، وما ستقوم به تفصيلا، وأنها ستحصل على مقابل من الرعاة نظير ما تقوم به من خدمات.
ورد بخصوص عدم ظهور اسم المؤسسة المنفذة في إعلانات الشوارع والمطبوعات المختلفة أن «هذا الأمر يعتبر من الأمور الفنية التي يتم تقديرها من قبل المختصين والفنيين في الجهاز التنفيذي والمؤسسة المنفذة»، مستشهدا بأن وزارة الإعلام بكل ما تملك من إمكانات مادية وبشرية تقوم بالاعتماد في تنفيذ برامجها ومهرجانات العيد الوطني على شركات منفذة، وينحصر دور الإعلام في الإشراف والرقابة فقط على هذه الاحتفالات. وتمسك الجهاز التنفيذي بأن الشركة المنفذة للفعاليات أطلعت الشركات الداعمة للفعاليات على البرامج وتم التفاهم بشأن رعاية الاحتفالية، مشيرا إلى أنه يرى ان حضور مندوب الشركة للاجتماع بمكتب بنائب رئيس المجلس البلدي ومناقشة الموضوع معه وبحضور رئيس العلاقات العامة والإعلام بالبلدية لكل البنود المطروحة في البرنامج، ورعاية الأعضاء والحضور للاحتفالية كل في منطقته بمثابة موافقة صريحة من المجلس البلدي.
أما بخصوص تحديد نوع الدعم المقدم من الشركات الراعية للاحتفالية، وهل هو دعم نقدي أو عيني، فأوضح المدير العام لبلدية المحرق أن عرض المؤسسة المنفذة للاحتفالية يتضمن البحث والحصول على رعاة لفعاليات أسبوع العمل البلدي. وردا على مدى قانونية جمع الشركة المنفذة التبرعات، أكد الشيخ خليفة أن الشركة هي التي قامت بتسلم الدعم من الرعاة، مشيرا إلى أن الشركة قامت فقط بتنفيذ العمل على هذا الأسبوع وكان الاتفاق واضحا على أن تقوم الجهة المنفذة للفعالية بتغطية مصاريفها بما تحصل عليه من مقابل إزاء وضع إعلانات الشركة الراعية وغيرها ضمن هذه الفعاليات، وبالتالي تحصل على قيمة خدماتها بإيرادات من الشركات الراعية، ولم تدخل خزينة البلديات أية مبالغ نقدية بخصوص هذا العمل.
العدد 2386 - الأربعاء 18 مارس 2009م الموافق 21 ربيع الاول 1430هـ