العدد 2833 - الثلثاء 08 يونيو 2010م الموافق 25 جمادى الآخرة 1431هـ

قصة حقيقية

فيصل الخطيب- وينشر بالتعاون مع كومند جراوند 

08 يونيو 2010

كانت حياتي كفلسطيني عربي من قرية «حزما» الواقعة بين القدس ورام الله، مختلفة جداً عن الأطفال اليهود المقيمين في الجوار. بدلاً من اللعب في الشوارع والطرق، كنت أصغي لقصص عن الوطن (فلسطين)، ولتقارير عن الأعمال التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، والتي سلبت حقوق شعبي. كنا نسمع تلك القصص عن مقاومة الاحتلال في بيوتنا وشوارعنا ومقاهينا، بل وحتى في أغاني أعراسنا.

هناك بالطبع عدة أساليب لمقاومة الاحتلال، تنطوي تلك الأكثر تعقيداً منها على العنف. أثناء الانتفاضة الأولى وعندما كان عمري 15 سنة، شارك الكثير من الشباب حولي بأشكال من المقاومة السلمية. إلا أنني قرّرت شخصياً استخدام القوة. كنت أومن في ذلك الوقت أنه حتى أستطيع الحصول على حريتي، يجب قتل كل يهودي، جندياً أكان أو مدنياً، رجلاً أو امرأة، شاباً أو عجوزاً. حاولت مرة قتل شخص. لم أكن أعرفه، كنت أعرف فقط أنه يهودي. وكنت أعتبر كل يهودي هدفاً. كنت يومها مجرد طفل لا يفهم شيئاً عن السياسة أو عن النزاع العربي الإسرائيلي. لم أكن أعي الفروق الدقيقة للنزاع أو أثر العنف على مجتمعي.

اعتُقلْت العام 1987 بسبب جريمتي العنفية وقضيت 12 سنة في السجن. لم يبدُ لي أن أحداً في تلك الأيام كان يتكلم عن السلام. لم يتكلم أي من الطرفين إلا عن العنف والحاجة لاستمراره، إما من خلال الثورات المسلّحة أو استمرار الاحتلال.

اقترح بعض السجناء عليّ أن أذهب إلى مكتبة السجن. كانت مكتبة كبيرة، وبدأت أقرأ السياسة والأدب والشعر واطّلعت على قصص من جميع أنحاء العالم. ونظراً لاهتمامي بالاحتلال وأساليب مقاومته قرأت عن راجيف غاندي ومارتن لوثر كنج، وهم أفراد ألهموني وقدموا لي الأمل. ندمت لأنني لم أقرأ أو أسمع عنهم قبل اعتقالي، لأنني تعلّمت من تجاربهم أن العنف لا يؤدي إلا إلى المزيد من العنف. استغلّيت الوقت الذي قضيته في السجن كذلك للقراءة عن اليهودية والمسيحية، وبالطبع عن الإسلام. تعلّمت تاريخ المنطقة الديني وأهمية إرث إبراهيم واسحق، والجذور المشتركة لليهود والمسلمين. أدركْت أننا جميعاً نعيش في واحد من أكثر الأماكن قداسة وبأن لغاتنا متماثلة.

أتى العام 1991 بمؤتمر مدريد للسلام وبدت أحلام الفلسطينيين قريبة لدرجة أنه يمكن لمسها: دولة مستقلة ننحت فيها قَدَرنا. للمرة الأولى أعطتني عملية دولية الأمل بأن حياة الفلسطينيين يمكن عيشها بسلام وكرامة. مرّت نحو عشرين سنة، وأتت معها خيبة الأمل بأشكال مختلفة، ولكنها كانت في مجملها تجربة بؤس ومرارة.

إلا أن حلول النزاع والمخاطر المتربصة إذا لم نعمل على حل هذا النزاع لم تتغير. برأيي أن استمرار الوضع الراهن لا يعمل إلا على تحوّل الشعب الفلسطيني إلى التطرّف ويساهم في نهاية إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية. في هذه الأثناء يبدو أن وضع الفلسطينيين الذين يعيشون داخل إسرائيل يتدهور، ومعه قيم إسرائيل، التي يفسدها الاحتلال ويشوهها.

ورغم عمق الغضب المتبادل، والوجود المتواصل للكراهية، تبقى النتيجة الممكنة الوحيدة هي السلام، وإيجاد مستقبل مشرق يسوده الكرامة للشعبين. بالنسبة للفلسطينيين، فإن استخدام العنف لن يعمل إلا على تجريد قضيتنا من الشرعية وإفشال حكم القانون في المجتمع الفلسطيني وإبعاد الدعم الدولي، وجميعها عناصر ضرورية لتحقيق دولة مستقلة.

وكما قال منسق الأمم المتحدة الخاص للمناطق المحتلة تيري رود لارسن: «إما أن ينجح الشعبان معاً أو ينهارا معاً. بغضّ النظر عن الوضع السائد، أنتم شعبان يعيشان جنباً إلى جنب، وليس هناك أمل في نصر لطرف على حساب الطرف الآخر».

نحن نعيش على نفس الأرض، ونشرب نفس الماء بشكل أساسي، بغض النظر عما إذا كنا في رام الله أو تل أبيب. نحن نصلي للرب نفسه، في نتانيا أو في جنين. أملنا الوحيد هو التشارك بهذه الأرض، ليس بالضرورة كأصدقاء، إذ إن الفرصة قد ضاعت لذلك، ولكن ليس كأعداء، وإنما ببساطة كدولتين تعيشان جنباً إلى جنب توفران مستقبلاً أفضل لأطفالهما.

العدد 2833 - الثلثاء 08 يونيو 2010م الموافق 25 جمادى الآخرة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 17 | 9:29 ص

      ولــــــــــ المحرق ـــــــــــد ضد التجنيس

      الى الاخ العزيز زائر 14 انتم مظلومون ونحن مظلومون ايضا اما عن وجودكم في بلدننا فاننا لا نمانع بل ونرحب بكم ولا كن نرفض توطين وتجنيس اي احد وبما ان فكرة توطين الفلسطينين وتوزيعهم على الدول العربيه هي فكره صهيونيه فاننا نقف ضد هذه الفكره نحن نساندكم ونقف معكم بكل ما اوتينا من قوه والله ان قلوبنا تتقطع لحالكم ونتمنى ان تعود فلسطين عربيه حره و لا يرجع شيئ الا بالتضحيه وتقديم الارواح فداءا للقضيه اللهم انصر الاسلام والمسلمين واخذل اعداء الدين اما عن الامام المهدي ع فالاحاديث كثيره حبذا لو ثقفت نفسك

    • زائر 16 | 9:07 ص

      للزائر "2" والجميييييييع

      بخصوص الإمام المهدي.. فهذا خاص بك
      بخصوص دولة إحتلت دولة.. فهذا كلام جديد وغريب
      أما عن الجهاد.. فيا أخي الكريم.. نحن الفلسطينيين نجاهد أنفسنا قبل أن نجاهد العدو.. بالمقاطعة واللحمة الوطنية مع أبناء جلدتنا وأبناء ديننا على حد السواء.. ولكن للأسف، فكثيراً ما نجد رفض لشخصنا من حيث التواجد في دولكم أنتم العرب.. لكي لا نأخذ أرزاقكم... كلكم تفكرون بنفس الأسلوب... بعيداً عن الله.. وأقرب ما يكون من التحزب الجاهلي.. هدانا الله وإياكم

    • زائر 15 | 9:04 ص

      صح الله لسانك ياولد المحرق

      صح الله لسانك ياولد المحرق

    • زائر 14 | 9:02 ص

      انشاء الله

      الله يحفظ الاسلام و المسلمين ويحرر فلسطين من اليهود و المرتزقه آمين يا رب العالمين ... رفاعيه

    • زائر 13 | 5:30 ص

      ولـــــــــــــ المحرق ــــــــــــد ضد التجنيس

      تابع .الموت في عز خيرا من الحياة في ذل . اي تعايش واي حياة تلك فهم من يقتلون ويذبحون ويرتكبون المجازر ودولتهم مستمره بالارهاب والقتل والترويع .يا اخي التاريخ الاسلامي مليئ بالعبر والدروس فلنستسقي الدروس من عظمائنا الذين ضحوا من اجل الدين والكرامه والاوطان ولا بد في الاخير ان ياتي الفرج من الله سبحانه وتعالى ولنا في لبنان اقرب مثال اسرائيل لم تنسحب من هناك الا بقوة السلاح وقوة الايمان بالله والقضية

    • زائر 12 | 5:23 ص

      ولـــــــــــ المحرق ـــــــــــد ضد التجنيس

      تحية الى الاخ الكاتب ولكن ياخي العزيز ان ما اخذ بالقوه لا يسترجع الا بالقوه لنفرض ان شخص ما دخل الى بيتك وقتل اولادك واستباح حرمة المنزل واراد السكن فيه هل ستقول يجب ان اتعايش معه لاننا اصبحنا نعيش في نفس المنزل وهل عيشه في بيتك ولانه قوي يجعلك تقبل بالامر الواقع وتعيش في ذل وهوان كذلك فلسطين فهي بيتك وارضك واهلها اخوانك وابنائك واسرائيل احتلتها وقتلت شبابها واطفالها وشيوخها ونسائها وبعد كل هذا تقول يجب ان نتعايش معهم ولا يجب ان نكون اعداء. يقول الامام الحسين ابن علي ع حفيد رسول الله ص >>

    • زائر 11 | 5:11 ص

      للزائر رقم(5)

      اولا: احترم معتقدات الاخرين ليُحترم معتقدك.
      ثانيا: نحن اذا دافعنا وجاهدنا من اجل فلسطين انما هو سعيا لتحرير تلك الارض المغتصبة.
      ثالثا: كل كا نفعله انما هو لتمهيد الارضية لظهور الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه فلم يأمرنا امامنا بالتخاذل والتواكل يوما.
      رابعا: لا تتهموا غيركم بما هو ليس فيهم.

    • زائر 8 | 4:24 ص

      كنت فلسطيني و الحمد لله انك انسخلت

      و من اعطاك الحق ان توزع هذه الارض او تفرض على الفلسطينين الحقيقين المشاركة
      هي ارضنا منذ الاجداد و ان كنت انت فلسطينيا حديثا فنحن فلسطينيون متأصلون
      و ان كنت فقد صوابك لقراءة بعض الكتب
      انصحك بقراءة القرن الكريم لتعرف ماهي قيمة المسجد الاقصى و الارض المقدسة
      و الحمد لله انك بدأت مقالك ب "كانت حياتي كفلسطيني" لانك يبدو الان بدون حياة و لست فلسطيني

    • زائر 7 | 3:33 ص

      تجربتك تستحق الاحترام,,ولاكن:أجودي

      تجربتك تستحق الاحترام, ولاكن: هناك تجارب أخرا تقول غير ما انت تقول, وتعتقد بجدوى المقاومة المسلحة.. ولنا في لبنان وغزة خير مثال... أما عن السلام:: فلا سلام بين القوي والضعيف.. السلام لا بد ان يكون بين ندين...

    • زائر 6 | 2:13 ص

      للزائر "2"

      ما هذه العقلية الغريبة والغير سوية؟؟؟؟!

    • زائر 5 | 1:53 ص

      للزائر "2" من فلسطيني حر

      إذا كنت تؤمن لهذه الدرجة بأن المهدي هو من سيحرر فلسطين.. لم تطالب الفلسطينيين بالجهاد؟؟ ولم لم تفعل أنت شيئاً طالما إنها قضية القدس الإسلامية في الأساس؟؟؟؟؟؟؟؟؟ لا تناقض نفسك يا عديم الأفق

    • زائر 4 | 1:49 ص

      للزائر "2"

      أي دولة هذي إللي إحتلت فلسطين.. أسئلك: وين قبة الصخرة يالحبيب ؟؟؟؟؟؟

    • زائر 3 | 1:47 ص

      !!!!!!!!!

      ويش اللي مخلي العرب كله على وره

    • زائر 2 | 1:03 ص

      راحت الكرامة العبية

      هذي دولة احتلت دولة بالعنف والقتل وتشريد ابناء الوطن الاصليين وتقول تعيش وياهم بسلام جنب الى جنب. الا والله ضاع الدين لان من امثالك ما عندهم عروبة ونخوة وكرامة واجد... من جذي فلسطين ما بيحررها الا الهاشمي المحمدي المهدي لانه لن يتنازل عن قطرة دم بريء واحدة.
      ادركنا يا صاحب الزمان.

    • زائر 1 | 12:53 ص

      يا سعادة الكاتب

      (بالنسبة للفلسطينيين، فإن استخدام العنف لن يعمل إلا على تجريد قضيتنا من الشرعية وإفشال حكم القانون في المجتمع الفلسطيني وإبعاد الدعم الدولي، وجميعها عناصر ضرورية لتحقيق دولة مستقلة.) منذ نكسة او نكبة عام 1948 ماذا فعل المجتمع الدولي والقانون الدولي لقضية فلسطين ، وليس هناك شرعية دولية هذه كلام الواهمين ، هناك سيطرة دولية من دول انت تعرفها وأنا والسادة القراء .

اقرأ ايضاً