لجأ الكثير من أصحاب الأعمال العمانيين إلى إيداع مدخراتهم في البنوك الإماراتية، وخصوصا الإسلامية لغياب البديل الإسلامي المحلي، ووجود مزايا عديدة تقدمها تلك المصارف الإسلامية الإماراتية أهمها ضمان الودائع، وارتفاع العوائد مقارنة بالبنوك التقليدية.
وعلى رغم أن بنك مسقط طرح مؤخرا بعض الخدمات التي تتوافق مع الشريعة الإسلامية مثل القرض الإسكاني، فإن البنوك الإسلامية الكاملة لاتزال غائبة عن السلطنة، وسبق لمحافظ البنك المركزي العماني حمود بن سنجور أن أوضح أن السبب في هذا الغياب هو قناعة العمانيين بأن المنتجات التي تقدمها المصارف الإسلامية لا تختلف عن تلك التي تقدمها المصارف التقليدية.
وأوضح مدير شركة نوادر للعقارات عبدالستار الأنصاري أنه افتتح حسابا وأودع جزءا كبيرا من مدخراته في بنك دبي الإسلامي منذ العام 1983 بحكم نشاطه في الإستثمار العقاري. وقال الأنصاري، إن كثيرا من العمانيين يتجهون إلى بقية دول الخليج مثل قطر والبحرين والكويت والإمارات لوجود بنوك إسلامية بها، ولكن التركيز أكثر على الإمارات بحكم الجوار الجغرافي والروابط التجارية بين البلدين.
وتتركز الحسابات المصرفية للعمانيين في مدن حتا والشارقة ودبي وأبوظبي بشكل عام، ويفضل أهالي البريمي العمانيون إيداع مدخراتهم في مدينة العين الإماراتية بحكم الجوار الجغرافي، كما أن الميزة الكبيرة في المصارف الإماراتية، هي كثرة فروعها في بقية المدن والإمارات الأخرى.
وأشار الأنصاري إلى أن البنوك الإسلامية الإماراتية تقدم العديد من الخدمات المصرفية الإسلامية، كما أن عوائدها أفضل من أرباح البنوك التجارية بكل المقاييس، مؤكدا أنه لو تم افتتاح بنك إسلامي في مسقط فسيسحب الكثير من العمانيين مدخراتهم في البنوك الخارجية لإيداعها في الداخل.
عوائد إسلامية عالية
وكشف نائب مدير الدائرة القانونية ببنك دبي الإسلامى سابقا حسن الأنصاري، أن «اهتمام العمانيين بإيداع مدخراتهم في مصارف الإمارات الإسلامية يرجع للمزايا العديدة للبنوك الإسلامية وأهمها أنها منافذ شرعية إسلامية بالدرجة الاولى، ولأنها توزع أرباحها بنظام المضاربة الإسلامية، وكانت نسبتها حتى العام 2000 - وهو تاريخ إستقالتي من البنك - تتراوح بين 16 و20 في المئة، وهي نسبة تفوق أرباح البنوك التجارية بمراحل».
وكان الرئيس التنفيذي للبنك المركزي العمُاني حمود الزدجالي أكد في تصريحات صحافية سابقة أن التشريعات والأنظمة التي يتطلبها قيام أو ممارسة بنوك ومؤسسات مصرفية إسلامية لأعمالها في عُمان موجودة، ولكن يجب على هذه المؤسسات أن تبدأ في كشف خططها، وما الذي ستقدمه من خدمات جديدة غير متوافرة في السوق المحلية في الوقت الحاضر، ورد أسباب عدم وجود مصارف إسلامية في السلطنة حتى اليوم الى وجود قناعة عند العمانيين بأن المنتجات التي تقدمها المصارف الإسلامية غير مختلفة عن تلك التي تقدمها المصارف التقليدية.
وأوضح أن «الباب مفتوح أمام كل المؤسسات ونحن ننظر الى النوعية وليس الى كمية المؤسسات المالية والمصرفية العاملة والموجودة في السوق»، لافتا إلى أن الاقتصاد العماني صغير بالنسبة إلى الاقتصادات المجاورة، وأن الخدمات المالية والمصرفية الموجودة اليوم تغطي كل متطلبات السوق الداخلية.
وقال إن الباب مفتوح أمام أي فرد يريد ان يودع أمواله في الخارج، فليست هناك أية قيود على ذلك، كما أن العالم اليوم قرية واحدة والأموال تحول من دون قيود، وبإمكان المستثمرين أن يستثمروا في أي مشاريع تنموية كبيرة.
وذكر خبير مصرفي، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «القطاع المصرفي ككل في عُمان يخسر الكثير من الأعمال بسبب عدم وجود جناح مصرفي إسلامي»، مبينا أن أموالا كثيرة يجري تحويلها إلى الخارج بسبب الرغبة في توظيفها في مصارف إسلامية فتذهب إما الى دبي، أو الى البحرين، أو غيرها من الدول الأخرى، كما أن هناك أفرادا كثيرين يفضلون التعامل مع المصارف الإسلامية لو وجدت، موضحا أن السلطنة لن نشهد في المستقبل القريب أي تغييرعلى هذا الواقع.
وقال مدير التطوير في بنك التنمية العماني سعيد الجابري لـ «الأسواق.نت»، إن لجوء الكثير من العمانيين إلى إيداع مدخراتهم في البنوك الإسلامية بالإمارات مسألة طبيعية لعدة اسباب، في مقدمتها ارتفاع قيمة العوائد مقارنة بأرباح البنوك التجارية، فإذا كانت أرباح البنوك التجارية في السلطنة حاليا نحو 1 في المئة فقط بسبب الأزمة المالية العالمية، فإنها تصل في بنوك الإمارات التجارية إلى نسبة تتراوح بين 5 في المئة و7 في المئة، أما عوائد البنوك الإسلامية فترتفع عن ذلك، وبخلاف الأرباح والمضاربة تعتبر الودائع أكثر ضمانا في بنوك الإمارات، ولا يوجد سقف محدد لها، في حين أن سقف الودائع في بنوك السلطنة محدد ولا يتعدى 20 ألف ريال، التزاما بسياسة البنك المركزي العماني، أما الميزة الأخيرة في مصارف الإمارات الإسلامية فهي كثرة الخدمات التي تقدمها.
وعن الأسباب الأخرى التي تدفع العمانيين إلى تفضيل المصارف الإماراتية لإيداع مدخراتهم، ذكر الجابري أن أهم تلك الأسباب النشاط التجاري وتداخل العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، وبحكم روابط الدم والنسب بين الشعبين، ونبه الجابري إلى أن السلطنة اتجهت مؤخرا وبحذر إلى المعاملات الإسلامية في بعض المصارف بتقديم خدمات مصرفية تتوافق مع الشريعة الإسلامية، ولكن من دون صيغة إسلامية صريحة، مثل قرض بنك مسقط الإسكاني، والتوجه نحو البنوك الإسلامية بشكل صريح قرار حكومي أولا وأخيرا.
العدد 2391 - الإثنين 23 مارس 2009م الموافق 26 ربيع الاول 1430هـ