ضاعف الرئيس المصري حسني مبارك ظهوره العلني هذا الأسبوع لينفي الشائعات بشأن صحته، ولكن هذا النشاط المكثف لم يسكت التساؤلات بشأن خلافته التي مازالت محاطة بالغموض.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية سليمان عواد في تصريحات نشرتها أمس (الخميس) صحيفتا «المصري اليوم» و»الشروق» المستقلتان إن «نشاط الرئيس مبارك خير رد على تقارير خرجت من إسرائيل ودوائر أميركية». وكان عواد يشير إلى تقارير نشرت في الصحف الإسرائيلية والأميركية بشأن تدهور صحة مبارك (82 عاماً) الذي أجرى في السادس من مارس/ آذار الماضي جراحة لاستئصال الحوصلة المرارية وورم حميد في المعدة، وفقاً للبيانات الرسمية التي صدرت عن مستشفى هايدلبرج حيث أجريت الجراحة.
وتابع المتحدث باسم الرئاسة المصرية أن «الطاقم المعاون للرئيس سواء في مؤسسة الرئاسة أو في مجلس الوزراء يلهث وراء الرئيس الذي لا يتعب ولا يكل». وأشار إلى أن مبارك حضر هذا الأسبوع عدة احتفالات أقيمت بمناسبة تخرج دفعات جديدة من الكلية الحربية والكلية الجوية والكلية الفنية العسكرية وأكاديمية الشرطة.
لكن الشائعات بشأن صحة مبارك تعود، بحسب المحللين إلى عدم توافر معلومات رسمية بشأن هذا الموضوع. ويؤكد الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية عمرو الشبكي أن «الشائعات سببها غياب الشفافية وعدم وجود معلومات عن حالته الصحية بعد الجراحة التي أجراها وعدم صدور بيانات واضحة من مؤسسة الرئاسة».
ويتابع أن تصريحات المتحدث باسم الرئاسة «تعطي الانطباع بأنه يتحدث عن شاب في العشرين من عمره في حين أنه من الطبيعي جداً أن يراعي الرئيس سنه وحالته الصحية». وإذا كانت نشاطات مبارك من شأنها دحض التكهنات بشأن تدهور مفاجئ في صحته، فإنها لا توقف التساؤلات بشأن المستقبل السياسي لأكبر بلد عربي من حيث عدد السكان، اعتبره الغرب على مدى الأعوام الثلاثين الماضية وتداً رئيسياً للاستقرار والاعتدال في الشرق الأوسط.
ولم يكشف مبارك وابنه جمال (47 عاماً) الذي تطرحه بعض دوائر النظام كخليفة لوالده، عن نواياهما. وخلال زيارة إلى إيطاليا في 19 مايو/ أيار الماضي، سئل مبارك عما إذا كان سيترشح مجدداً في الانتخابات الرئاسية المقبلة في العام 2011، فابتسم وأشار بيده إلى أعلى مكتفيا بالقول «الله وحده يعلم».
وداخل النظام المصري نفسه ظهرت تباينات بشأن خلافة مبارك. وصرح رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف للصحافيين في مايو/ أيار الماضي «أتمنى أن يكون الرئيس مبارك - وربنا يديه الصحة - قادراً» على الترشح مجدداً في الانتخابات العام المقبل، معتبراً أن «النظام السياسي في البلاد لم يفرز أي شخص قادر على تولي القيادة الآن».
وانتقدت شخصيات قريبة من جمال مبارك رئيس الوزراء الذي بدا وكأن تصريحاته تنفي قدرة ابن الرئيس على تولي الحكم من بعده. وقال أمين الإعلام في الحزب الوطني الحاكم علي الدين هلال، وهو من الدائرة المحيطة بجمال مبارك، «هناك العديد من الشخصيات في الحزب الوطني مؤهلة للترشح للرئاسة وليس جمال مبارك فقط».
ويستبعد المحللون المصريون أن تعم الفوضى في البلاد في حال خلو مقعد الرئاسة. ويعتقد عمرو الشبكي أنه ليس هناك سوى ثلاثة سيناريوهات لخلافة مبارك: إما أن تأتي شخصية من المؤسسة العسكرية أو أن يترشح جمال مبارك أو البديل الثالث المتمثل في المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي. ويميل الشبكي إلى أن الخيار الأول هو المرجح.
ويقول «إن فرص التوريث تتضاءل وخصوصاً أنه ليس هناك إجماع بشأن هذا الخيار داخل النظام»، مدللاً على ذلك باستمرار الغموض بشأن مرشح الحزب الحاكم في انتخابات 2011.
ويضيف «بات واضحاً أن مبارك لن يترشح العام المقبل ولو كان هناك اتفاق على ترشيح جمال مبارك خلفاً له لتم الإعلان عن ذلك ولما تم الإبقاء على هذا الغموض». ويعتقد الشبكي أن إمكانية وصول البرادعي إلى الرئاسة ضعيفة «لأنه وإن كان يحظى بتعاطف المصريين، لا يمتلك أدوات قوية تمكنه من الوصول إلى السلطة».
ويقول الخبير في المركز نفسه عماد جاد إن «المصريين لا يعرفون من سيكون رئيسهم المقبل، لكنني اعتقد أن المؤسسة العسكرية والأمنية أعدت بالفعل خطة لانتقال السلطة بل إن اسم وزير الطيران المدني أحمد شفيق يتردد بقوة». وكان الفريق أحمد شفيق (69 عاماً) قائداً للقوات الجوية منذ العام 1996 إلى أن تم تعيينه في منصبه الوزاري في العام 2002.
العدد 2877 - الخميس 22 يوليو 2010م الموافق 09 شعبان 1431هـ