في الوقت الذي ينتقد فيه مرارا نظام المجلسين ومع شبه الجزم بعدم ضرورة المجلس المعين إلا أن ما حدث أخيرا من تدارك لأكثر من إشكال في مشروع قانون الخدمة المدنية وقبله قانوني الصحة والتعليم العالي أبرز أهمية "العين الثانية للفحص والتدقيق وسد الثغرات" - وإن كانت ليست كل العيون في المجلس كذلك، إذ توجد به عيون لا ترى وأفواه لم تنطق تحت قبته منذ بداية دور الانعقاد الثالث، تسيرها فقط آذان تسمع بها أصوات أخرى .
ومناسبة القول السالف ما يتبين من "تمرير عمياني كما يبدو" من قبل مجلس النواب للمشروع، خصوصا عند الأخذ في الاعتبار نصوصا "خطيرة ومهمة" منها وليس أهمها بندا يحظر على موظف الحكومة الاتصال بوسائل الإعلام إلا بإذن السلطة المختصة، إذ توجد في المقابل مواد أخرى أصبحت مثار جدل واختلاف وأعيدت إلى اللجنة التشريعية مرة أخرى لإخضاعها إلى المزيد من البحث والدراسة كالتي تقيد العمل التطوعي والعمل بعد الدوام الرسمي، إذ تحظر إحداها على الموظف جمع نقود أو مواد عينية لأي فرد أو أية هيئة أو أن يوزع منشورات أو يجمع امضاءات لأغراض غير مشروعة أو أن يشترك في تنظيم اجتماعات داخل مكان العمل من دون إذن الجهة التي تحددها السلطة المختصة. وأخرى لا تجيز للموظف أن يؤدي أعمالا للغير براتب أو مكافأة أو من دونهما ولو في غير أوقات العمل الرسمية إلا بإذن السلطة المختصة. الأمر الذي يعني محاولات يبذلها بعض الأعضاء لتدارك تمرير مواد "على الماشي" كما فعل زملاؤهم المنتخبون والذين نسوا المشروع أصلا وما إذا كان مر عليهم، حتى أن بعضهم ظن بأن تلك النصوص مستحدثة من مجلس الشورى وليست نصوصا حكومية مرروها، إلا أنهم وبعد أن قرع المجلس المعين جرس التنبيه توعدوا بأن يكون لتلك النصوص اتجاه مضاد، وبأنه لم "يفت الفوت" على مجلسهم بحكم أن المشروع سيحال إليه مجددا. وبغض النظر عن نتيجة القرع إلا أن الأمر يحسب لمجلس الشورى الذي يبدو أكثر اهتماما من مجلس النواب الذي يغرق نفسه بسيل من المقترحات برغبة وبأدوار رقابية لا يوازنها بالتشريع.
المحرر البرلماني
العدد 856 - السبت 08 يناير 2005م الموافق 27 ذي القعدة 1425هـ