العدد 862 - الجمعة 14 يناير 2005م الموافق 03 ذي الحجة 1425هـ

البرلمانيون يجهلون العهدين وقد يعطلونهما

بعد إحالة مجلس الوزراء العهدين الدوليين إلى الشئون القانونية...

أحال مجلس الوزراء الاسبوع الماضي العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية إلى اللجنة الوزارية للشئون القانونية وذلك بعد أن ناقش المجلس انضمام مملكة البحرين إلى هذين العهدين. ولكن الحقوقيين يتخوفون من البرلمانيين الذين لا يبدو انهم يدركون أهمية العهدين وبالتالي فقد يضيعون فرصة ذهبية للبحرينيين بسبب ذلك.

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يعتبران حجر الزاوية لأية تشريعات تحترم الديمقراطية وحقوق الانسان. والعهدان الدوليان تم تشريعهما في الامم المتحدة بهدف ترجمة الإعلان العالمي لحقوق الانسان في مواد تفصيلية، وطالبت الأمم المتحدة الدول الأعضاء بالتوقيع عليهما ومن ثم اعتمادهما في تشريعاتها المحلية وإزالة اية قوانين محلية تتعارض من نصوص العهدين.

باختصار فإن العهد الاول "المدني والسياسي" يعنى بالحقوق الفردية لكل مواطن، وهذه الحقوق تشمل المساواة امام القانون والحق في المشاركة في صنع القرار السياسي وحفظ الكرامة من الايذاء وحق التعبير عن الرأي وباقي الحقوق التي تضمن للفرد أن يعيش كمواطن كامل الحقوق من دون تفريق على اساس اللون أو العرق أو الدين أو الجنس أو أي اساس آخر لا يقوم على مبدأ الكفاءة والإنسانية المتساوية.

العهد الثاني "الاقتصادي والاجتماعي والثقافي" يعنى بالحقوق الجماعية للناس بصفتهم مشتركين في مصير واحد ولهم حقوق لكي يضمنوا استقامة امورهم اقتصاديا مع الحفاظ على كياناتهم الاجتماعية والثقافية والتراثية وغيرها من دون اعتداء عليها.

وستحتسب الامم المتحدة للحكومة البحرينية خطوتها التي اتخذتها، إذ سيرتفع شأن البحرين دوليا بعد توقيع العهدين. ولكن هناك امور أخرى لابد من الحرص على استكمالها، الأول هو التوقيع والثاني هو الاعتماد والثالث هو التنفيذ والرابع هو ازالة القوانين المخالفة للعهدين.

بالنسبة إلى الامر الاول "التوقيع" فهو أسهل الامور. فبعد أن تستكمل الحكومة دراستها القانونية تستطيع ان تأمر ممثلها في الأمم المتحدة في جنيف بتوقيع العهدين لدى الهيئات المختصة في الأمم المتحدة.

الأمر الثاني "الاعتماد" وهو الأصعب لانه يتطلب من البرلمان اصدار تشريع محلي يعتمد العهدين ضمن القانون البحريني المحلي. ولكن المشكلة هي ان البرلمان عاجز بصورة تكاد تكون تامة عن ممارسة عملية التشريع، وربما يتطلب الامر سنوات لكي يمرر قانون واحد اذا مورست العملية التشريعية كما هي الآن. والأنكى من ذلك تصريح عدد من أعضاء البرلمان بأنهم لا يفهمون اي شيء عن العهدين، ولا يدرون ما موقعهما من الاعراب من الاساس. وهذا يعني ان المشرع البحريني يجهل بدوره ولذلك فإنه قد يعطل الامر لجهله وليس لمعارضته له.

ثم بعد ذلك هناك الامر الثالث "التنفيذ". فالبرلمان يجب عليه ان يشرع للآلية التي ستتولى الاشراف على تنفيذ العهدين في مختلف شئون الحياة، وربما يتطلب الامر تأسيس هيئة مستقلة من أجل ذلك، تماما كما ان لدينا هيئة مستقلة لتنظيم سوق الاتصالات.

الأمر الرابع وهو إزالة القوانين المتعارضة مع العهدين، وهذه مسألة مهمة يشترك فيها البرلمان والمحكمة الدستورية. لكن كلا من البرلمان والمحكمة الدستورية يسيران ببطء شديد لا يمكنهما من ممارسة أي من الدورين الكبيرين المنوطين بهما.

مهما يكن الأمر، فإن البحرين سيحسب لها الموقف فيما لو وقعت العهدين واعتمدتهما ضمن التشريعات المحلية.

لاشك أن المنظمات الحقوقية قد فرحت عندما قرأت الاسبوع الماضي ان مجلس الوزراء بحث "انضمام مملكة البحرين إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المعتمد من الجمعية العامة للأمم المتحدة والهادف إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها والتصرف الحر في ثرواتها ومواردها الطبيعية وأن تتعهد الدول بكفالة الحقوق المدنية والسياسية المنصوص عليها في العهد دون تمييز وكذلك أن تقوم الدول الأعضاء فيه بإنشاء لجنة لحقوق الإنسان تتولى المهمات المنصوص عليها في هذا العهد، إذ ناقش المجلس مشروع القانون بالانضمام إلى هذا العهد وأحاله إلى اللجنة الوزارية للشئون القانونية... كما ناقش المجلس انضمام مملكة البحرين إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي يهدف إلى ضمان تمتع شعوب الدول الأعضاء في العهد بتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي وأن تتخذ الخطوات اللازمة لضمان التمتع الفعلي التدريجي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعترف بها في هذا العهد بما فيه حق كل شخص في العمل بشروط عادلة ومرضية وحقه في تكوين النقابات والانضمام إليها وفي مستوى معيشي كاف له ولأسرته والتمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية إذ ناقش المجلس مشروع قانون بالانضمام إلى هذا العهد، وبعد أن استعرضه وزير شئون مجلس الوزراء قرر المجلس إحالته إلى اللجنة الوزارية للشئون القانونية"

العدد 862 - الجمعة 14 يناير 2005م الموافق 03 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً