الأجيال القادمة ستتذكر ميثاق العمل الوطني بالإكبار والاعتزاز، ففي تاريخ الأمم والشعوب أيام لا تنسى وحوادث يكتب لها الخلود، وفي تاريخ مملكة البحرين ستسجل ذكرى إقرار ميثاق العمل الوطني في العام 2001 بأحرف من نور، وستتذكر الأجيال القادمة هذا الحدث بالإكبار والاعتزاز، إذ مهد هذا الحدث لتحقيق طموحات الشعب البحريني وآماله من خلال تنفيذ الرؤية الثاقبة لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لتطوير وتحديث البحرين.
وتحتفل المملكة في الرابع عشر من هذا العام بالذكرى الرابعة للتصويت على ميثاق العمل الوطني، وترجع أهمية هذه المناسبة بالنسبة إلى الشعب البحريني إلى أنه قد مهد الطريق نحو إعلان البحرين مملكة دستورية بعد نحو عام من هذا التاريخ وتحديدا في 14 فبراير/شباط ،2002 وإجراء انتخابات المجالس البلدية في أبريل/نيسان من العام نفسه ثم انتخاب أعضاء مجلس النواب في شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وممارسة المرأة حقوقها السياسية كاملة لأول مرة في تاريخ هذا البلد العريق، واكتمال عقد المجلس الوطني وانعقاد أولى جلساته في 14 ديسمبر/ كانون الأول ،2002 لتبدأ المسيرة الديمقراطية في مملكة البحرين.
التصويت بالإجماع
لقد كان شعب البحرين - بتصويته بالاجماع بنسبة 98,4 في المئة على ميثاق العمل الوطني - على موعد مع المستقبل باشراقاته الكثيرة، ولقد تابع كله بإعجاب ما تحقق في البحرين، وشاهد كيف تمكن القائد بحكمته وحنكته وثقته في شعبه، من اختزال الأيام والسنين وتحقيق ما وعد به هذا الشعب من خلال ميثاق العمل الوطني الذي وافق عليه الشعب البحريني بغالبية ساحقة بلغت 98,4 في المئة، وما أعقب هذا الحدث من تطورات ايجابية كصدور العفو العام والشامل عن جميع الموقوفين السياسيين بحيث لم يعد هناك سجين سياسي واحد، وعاد المواطنون المقيمون في الخارج واندمجوا في العمل السياسي الوطني، كما ألغي قانون ومحكمة أمن الدولة، وصدرت توجيهات من القيادة بتأسيس نقابات مهنية وتحويل الادعاء العام إلى نيابة عامة تتبع وزارة العدل، وشهدت حركة المجتمع المدني نشاطا كبيرا وأصبحت الساحة السياسية والإعلامية مفتوحة لكل الآراء.
ذروة التطور الديمقراطي
لقد كان الميثاق الوطني بمثابة ذروة التطور الديمقراطي في البحرين وقد وصفه جلاله الملك بأنه كان "فتحا جديدا في تاريخ البحرين"، إذ تضمن الكثير من المبادئ السياسية والاقتصادية التي تؤكد النهج الديمقراطي الانفتاحي للبحرين، واكتسب الميثاق أهميته من اعتبارات كثيرة، هي:
- أن القيادة السياسية لم تفرضه من أعلى، إذ بدأت لجنة الميثاق - التي تم تشكيلها خصيصا من أجل اعداده - عملها من دون أي شيء محدد سلفا من القيادة سوى خطوط عامة ركز عليها جلالة الملك خلال لقاءاته مع الفعاليات المختلفة في البحرين، ما أعطى اللجنة حرية في العمل وأتاح لها مناقشة كل الافكار والمقترحات من دون أية قيود، لذلك كانت هناك مناقشات مستفيضة عن مسودة المشروع من جانب أعضاء اللجنة التي ضمت نخبة من ممثلي المجتمع البحريني وأصحاب الكفاءات والخبرات السياسية.
- جاء وضع الميثاق ثم اقراره عبر الاستفتاء العام وفق نهج تدريجي ورؤية واضحة بدأت بالاجتماع بالرموز الثقافية في المجتمع وممثليه في مختلف المجالات، وتلا ذلك اختيار صفوة المجتمع على اختلاف مشاربهم للبحث في هذا الميثاق ومنحهم الوقت الكافي لدراسته وتقييمه والحرية الكاملة في الادلاء بآرائهم عبر الاستفتاء.
- أتاحت القيادة البحرينية متسعا من الوقت ما بين اقرار مشروع الميثاق من جانب اللجنة العليا، وما بين موعد استفتاء الشعب عليه لاتاحة الفرصة لجميع المواطنين للبحث والنقاش وتكوين آراء مبنية على حقائق وفهم للميثاق من جميع جوانبه.
وخلال هذه الفترة فتحت القيادة أكثر من قناة للحوار مع الشعب ورموزه فسخرت وسائل الإعلام من صحافة وتلفزيون لطرح كل الرؤى حتى المخالفة لها ودعمت اقامة ندوات مفتوحة بمشاركة جميع اتجاهات المجتمع وبحضور مسئولين من الدولة.
زيارات الملك للمناطق
كما دعم جلالة الملك هذا الحوار الشامل بقيامه بزيارات لمناطق كثيرة من البلاد وكذلك استقباله أكثر من مرة رموز المجتمع البحريني من جميع الفئات والطوائف وتلمس رؤاهم ومقترحاتهم عن مسيرة الإصلاح.
وأظهرت هذه الزيارات مدى التفاف الشعب البحريني حول جلالة الملك وتوجهاته الاصلاحية ومشروع الميثاق الوطني، وبينت هذه الزيارات التي قام بها جلالته مدى حرص القيادة على المشاركة الشعبية في بلورة ميثاق العمل الوطني، كما أظهرت مدى التأييد الشعبي الجارف للميثاق ولتوجهات جلالة الملك الإصلاحية بصفة عامة.
لقاءات الملك
لقد كان للقاءات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين قبل التصويت والاستفتاء على ميثاق العمل الوطني، مع عدد من الفعاليات الوطنية في مختلف القطاعات وفتح باب الحوار معهم عن آفاق المستقبل وما يمكن أن يدخل على الأنظمة والقوانين التي وضعت قبل زهاء 30 عاما تطورات أساسية تمس حياة المواطنين وتحقق لهم الرفاه وللوطن التقدم والنماء في عالم يموج بالتغيرات المتسارعة.
ولأن سياسة الشفافية شعار طرحه جلالة الملك منذ توليه حكم البلاد في مارس/آذار ،1999 فقد تم تنفيذ هذا النهج فعلا من خلال اللقاءات المكثفة لجلالته مع ابناء الشعب البحريني والزيارات الميدانية لجميع المناطق والمحافظات في مملكة بشأن مشروع ميثاق العمل الوطني، وقامت وكالة انباء البحرين "بنا" برصد أبرز هذه المشاهد واللقاءات والزيارات والفعاليات التي قام بها جلالته ابان فترة التصويت على الميثاق الوطني...
- في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2000 صدر الأمر السامي من عاهل البلاد المفدى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة بتشكيل اللجنة الوطنية العليا لاعداد مشروع ميثاق العمل الوطني لخوض مرحلة جديدة من العمل الوطني في البحرين.
- في 24 نوفمبر 2000 استقبل جلالة الملك وزير العدل والشئون الإسلامية ورئيس اللجنة الوطنية العليا لاعداد مشروع ميثاق العمل الوطني وبقية أعضاء اللجنة العليا، وذلك بمناسبة صدور الأمر السامي من جلالته بتشكيل اللجنة، وأكد جلالته خلال هذا اللقاء أن لجنة الميثاق هي موضع اهتمام القيادة والشعب.
اللجنة العليا لإعداد مشروع الميثاق
- في 23 ديسمبر/كانون الأول 2000 قام جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة برعاية الاحتفال الذي أقامته اللجنة العليا لاعداد مشروع ميثاق العمل الوطني، وذلك بمناسبة انتهاء اللجنة من إعداد مشروع الميثاق.
وأكد جلالته لدى تسلمه مشروع الميثاق أنه يعتبر خطوة متقدمة في مسيرة التحديث السياسي للدولة، مؤكدا جلالته أنه: "على أساس الميثاق سيتم استكمال تحديث مؤسسات الدولة وسلطاتها الدستورية".
وقال جلالته في كلمة بهذه المناسبة: "يدي ممدودة إلى كل بحريني وبحرينية كما امتدت في بيعة العهد وكما ستمتد في بيعة التجديد"، مؤكدا أن الميثاق سيتم اقراره واعتماده مرجعا للمسيرة الوطنية بعد اجراء استفتاء شعبي عام عليه، للاطمئنان إلى القبول العام به.
- في 23 يناير/كانون الثاني 2001 دعا ملك البلاد المواطنين رجالا ونساء إلى المشاركة في الاستفتاء على مشروع ميثاق العمل الوطني يومي 14 و15 فبراير 2001م.
- في 8 فبراير 2001 التقى جلالة الملك عددا من القيادات الشعبية الوطنية وتم خلال اللقاء التطرق لمجمل التغيرات السياسية في البلاد، وأعلنت هذه القيادات الشعبية دعمها لمشروع الميثاق وحثت الشعب على التصويت عليه بـ "نعم" في الاستفتاء الشعبي العام عليه.
- في 10 فبراير/شباط 2001 أصدر جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مرسوما بالعفو الخاص عن العقوبات المحكوم بها في الدعوى رقم 15 لسنة ،1996 وقامت وزارة الداخلية تنفيذا لهذا المرسوم باتخاذ الاجراءات التنفيذية على الفور، إذ تم الافراج عن المواطنين الثمانية المشمولين بعفو جلالة الملك.
- في 10 فبراير 2001 قام جلالة الملك بزيارة لمحافظة المحرق التي خرجت في استقبال حافل لجلالته، وأعلن أهالي المحرق تأييدهم الكامل للخطوات المباركة للقيادة وعن تأييدهم ودعمهم لمشروع ميثاق العمل الوطني، فيما أكد جلالته خلال الزيارة على الترابط والتعاون بين أبناء الشعب الواحد.
كما قام جلالته في اليوم نفسه بزيارة لمنطقة النعيم، إذ كانت هذه الزيارة محط اهتمام بالغ لأهالي المنطقة والبحرين بشكل عام، ودار خلال هذه الزيارة حوار صريح ومفتوح بين جلالة الملك وأبنائه المواطنين عن مختلف القضايا الوطنية ومن بينها مشروع الميثاق الوطني الذي أعرب جميع الحضور عن دعمهم له لما فيه صالح الوطن والمواطنين.
- في 11 فبراير 2001 قام جلالة الملك بزيارة تاريخية لمنطقة سترة، إذ سجل أهالي سترة قاطبة حضورا يعتبر الأكبر في زيارات جلالة الملك الميدانية لمختلف مناطق البلاد، واصطف الآلاف في مشهد رائع جسد معاني الوحدة الوطنية التي أرسى قواعدها جلالته في ظل نهجه الرامي إلى توحيد الصفوف ونقل البحرين إلى الحياة العصرية المتقدمة وتفعيل الحياة الحضارية المتمثلة في تحديث النظم وادارات المؤسسات الدستورية والأخذ بيد الموطنين في المساهمة بتطور البلاد في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ونوه جلالته خلال الزيارة بالترابط والتلاحم والقيم الدينية الحميدة للشعب البحريني.
ومن جانبهم أكد أهالي سترة مباركتهم ودعمهم لخطوات جلالة الملك نحو التحديث والديمقراطية، وقام جلالته خلال الزيارة باصدار مكرمة بالعفو والافراج عن عدد من المحكومين من أبناء سترة.
- في 13 فبراير 2001 صدر عن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مرسوم بالعفو الخاص عن 19 مواطنا، وقامت وزارة الداخلية على الفور باتخاذ الاجراءات الازمة تنفيذا لهذا المرسوم، إذ تم الافراج عن الموطنين المشمولين بالعفو الصادر عن جلالة الملك.
- في 14 فبراير 2001 قام جلالة الملك بزيارة للجنة الاستفتاء على مشروع الميثاق الوطني بقصر الرفاع، وخلال الزيارة قام سمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد وكبار افراد العائلة الكريمة بالتصويت على الميثاق.
- في 16 فبراير 2001 صادق جلالة الملك على نتائج الاستفتاء الشعبي النهائية بشأن مشروع الميثاق الوطني، وألقى جلالته كلمة بهذه المناسبة أعرب فيها عن اعتزازه بمباركة الشعب البحريني إعلان البحرين مملكة دستورية، معلنا في الوقت نفسه عن بدء اتخاذ الاجراءات اللازمة لكي تواكب الديمقراطية إعلان المملكة ويلتقي الانجازان لصنع مستقبل أجمل للبحرين
العدد 892 - الأحد 13 فبراير 2005م الموافق 04 محرم 1426هـ