بعد أربعة أيام على اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري وانتهاء فترة الحداد الرسمي، سجلت سوق القطع في بيروت هدوءا أمس الجمعة في حين أكد مصرف لبنان "البنك المركزي" أنه اتخذ اجراءات لضمان استقرار سعر صرف الليرة اللبنانية.
وأعلن المسئول عن عمليات الصرف في أحد أكبر المصارف الأجنبية طالبا عدم الكشف عن هويته لوكالة "فرانس برس": "لم تحصل أية حال ذعر وهذا امر ايجابي وخصوصا بعد حادث خطير الى هذا الحد ضد رئيس الوزراء السابق".
ولفت إلى أن "مصرف لبنان تدخل في اسواق القطع لدعم الليرة ببيعه ما بين 250 إلى 300 مليون دولار. إن مثل هذا المستوى من التدخل ليس استثنائيا".
ورأى أن عددا كبيرا من المودعين حضروا لتبديل أموالهم إلى الدولار، لكن عددا آخر لم يقم بأي شيء مفضلا الانتظار.
وقد تم تبادل الدولار الاميركي مقابل 1507,50 ليرات لبنانية كسعر وسطي، أي عند المستوى نفسه الذي كان عليه الأسبوع الماضي قبل الاغتيال.
وسعر صرف العملة اللبنانية المرتبط بالدولار مستقر منذ الحكومة الأولى للرئيس الحريري قبل 12 عاما، ذلك أن الحريري جعل من هذا الاستقرار رصيده الاقتصادي الاول.
ويتمتع مصرف لبنان باحتياطي عملات أجنبية يقدر بأكثر من 10 مليارات دولار وهو مستوى مرتفع يمنحه هامشا واسعا من المناورة في اسواق القطع.
من جهة أخرى، لم تحصل سحوبات ضخمة من قبل كبار المستثمرين اللبنانيين أو العرب وهو ما يعتبر "ايجابيا أيضا"، لأن ذلك يستبعد على ما يبدو هروبا فوريا للرساميل كما كان يخشى البعض.
وأخيرا "فإن البنك المركزي لم يرفع معدلات فوائده على الليرة ما يظهر أنه يتحكم بالوضع"، كما قال أحد المسئولين فيه لوكالة "فرانس برس".
وقد أكد مصرف لبنان منذ الخميس أنه سيواصل الحفاظ على استقرار معدلات الصرف والفوائد في لبنان بعد اغتيال الحريري، مشيرا الى أنه على استعداد لضمان السيولة بالعملات الاجنبية.
وأكد رئيس جمعية المصارف اللبنانية جوزيف طربيه الخميس أنه لا يتوقع تهافتا واسعا على شراء العملات الاجنبية وضغوطا على الليرة.
وأشار إلى أن الودائع المصرفية ازدادت بنسبة 13 في المئة في العام 2004 مقارنة بالعام الذي سبق، موضحا أن حجم هذه الودائع يفوق حاليا 55 مليار دولار.
وقالت جمعية المصارف "إن السلطات النقدية والمؤسسات المصرفية لن تسمح باضطرابات ظرفية بالتأثير على استقرار الاسواق".
ويرى عدد كبير من الخبراء أن رفيق الحريري الملياردير الذي يقف على رأس امبراطورية مالية ومصرفية، كان يشكل ضمانة لثقة المستثمرين الأجانب وخصوصا المستثمرين من دول الخليج في الاقتصاد اللبناني. ومن هنا الخشية من فقدان الاستقرار النقدي.
ورأى مصرفي "في الوقت الراهن، تم استيعاب تأثير الحريري قليلا. ولم تتسبب استقالة حكومته في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بأية اضطرابات كبيرة في الأسواق".
وكان الحريري أعلن قبل أعوام "في اليوم الذي لن يعود فيه من حاجة الى ضمان استقرار الليرة، سيكون الاقتصاد اللبناني قد تعافى".
ويعود الفضل الى الحريري في نجاح لبنان في توفير خطة انقاذ دولية في 2002 عندما كان البلد يواجه اخطر ازمة مالية مع ديون عامة تلامس الثلاثين مليار دولار.
بيروت - رويترز
انخفضت أسعار أسهم شركة سوليدير أكبر شركة لبنانية بنسبة 15 في المئة أمس "الجمعة" عندما أعيد فتح الأسواق التي أغلقت ثلاثة أيام حدادا على اغتيال رئيس الوزراء السابق ومؤسس الشركة رفيق الحريري.
وأغلق سهما سوليدير من الفئة "أ" ومن الفئة "ب" على 8,08 دولارات في بورصة بيروت. وتملك الشركة العقارية التي كان الحريري مساهما أساسيا فيها عقارات منطقة وسط بيروت التي أعيد بناؤها بعد الحرب الأهلية.
وقال المتعاملون إن هناك عمليات بيع بدافع الفزع في الجلسة الاولى بعد قتل الحريري وإن قلة من المستثمرين فقط مستعدة للشراء عند مستويات الأسعار الراهنة متوقعين أن تنخفض بدرجة اكبر. والسوق كانت أغلقت فعلا عندما وقع الهجوم على الحريري يوم الاثنين الماضي والذي أذهل مجتمع الأعمال اللبناني الذي كان يعتبره الأمل الوحيد لإنعاش اقتصاد البلاد المثقل بالديون بعد الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان بين عامي 1975 و.1990 وقال متعامل في شركة سمسرة عربية: "عندما فتحت السوق اليوم كان الجميع يريد البيع ولا أحد يريد الشراء عند سعر 8,08 دولارات... هناك بعض الفزع وليس الكثير ونذكر كذلك أنه يوم جمعة وغالبية الأسواق العربية مغلقة".
وعندما أسس الحريري شركة سوليدير في مطلع التسعينات صادرت الشركة عقارات وسط بيروت وعوضت أصحابها الأصليين بأسهم انخفضت قيمتها إلى أقل من خمسة دولارات للسهم وارتفعت في العام 1997 إلى 15 دولارا عندما ارتفعت عائدات البيع إلى 144 مليون دولار.
وتضرر الطلب على الأسهم بسبب التوترات في المنطقة وتباطؤ الاقتصاد وبلغت خسائر الشركة ذروتها عند 32 مليون دولار في العام ،2000 لكن الشركة انتعشت مع عودة الحريري للسلطة فحققت أرباحا بلغت 12,5 مليون دولار في النصف الأول من العام 2004 وارتفع سهمها في الأشهر القليلة الماضية مدعوما بطرح خطة لمبادلة الاراضي بالأسهم. ويتهم الكثير من اللبنانيين الحريري بالتربح من عمليات إعادة الإعمار، لكنه كان أكثر من جسد الانتعاش الاقتصادي اللبناني. وارتبط اسمه باسم سوليدير. ويقول مجتمع الأعمال اللبناني إن قتله وجه صفعة قوية للشركة ولثقة المستثمرين
العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ