العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ

نمط النمو الاقتصادي استنفد عناصره كافة

بينما يدور حوار حاليا بشأن ضرورة وجود رؤية بعيدة المدى لما سيكون عليه اقتصاد البحرين خلال الربع قرن القادم، تبرز جوانب ايجابية في هذا الحوار وهو الدعوة لتمكين أهل البحرين، وفي المقدمة منهم رجال أعمالها وخبراؤها واقتصاديوها أن يقولوا كلمتهم في هذا الموضوع بدلا من جذب نماذج جاهزة من الخارج.

وإذا كانت مشروعات الإصلاح المطروحة حاليا "الإصلاح الاقتصادي، إصلاح سوق العمل، إصلاح التعليم والتدريب" أوكل وضعها لشركة خارجية، أصبح من الطبيعي أن تخضع لحوارات موسعة كشفت فيما كشفت البون الشاسع بين ما يدور على الأرض من حقائق وبين ما يوضع على الأوراق من مقترحات.

نقول هذا الكلام، ونحن نرى أن الحال الواهنة التي وصل اليها اقتصاد البحرين وعجزه عن تلبية احتياجات التطور المستقبلي وخصوصا فيما يخص توليد الوظائف المناسبة لأبناء البحرين، لم يكن بحاجة إلى عبقرية لاكتشافها، ولكن العبقرية كانت ستكمن في الحلول التي توضع لمعالجتها، وهو أمر لم يتحقق حتى الآن.

قبل شهور طويلة وحتى قبل الإعلان عن نتائج ماكنزي، أطلق الاقتصادي البحريني عبدالله الصادق تحذيرا من أن نموذج ونمط النمو الاقتصادي في دول الخليج وصل إلى مداه، واستنفد عناصر نجاحه وأصبح من الضرورة التفكير الجدي في إعادة هيكلة نمط النمو الاقتصادي الخليجي بهدف الانتقال من مرحلة الدول النامية الى مرحلة الدول النامية حديثة التصنيع، وهي مرحلة انتقالية تأتي قبل مرحلة الدول الصناعية المتقدمة.

وأستذكر هنا ما قاله في محاضرة عن "السياسة الاجتماعية بمنظور اقتصادي بحرينيا وخليجيا" أن ما حققته اقتصاديات دول المجلس انعكس على تطور وتقدم مؤشرات التنمية البشرية والاقتصادية، إلا أن عناصر نجاح هذا النموذج استنفدت بالفعل، وهذا ما أكدته الدراسات الماكرو - اقتصادية التي أجريت أخيرا وأوضحت ان نمط النمو في هذه الدول ارتبط بشكل أساسي على نمو العمل الذي اعتمد بدوره على تدفق العمالة الأجنبية - وغالبيتها من العمالة غير الماهرة -، إذ شهد العقدان والنصف الماضيان زيادة في العمالة الأجنبية في أسواق العمل بدول الخليج بمعدلات مرتفعة، فارتفع حجم هذه العمالة من 1,12 مليون عام 1975 الى 7,7 مليون عامل عام 1990 وليصبح 8,1 مليون عامل عام .2002 وتمثل العمالة الاجنبية - في المتوسط - 60 الى 70 في المئة من اجمالي العمالة بدول الخليجي العربية.

لذلك - يضيف الصادق - أن نسبة العمالة الأجنبية في سوق العمل الخليجي وصلت إلى حدها الأقصى، ولا يمكن الاستمرار في نمو هذه العمالة من دون أن تتعرض الكيانات الاقتصادية والاجتماعية لمخاطر جسيمة يفاقم من حدتها تراجع أسعار النفط ودخول المنطقة في نزاعات عسكرية استنزفت الكثير من مواردها، لذلك لم يكن غريبا أن شهدت اقتصادات دول الخليج خلال العقد والنصف الماضي ظهور مشكلات البطالة وتذبذب معدلات النمو وتراجع الاستثمار وضعف الإنتاجية الكلية، وفوق ذلك أدى العجز عن الإدارة الصحيحة لسوق العمل إلى ان تتحول العمالة الأجنبية إلى أداة إغراق اجتماعي ارتبطت بها الكثير من المشكلات كتشجيع القطاعات كثيفة العمالة ذات الأجور المنخفضة والإنتاجية المتدنية.

لذلك، فإن الدراسة تخلص إلى الدعوة لاعتماد خمس سياسات لتطوير الجوانب الاجتماعية المتصلة بنماذج التنمية الاقتصادية بدول المجلس وهي وضع استراتيجية واضحة للتنمية الاجتماعية وتبني سياسات الماكرو اقتصادية "معدل نمو اقتصادي مستديم ومعدل بطالة منخفض واستقرار الاسعار" وإعادة هيكلة سوق العمل وتعزيز البنية المؤسسية للأنشطة الاقتصادية غير المنظمة ومكافحة الفقر. وهذه السياسات يجب أن تناقش باستفاضة وتكون محور لمشروعات إصلاح حقيقية

العدد 897 - الجمعة 18 فبراير 2005م الموافق 09 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً