العدد 904 - الجمعة 25 فبراير 2005م الموافق 16 محرم 1426هـ

نشطاء: ليس من حق "النيابة العامة" احتجاز المعتصمين الستة

المحامي العام البوعينين: عطلوا السير و اقترفوا جريمة

ماذا وراء توقيف النيابة العامة لستة من أصحاب شركات السفر والسياحة لمدة أسبوع على ذمة التحقيق، على إثر اعتصام، سولت لهم أنفسهم القيام به مصحوب بحافلاتهم، عند وزارة الشئون الإسلامية، احتجاجا على خرق الوزارة الاتفاق المبرم بين اللجنة الرباعية "وزارة الشئون الإسلامية، الإدارة العامة للمرور، مكاتب السفر والسياحة، وأصحاب الحملات" الذي ينص على عدم التصريح لأية حافلة خليجية بنقل الركاب البحرينيين إلا بعد نفاد جميع الحافلات البحرينية.

أكدت مصادر قريبة جدا من أصحاب الشركات أنهم "يمهدون بشكل جدي لرفع قضية على وزارة الشئون الإسلامية لخرقها هذا الاتفاق، إذ الكثير من الحافلات السعودية يسمح لها بالدخول حتى من دون تراخيص، الأمر الذي أثار غضب أصحاب الشركات"، ما دعا، بحسب سيناريو المصادر القريبة، أحد المقاولين المتضررين والمتعاملين مع حافلات سعودية إلى تقديم شكوى على المعتصمين، بحجة "تعطيلهم حركة السير"، وقامت النيابة العامة بدورها بإيقاف الستة المعتصمين بحافلاتهم كي يثبتوا للوزارة أن حافلاتهم مركونة في حين تعمل حافلات خليجية أخرى بتهمة "التعدي على الحريات العامة".

أصرت النيابة العامة على أنها لم تحرك الدعوى من قبل نفسها، بل بناء على شكوى قدمها أحد المقاولين، في حين شكك محامي الموقوفين محمد المطوع في ذلك! وأكد أحد المحامين أن "تجارب النيابة في تحقيقها مع موقوفي العريضة الدستورية وموقوفي مسيرة السيارات تؤكد عدم استقلالها، ولاسيما أنها كثيرا ما تستند إلى قوانين الحقبة الماضية، لذلك ليس من المستبعد توقيفها معتصمين يضرون بمصلحة الوزارة". ربما يعتبر ذلك مجرد سيناريو، وربما احتمالات وتحليلات نصفها صائب!

بعيدا عن صحة تلك الاحتمالات من عدمها، هل يحق للنيابة العامة توقيف المعتصمين في مرحلة سير التحقيق؟ عن ذلك أجاب المطوع: "الوزارة أخطأت بشكل كبير عندما خالفت الاتفاق، وهي من لابد أن تحاسب، وليس المعتصمون، ثم عن الايقاف يتطلب وجود ضرر... فأين الضرر الذي أحدثه المعتصمون؟ هل الضرر يكمن في تعطل حركة السير وتأخير باصات أحد المقاولين لمدة ثلاث ساعات؟ الحافلات لا تتحرك في منفذ الجسر لمدة عشر ساعات، لم لا يرفع قضية على منفذ الجسر؟ ثم إن إغلاق المعتصمين منافذ الوزارة كان بهدف إقناع الوزارة بوجود حافلات بحرينية فعلا لا تعمل، ولا توجد ضرورة لاستقدام حافلات خليجية أخرى".

وردا على ذلك قال المحامي العام في النيابة العامة علي الفضل البوعينين: ان "المعتصمين ارتكبوا جريمة يعاقب عليها القانون، إذ منعوا المصلين من دخول المسجد وعطلوا الحركة".

انتقد المطوع النيابة مشيرا إلى أنها لم تستمع لجميع الأطراف"، وعلى الصعيد ذاته تساءل: عن سبب عدم تحريك النيابة لدعوى ضد من يجلبون الحافلات الخليجية ولاسيما أن بعضهم يدخل من دون تراخيص، الأمر الذي يخرق سيادة البلد.

وأكد المطوع أن التوقيف غير قانوني لأن المعتصمين "لم ينووا القيام بجريمة".

وردا على ذلك قال البوعينين: "القانون يكفل للنيابة التوقيف، ولم تخالف ذلك".

قانون الإجراءات الجنائية البحريني يترك للنيابة العامة "سلطة تقديرية" في تحديد التوقيف ومدته من عدمه، واحتجاز المعتصمين يعد انتهاكا حقيقيا لحقوق الإنسان لأنه يخالف المواثيق والمعايير الدولية، فقد جاء في دليل المحاكمات العادلة الصادر عن منظمة العفو الدولية "لا يجوز تجريد الفرد من حريته إلا بناء على الأسباب التي يحددها القانون وطبقا للإجراءات المقررة فيه، وليس المقصود هنا القانون المحلي فحسب، بل المعايير الدولية أيضا".

وقالت المحكمة الأوروبية في تفسيرها لعبارة "وفقا للإجراءات المقررة في القانون" الواردة في المادة 5 "1" من الاتفاق الأوروبي ان المقصود هنا القانون المحلي، ولكن القانون المحلي نفسه "يجب أن يراعي المبادئ المحددة أو المتضمنة في الاتفاق الأوروبي".

والمبادئ هي:

"لكل فرد الحق في الحرية وفي الأمان على شخصه. ولا يجوز تجريد الفرد من حريته إلا في الحالات التالية وطبقا للإجراءات المقررة في القانون:

أ- احتجاز فرد بعد إدانته أمام محكمة مختصة.

ب- القبض على فرد أو احتجازه بسبب عدم امتثاله لحكم صادر عن محكمة أو لضمان امتثاله لأي التزام ينص عليه القانون.

ج- ضبط أو احتجاز فرد بغرض عرضه على السلطة القضائية المختصة أو لوجود أسباب معقولة تدعو إلى الاشتباه في ارتكابه جريمة ما أو في فراره بعد ارتكاب جريمة.

ورأت المحكمة الأوروبية أن هذه "الأسباب المعقولة" التي تبرر القبض على الفرد تتوافر في حال وجود "حقائق أو معلومات كفيلة بإقناع مراقب موضوعي بأن الشخص المعني ربما ارتكب جريمة".

وترى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن "الاحتجاز السابق على المحاكمة يجب أن يكون استثناء ولأقل فترة ممكنة".

وذكرت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان أن "الاحتجاز السابق على المحاكمة لا يجب أن يقتصر فحسب على التماشي مع أحكام القانون، بل يجب أن يكون أيضا ضروريا أو معقولا في حال تطبيقه. واعترفت اللجنة بأن العهد الدولي يجيز للسلطات أن تحتجز الأفراد كتدبير استثنائي، إذا كان من الضروري ضمان مثول الشخص أمام المحكمة لمحاكمته، ولكنها ضيقت من تفسيرها للمقصود بكلمة "الضرورة". كما اعتبرت أن الاشتباه في أن الشخص ارتكب جريمة لا يكفي لتبرير احتجازه ريثما تنتهي التحقيقات وصدور لائحة الاتهام. ومع هذا، رأت أن الاحتجاز قد يكون ضرورة لمنع المتهم من الهرب أو تجنب تدخله مع الشهود أو عبثه بالأدلة الأخرى، أو منعه من ارتكاب الجرائم الأخرى. كذلك، رأت اللجنة أنه يجوز احتجاز الشخص عندما يشكل تهديدا واضحا وخطيرا للمجتمع لا يمكن احتواؤه بأي أسلوب آخر".

السؤال الآن، هل يشكل المعتصمون خطرا على الدولة وضررا بالغا ليتم إيقافهم؟

العدد 904 - الجمعة 25 فبراير 2005م الموافق 16 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً