العدد 904 - الجمعة 25 فبراير 2005م الموافق 16 محرم 1426هـ

حلم قانون "الحصول على المعلومات" يراود المنتدين في ورشة "الشفافية"

الباحثة النعيمي: "السرية" رديف للاستهانة بالمواطن وتوسع هامش الممنوع

في الوقت الذي تعاني منه الشعوب العربية من غياب "حرية التعبير" الحقيقية، وقوانين المطبوعات القابضة على الأنفس والأقلام "بيد من حديد"، يجري الحديث في العالم عن قوانين تكفل حق وضمان الحصول على المعلومات، ففي بريطانيا دخل قانون "حرية المعلومات" الصادر العام 2000 حيز التنفيذ في 1 يناير/ كانون الثاني الماضي، ليحل محل قواعد الممارسة الخاصة بالحصول على المعلومات المطبقة منذ العام . 1994

حلم وجود قانون يختص بالحصول على المعلومات راود المنتدين في ورشة "العمل الثالثة لأقلمة وتعريب مرجعية منظمة الشفافية الدولية" المنظمة من قبل منظمة الشفافية الدولية بالتعاون مع الجمعية البحرينية للشفافية في فندق الخليج الاسبوع الماضي. إذ طرحت الباحثة هدى النعيمي ورقة عن "الحق في الوصول الى المعلومات" بينت فيها بشكل مفصل ضرورة وجود قانون يكفل هذا الحق.

ولفتت النعيمي إلى ان وجود قانون يكفل هذا الحق: "سيلغي النسيج الابوي للسلطة السياسية، وينهي محاولات الاحتماء به، ويفند تبريرات الشماعة التي نعلق عليها ممنوعاتنا".

مضمون القانون

ونوهت النعيمي بأن هذا القانون لابد أن يشتمل "على نصوص تلزم الهيئات العامة بنشر معلومات تتعلق بهيكلها، وظائفها، عملياتها، أنواع السجلات التي تحتفظ بها، الترتيبات الخاصة بالوصول إلى المعلومات والإجراءات الداخلية التي تستخدمها الهيئة في القيام باعمالها. وكي يحقق هذا القانون مبتغاه لابد من توسيع تطبيقه ليشمل بالاضافة إلى السلطة التنفيذية الحكومات المحلية والشركات التي تزيد ملكية الدولة فيها على 5 في المئة وحتى على سجلات الشركات الخاصة التي تدير عقودا حكومية".

ونوهت بأحقية المواطن في "ان يطلب نسخا من الوثائق المراد الاطلاع عليها، اذ تنص الكثير من قوانين حرية المعلومات على جواز الكشف عن بعض المعلومات لانطباق شروط الاستثناء عليها، بحيث تقدم نسخة من الوثيقة محذوفة منها المعلومات المستثناة، لا ان يرفض الوصول اليها".

واضافت "وهنا تبرز ثلاثية الشفافية والمساءلة والمحاسبة، لتجعل الفعل السياسي محكوما بضوابط، تقلل من فرض الفساد والتلاعب، وتحول دون استغلال السلطة، من خلال عدم استبعاد اية هيئة عامة من نطاق القانون حتى ولو كانت غالبية أعمالها تنحصر في مجال الاستثناءات "الأمن القومي، الساسية الخارجية، العلاقات الدولية، العلاقات الاقتصادية" بحيث يطبق القانون على جميع السلطات، فضلا عن ذلك فان تبريرات عدم الكشف عن المعلومات لابد ان ترافق كل حالة على حدة".

وتساءلت "كيف يمكن للمواطن العربي أن يتوافر على حس موضوعي تقويمي من دون أن تكون المعلومات الرسمية في متناول يده"، مشيرة الى ان "غياب المعلومات يؤدي إلى تعطيل المساءلة والمحاسبة".

إجراءات تسهيل الوصول للمعلومات

واقترحت النعيمي لتسهيل عملية الوصول إلى المعلومات "ان يطلب من جميع الهيئات العامة انشاء انظمة داخلية مفتوحة، تساعد طالبي المعلومات في الوصول إلى مبتغاهم، كما لابد من وجود سياسة وطنية لادارة السجلات الحكومية فمن شأن ذلك اتاحة الفرصة لمحاسبة الموظفين الحكوميين والكشف عن المنحرفين منهم ومعاقبتهم، بينما امر كهذ يصبح ضعيف الاحتمال في ظل فوضى الورق وغياب المعلومة والعبث بالوثائق والسجلات".

شماعة "المصلحة العامة"

ولفتت النعيمي إلى إنه "ليس صحيحا ان السرية تضمن اداء ناجحا - كما يدعي مسوقو هذه الفكرة - فهي رديف للاستهانة بالفرد وعدم المبالاة به، وتوسعة لهامش الممنوع، ابتداء من حظر تداول اسم رئيس الادارة، وصولا الى قرارات مهمة تتصل بحياة الفرد وتؤثر فيها، حفاظا على عبارة جاهزة هي "المصلحة العامة" تكبر وتصغر على وفق المصالح الضيقة والخاصة".

وتطرقت الى سياسة الحكومات العربية ووسائل اعلامها التي "تمكنت من تعطيل المجتمع المدني او الحد من فاعليته ان وجد، بحرمان الشعب من حقوقه وحرياته. وفي مختلف الحالات لا يكون الحاكم ممثلا للشعب، او حكما نزيها حياديا بين طبقاته وجماعاته وأفراده، فهو يمثل ذاته ومصالح الموالين له من دون مساءلة او محاسبة".

ودعت النعيمي إلى "النضال ضد التعتيم واعاقة التداول الحر للمعلومات بقصد متابعة وتمحيص اعمال الحكومة وكشف سوء استخدام السلطة".

الغالبية الصامتة

واشارت الى ان "الكثير من وسائل الإعلام العربية تعمل على ارضاء السلطة وتسويق النظام السياسي من خلال التركيز على الموضوعات الفضفاضة التي لا تثير أسئلة او تكشف خللا، ومن المهم ان تعيد تلك الوسائل النظر في منظومة حركتها، بهدف استئصال أطوار الارتياب والخوف التي لا تخلق إلا "الغالبية الصامتة" غير المبالية بما يحدث من حولها".

وحذرت من أن يكون "الصحافي داعية للحكومات والانظمة والاحزاب، اذ لابد ألا ينطلق من اطر مشروعتها او يحاول ان يقيم جسورا معها لفائدة وخصوصا انه قبل كل شيء يبحث ويتقصى من موقع الناقد لا الداعية".

مؤخرة الركب

قال رئيس جمعية الشفافية جاسم العجمي في حديث سابق إلى "الوسط" بشان قانون الحصول على المعلومات "هناك الآن نحو 52 دولة في العالم تعطي المواطن الحق في الحصول على المعلومات عبر قانون يختص بذلك، وكثير من الدول ذهبت الى أبعد من ذلك في اعطاء الجمهور هذا الحق، ولا ينحصر الحصول على المعلومات في وجود القانون من عدمه بل لابد من الالتفات إلى بعد سهولة الحصول على المعلومات، وكلفة المعلومات، فلابد ألا تتعدى كلفتها قيمة الشريط الذي يحويها، هناك 30 دولة في العالم في مرحلة اقرار ومناقشة القانون، وللأسف لا توجد دولة عربية من الـ 82 دولة "52 لديها قانون، 30 تناقش القانون" وصلت إلى هذه المرحلة، كما انه من المفترض أن يعاد النظر في الكثير من القوانين المنظمة لعمل مؤسسات الدولة، بتضمين هذه القوانين مواد تلزم هذه المؤسسات بالافصاح عن المعلومات في اوقات محددة، وتنشرها في أية وسيلة اعلامية، لاسيما اننا في عصر "الحكومة الالكترونية"، ومن المفترض أن توفر المعلومة في المواقع الالكترونية للوزارات، والمؤسسات، بحيث لا تدفع المواطن إلى اللجوء لاستخدام حقه القانوني، ان وجدت وسيلة تشريعية تعطيه الحق في الحصول على المعلومة".

الدول العربية مازالت في مؤخرة الركب، ومازالت بعيدة كل البعد عن هكذا قوانين، سوى الاردن الذي يناقش فيه حاليا قانون الحصول على المعلومات.

فهل يبقى وجود قانون يكفل "حق الحصول على المعلومات" حلما يراود اوراق المنتدين في الورش العملاقة؟!


الحق في تداول المعلومات

طبقا للحقوق الأساسية الواردة في: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية

اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 2200 ألف "د - 21" المؤرخ في 16 ديسمبر/ كانون الأول 1966 تاريخ بدء النفاذ: 23 مارس/ آذار ،1976 وفقا لأحكام المادة 49

المادة 19 :

1- لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة.

2- لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.

3- تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسئوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية:

"أ" لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم،

"ب" لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة

العدد 904 - الجمعة 25 فبراير 2005م الموافق 16 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً