العدد 910 - الخميس 03 مارس 2005م الموافق 22 محرم 1426هـ

مبررات اقتصادية لسعي إيران للطاقة النووية

رغم امتلاكها احتياطات نفطية ضخمة

على رغم امتلاكها احتياطات نفطية ضخمة فإن سعي إيران إلى إنتاج الطاقة النووية لمواجهة الطلب المتزايد على الكهرباء له مبررات أقوى كثيرا مما يعترف به المسئولون الأميركيون.

لكن طهران التي تنفي الاتهامات الأميركية بالسعي إلى تطوير أسلحة نووية تبدو في موقف أضعف كثيرا فيما يتعلق بتصميمها على أن تنتج بنفسها الوقود اللازم لمفاعلاتها الذرية من خلال تخصيب اليورانيوم وهو عملية مكلفة اقتصاديا وسياسيا للجمهورية الاسلامية.

وفي غياب دليل مادي دامغ فان واشنطن تقول انه يكفي للشك في نوايا إيران أنها ثاني أكبر دولة منتجة للنفط في منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" وأنها تمتلك ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم.

لكن لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان البريطاني قالت في مارس/ آذار الماضي انه بناء على دراسة أجريت لحسابها فإن "من الواضح... أن الحجج التي تساق بشأن ما إذا كانت ايران بحاجة حقيقية لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة النووية محليا ليست كلها أو حتى في معظمها حججا تساق من جانب واحد". وأضافت اللجنة أن بعض الحجج الأميركية ضد إيران "لا يدعمها تحليل للحقائق"، مشيرة الى أن جزءا كبيرا من الغاز الطبيعي الذي يحترق في إيران ليس قابلا للاستعادة بهدف استخدامه. ويقول مسئولون أميركيون ان بمقدور إيران استخدام هذا الغاز.

ويقول مسئولون إيرانيون انه قبل الثورة الإسلامية الإيرانية في 1979 كانت الولايات المتحدة تؤيد بشدة خطط الشاه لبناء ما يصل إلى 23 مفاعلا ذريا بحلول العام .1994

وقال مستشار وزير الخارجية الإيراني كمال خرازي والخبير بشئون الطاقة النووية علي أكبر صالحي لـ "رويترز": "في ذلك الوقت كنا ثاني أكبر منتج للنفط في العالم. ونحن الآن خامس أكبر منتج وزاد عدد سكاننا إلى ثلاثة أمثاله". وتستهلك إيران محليا نحو 40 في المئة من إنتاجها النفطي البالغ 4 ملايين برميل يوميا وتستورد كميات من البنزين بمئات الملايين من الدولارات كل عام للوفاء باحتياجاتها.

وقال صالحي: "صحيح أننا دولة غنية بالطاقة لكنها مستهلكون كبار أيضا". وتقول إيران انها لو استغلت نفطها في توليد الكهرباء فستضيع إيرادات مهمة تتحقق من تصدير النفط ويعتمد عليها اقتصادها الذي تسيطر عليه الدولة.

ويتفق مع هذا الرأي المحلل بمعهد بحوث السلام في أوسلو بافل باييف قائلا: "على رغم أنها غنية جدا بمصادر الطاقة فإن الطاقة النووية لها ما يبررها تماما". ومع وصول عدد سكانها الى 70 مليون نسمة يغلب عليهم الشباب فإن استهلاك إيران من الطاقة يتزايد بنحو 7 في المئة سنويا. وبحسب تقديرات إيران فإنها قد تحتاج إلى طاقة لتوليد نحو 90 غيغاوات من الكهرباء بحلول العام 2020 مقارنة مع 31 غيغاوات حاليا.

ويأتي نحو ثلاثة أرباع الكهرباء المنتجة حاليا من محطات تعمل بالغاز والباقي من محطات مائية أو تعمل بالنفط.

وتجري ايران تجارب على توليد الكهرباء من طاقة الرياح ومن الحرارة المنبعثة من باطن الأرض الا أنها تقول انها ترغب في إنتاج سبعة غيغاوات على الأقل من الكهرباء من الطاقة النووية بحلول العام .2020 ويبدأ الإنتاج في العام المقبل من أول مفاعل تبنيه روسيا في ميناء بوشهر الجنوبي بطاقة ألف ميغاوات.

وتقول ايران ان الطاقة النووية أنظف من مختلف أنواع الوقود الاحفوري وان الاحتجاج بارتفاع كلفتها لا يأخذ في الاعتبار كلفة الفرصة الضائعة من توجيه الوقود الهيدروكربوني الى استخدامات أعلى ربحية فضلا عن الغرامات التي يحتمل ان تضطر لدفعها في المستقبل عقابا لها على احراق الوقود الاحفوري.

وقال سفير إيران لدى المملكة المتحدة محمد حسين عادلي في مقال نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" في الشهر الماضي ان ايران "تريد... تغيير تركيبة مصادر الطاقة لديها لتزيد حصة المصادر المتجددة بحسب ما يوصي به بروتوكول كيوتو". وليست إيران الدولة الوحيدة الغنية بمصادر الطاقة التي تسعى لتقليل اعتمادها على مصادر الطاقة الهيدروكربونية. فهناك فنزويلا وهي عضو في أوبك والتي تنتج 70 في المئة من احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة المائية. كذلك فإن روسيا من القوى الرئيسية في مجال الطاقة النووية على رغم انها من الدول الكبرى المصدرة للنفط وتمتلك احتياطات ضخمة من الغاز.

لكن موسكو التي تأمل أن يكون لها دور رئيسي في خطط إيران للتوسع في الطاقة النووية تقول ان من غير المجدي اقتصاديا أن تحاول ايران تطوير دورة الوقود النووي كاملة بما فيها تخصيب اليورانيوم وهو الجانب الأكثر حساسية في برنامجها النووي.

وقال رئيس وكالة الطاقة الذرية الروسية الكسندر روميانتسيف يوم الاثنين: "ثمة بيانات ثبتت صحتها فنيا تظهر أن من غير المجدي بل ومن المضر إيجاد دورة وقود كاملة في دولة تمتلك أقل ما بين ثمانية وعشرة مفاعلات طاقة كل منها ألف ميغاوات. ونحن نقول هذا للإيرانيين باستمرار". ودفعت إيران ثمنا سياسيا مرتفعا لرفضها التخلي عن تخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه لإنتاج يورانيوم قابل للاستخدام لصنع قنابل نووية مثلما يمكن استخدامه كوقود للمفاعلات.

فهي تخاطر باحتمال احالة ملفها إلى مجلس الأمن التابع للامم المتحدة وقد تتعرض حتى لهجوم عسكري الا إذا توصلت إلى اتفاق بشأن خططها النووية في محادثات مع الاتحاد الأوروبي.

وقال صالحي: "نحن بحاجة لإنفاق ما بين عشرة مليارات و12 مليار دولار لبناء المحطات النووية السبع". وأضاف "تصور لو أنهم قالوا بعد ان نبنيها لن نستطيع تزويدكم باليورانيوم. فماذا سنفعل... لن نستطيع تحدي العالم كي يعطينا الوقود ولذلك يجب أن نؤمن الامدادات"

العدد 910 - الخميس 03 مارس 2005م الموافق 22 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً