مع اقتراب موعد القمة الوزارية لأعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" المقرر أن تستضيفها العاصمة الإيرانية طهران في 16 مارس/ آذار الجاري. عاودت أسعار النفط ارتفاعها مجددا لتسجل نسبة 25 في المئة ارتفاعا منذ بداية العام الجاري مقتربة من أعلى مستوياتها وسط توقعات بنقص في المعروض العالمي هذا العام.
وقال وزير الطاقة الجزائري شكيب خليل أمس "الخميس" إن "أوبك" لا تملك الطاقة الإنتاجية التي تتيح لها زيادة حصص الإنتاج في الاجتماع الذي تعقده الأسبوع المقبل في إيران. وقال خليل للصحافيين: "إن "أوبك" لا تملك الطاقة الإنتاجية لزيادة حصص الإنتاج". وأضاف "أعتقد أنه حتى زيادة قدرها مليون برميل يوميا لن تخفض الأسعار".
وكانت "أوبك" زادت العام الماضي إمداداتها إلى أعلى مستوى في 25 عاما تاركة نسبة ضئيلة من الطاقة الإنتاجية الاحتياطية لمواجهة إضطرابات الإنتاج.
وقال خليل: "الطلب في الصين والنمو الاقتصادي العالمي القوي وراء ارتفاع الأسعار، فضلا عن أن المضاربين يستفيدون من ذلك". واتفقت منظمة "أوبك" على خفض تجاوزات الإنتاج عن السقف الرسمي بمقدار مليون برميل يوميا اعتبارا من الأول من يناير/ كانون الثاني الماضي لكن النمو الكبير في الطلب العالمي سمح لها بضخ نحو 630 ألف برميل فوق سقف إنتاجها الرسمي الشهر الماضي.
وأيد وزراء النفط من إيران وقطر وفنزويلا واندونيسيا الأعضاء في "أوبك" الإبقاء على مستوى الإنتاج مستقرا في الاجتماع المقبل يوم 16 مارس.
وتشعر المنظمة بالقلق من ضخ المزيد من النفط في الربع الثاني من العام الذي ينخفض فيه الطلب عادة مع انتهاء فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وأبلغت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم عملاءها هذا الاسبوع أنها ستورد الكميات نفسها من الخام التي وردتها هذا الشهر في شهر ابريل المقبل.
لندن - رويترز
قال محللون ان عودة النفط للاقتراب من أسعاره القياسية ربما تكون بمثابة نقطة للانطلاق باتجاه سعر 70 دولارا للبرميل بنهاية العام الجاري.
فقد تضافرت عدة عوامل تمثلت في استمرار النمو في الطلب العالمي وتأخر الإمدادات من حقول جديدة وتحمل الاقتصاد ارتفاع أسعار الطاقة وأدت الى رفع سعر الخام الأميركي ليقترب بشدة من مستواه القياسي الذي سجله في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي متجاوزا 55 دولارا للبرميل.
ودفعت شدة الطلب الدول المستهلكة من جديد الى مطالبة "أوبك" بزيادة الانتاج. ويعقد وزراء أوبك اجتماعهم في مدينة أصفهان الإيرانية وسط رفض متزايد لزيادة الانتاج.
ويعتقد بعض المحللين الآن أن الخام الأميركي سيظل أعلى من 50 دولارا حتى نهاية العام على ان يصل الى ذروته قبل بداية الشتاء المقبل في نصف الكرة الأرضية الشمالي وخصوصا إذا اشتدت التوترات السياسية بين الولايات المتحدة وفنزويلا وإيران.
وقال خبير اقتصاديات الطاقة بمعهد الاقتصاد الدولي فيليب فيرليغر: "إذا انخفضت المخزونات بفعل قوة الطلب العالمي من جديد هذا الخريف مثلما حدث في العام .,,2004 فإن الأسعار في المعاملات الفورية قد تبلغ ذروتها عند 70 دولارا للبرميل بنهاية أكتوبر". وتزايدت وتيرة ارتفاع اسعار النفط مع انخفاض حاد للدولار الأميركي "عملة أسواق النفط العالمية"، إذ حفز ذلك صناديق الاستثمار على تحويل استثماراتها من أسواق الصرف الأجنبي الى السلع الأولية مثل موارد الطاقة والمعادن.
وبلغ متوسط أسعار الخام الأميركي 48,51 دولارا منذ مطلع العام ارتفاعا من المتوسط القياسي في العام الماضي وهو 41,48 دولارا وذلك بالمقارنة مع 14,38 دولارا للبرميل في العام .1998
وقالت بورصة نيويورك للمعاملات السلعية انه جرى يوم الثلثاء إبرام صفقة تتيح للمتعامل حق شراء الخام في شهر يونيو/ حزيران بسعر 100 دولار للبرميل، فيما يمثل أعلى سعر يعتقد أن صفقات الخيارات تمت به في السوق.
وقالت مؤسسة بي.اف.سي انرجي لتحليلات شئون الطاقة "من المحتمل أن يحدث ارتفاع شديد في الأسعار مماثل لما حدث في أكتوبر العام 2004 خلال الربع الأخير". وفي الأسبوع الماضي قال القائم بأعمال الأمين العام لأوبك عدنان شهاب الدين انه لا يمكنه استبعاد ارتفاع النفط لفترة مؤقتة الى 80 دولارا للبرميل خلال العامين المقبلين إذا حدث اضطراب في الامدادات من إحدى الدول الرئيسية المنتجة.
ومن أسباب ارتفاع الأسعار العالمية أيضا المنافسة بين الولايات المتحدة والقوى الاقتصادية الناشئة في آسيا على امدادات الخام الخفيف الكثافة الذي تنخفض فيه نسبة الكبريت والضروري لانتاج أنواع الوقود الخاصة بوسائل المواصلات.
وأدت سنوات من ضعف الاستثمارات في طاقات التكرير الى عدم استعداد منشآت التكرير في الدول الصناعية للتعامل مع خامات أوبك الثقيلة التي ترتفع فيها نسبة الكبريت لتحويلها الى أنواع وقود نقية لتلبية طلب المستهلكين.
ويبدو أن الضغط على امدادات البنزين أقل هذا العام وذلك بعد شهور من عمليات التكرير بمعدلات مرتفعة خلال الشتاء ما أدى الى ارتفاع المخزونات في الولايات المتحدة واليابان.
وسيشهد هذا العام إقبالا على وقود الديزل المستخدم على نطاق واسع في الصناعة ومع زيادة استخدامه في السيارات ما سيعمل على رفع أسعاره.
وقالت بي.اف.سي انرجي ان "تزايد الطلب على الديزل، يدفع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ككل الى عجز هيكلي في السولار "زيت الغاز"، في حين أن الطلب الصيني من خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وحده يفرض ضغوطا كبيرة على الامدادات". وسيتجاوز ارتفاع الاستهلاك هذا العام مجددا الامدادات الجديدة من خارج منظمة أوبك.
وبعد عقد شهد نموا في امدادات روسيا أكبر منافس لأوبك تباطأ نمو الانتاج الروسي بشدة. فقد بلغت منافذ التصدير أقصى طاقتها كما ان الكرملين يشن حملة على أصحاب مراكز النفوذ الذين وضعوا أيديهم على حقول نفط روسية في التسعينات.
وبذلك لا يتبقى سوى أوبك لتحمل مسئولية تلبية نمو الطلب. لكن بعد أن بلغ انتاجها في 2004 أعلى مستوى منذ 25 عاما أصبحت طاقاتها الاحتياطية محدودة للغاية.
وفي حين ان المملكة العربية السعودية أكبر المنتجين في أوبك تعمل تدريجيا على الاستثمار في الطاقة الانتاجية فإن المنشآت الجديدة قد لا تصبح جاهزة للإنتاج بالسرعة الكافية هذا العام لتغطية الطلب المفاجئ في حال وقوع حوادث أو اضرابات أو اضطرابات مدنية أو جوية.
وبث النمو الاقتصادي العالمي القوي في أوبك الثقة بألا تخشى أثر ارتفاع الاسعار على الطلب على الوقود وخصوصا مع انخفاض الدولار الذي يعصم الاقتصادات التي لا تعتمد على الدولار من تقلبات العملة.
وقال وزير النفط السعودي علي النعيمي "ان من المرجح بقاء سعر النفط الخام بين 40 و50 دولارا للبرميل طوال العام".
وقال مهدي فرضي من بنك درسدنر كلاينفورت فاسرشتاين في لندن: "غالبية أعضاء أوبك سعداء بالسعر. وكلما ارتفع السعر ارتفعت أنظارهم إلى أعلى". ويتمثل أكبر خطر على أوبك في توقف النمو الاقتصادي المتزامن في الولايات المتحدة والصين والذي ساهم في إذكاء نار الأسعار وذلك عن طريق اما ارتفاع أسعار الطاقة نفسها أو ما يحدثه ذلك من ارتفاع في العجز التجاري الأميركي المتزايد.
وقالت بي.اف.سي انرجي "الخطر الأكبر في الأجل القصير هو أن السوق ستفرض تعديلا اما عن طريق انخفاض أكبر في الدولار أو ارتفاع في أسعار الفائدة أو تباطوء النمو"
العدد 917 - الخميس 10 مارس 2005م الموافق 29 محرم 1426هـ