اختتمت اللجنة الفنية للاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي اجتماعها الحادي عشر في البحرين اليوم الخميس وشارك في الاجتماع ممثلون عن وزارات المالية ومؤسسات النقد والمصارف المركزية بدول المجلس.
وقال المدير التنفيذي للعمليات المصرفية بمؤسسة نقد البحرين وليد عبدالله رشدان إن مناقشات الاجتماع تركزت على مواصلة بحث المعايير الخاصة بالوحدة النقدية وكيفية حسابها، آخذين في الاعتبار ما أقرته لجنة محافظي مؤسسات النقد والمصارف المركزية. يذكر أن أهم هذه المعايير هي معايير التضخم وأسعار الفائدة ومعيار مدى كفاية احتياطيات السلطة النقدية من النقد الأجنبي. وأوصت اللجنة باستكمال مناقشتها في بغية الوصول إلى توصيات محدودة. أما بالنسبة إلى معايير التقارب المالي "الدين العام والمالية الحكومية" فمازالت هناك نقاط فنية تتطلب منا المزيد من الدراسة والبحث والنقاش وذلك للتفاصيل الدقيقة لمكونات هذين البندين.
ووفقا للجدول الزمني الذي أقرته لجنة محافظي مؤسسات النقد والمصارف المركزية بدول المجلس، فإنه يفترض الانتهاء من موضوع المعايير في موعد أقصاه نهاية الربع الأول من العام ،2005 ومن ثم الانتقال إلى المرحلة التالية وهي اقتراح مسودة التشريعات والأنظمة الخاصة بإنشاء الجهة التي ستتولى مهمات إصدار العملة الموحدة ووضع وإدارة السياسة النقدية الموحدة، وتحديد علاقتها بالسلطات النقدية الوطنية في موعد أقصاه نهاية العام .2007 والانتهاء من هذه المرحلة يعني التمهيد بصورة نهائية لتسمية العملة الموحدة وفئاتها ومواصفاتها وأسلوب طرحها للتداول وآلية سعر صرف العملة الموحدة والاتفاق على ذلك في موعد أقصاه نهاية العام 2008 بحيث يتم التنفيذ الفعلي للاتحاد النقدي في العام .2010
ولو اخذنا تجربة الاتحاد الأوروبي في الاعتبار لوجدنا أن إطلاق العملة الأوروبية الموحدة العام 2002 مهد لقيام كتلة اقتصادية عملاقة تنافس الولايات المتحدة الأميركية في الحجم، فمنطقة أو أرض اليورو تضم ما يقرب من 300 مليون نسمة وتمثل 19,4 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العالم و18,2 في المئة من التجارة العالمية وذلك مقابل 19,6 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي في العالم تمثله الولايات المتحدة. و16,6 في المئة من التجارة العالمية، فيما تمثل اليابان 7,7 في المئة من الناتج المحلي العالمي و8,2 في المئة من التجارة العالمية.
وعند النظر لأهم المعايير التي اتبعت في التجربة الأوروبية وهي نسبة الدين العام للناتج المحلي الإجمالي، نجده متفاوتا بين دولة خليجية وأخرى ويتراوح ما بين 15 و80 في المئة أي أن الفارق كبير وبحاجة الى جهد أكبر لتقريبه. أما بالنسبة إلى العملة الأوروبية الموحدة، فإن هذه النسبة يجب ألا تتجاوز الـ 60 في المئة. وعند بدء العمل باليورو كانت أربع دول فقط ملتزمة بهذا الشرط وهي بريطانيا "خارج اليورو" وفرنسا ولوكمسبورغ وفنلندا.
أما بخصوص المعيار المهم الثاني ونسبة العجز في الموازنة، فقد اشترط الاتحاد الأوروبي ألا تتجاوز هذه النسبة الـ 3 في المئة. وهناك استثناءان لذلك هما ان النسبة انخفضت أقل من المعدل المستهدف او ان التجاوز طارئ واستثنائي ولا يتجاوز كثيرا الهدف.
وفيما يخص معيار معدل التضخم، فقد حدده البنك المركزي الاوروبي بالا يتجاوز معدل 2 في المئة سنويا، وهو هدف لا يظهر التاريخ الاقتصادي أن دولا كثيرة استطاعت تحقيقه، والاحتفاظ به لفترة طويلة فالولايات المتحدة كان لديها معدل تضخم 3,3 في المئة خلال السنوات العشر الماضية، وألمانيا على رغم تشدد البوندزبنك فيها كان معدل التضخم 2,8 في المئة. على أية حال، يلاحظ تركيز البنك المركزي الأروربي في سياساته على مكافحة ارتفاع الأسعار لدى مراجعته الدورية لأسعار الفائدة، بعكس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الذي يركز على عرض النقد.
على أية حال، إن هذا الجانب يقود للحديث عن أهمية وجود آليات وتشريعات أخرى للوصول الى الوحدة النقدية الخليجية، وفي مقدمتها تحقيق التقارب في الأداء الاقتصادي وفق معايير محددة ووضع الترتيبات التنظيمية والتشريعية والمؤسسية اللازمة للاتحاد النقدي. كما أن إطلاق العملة الموحدة يعني بالضرورة وجود سلطة نقدية مركزية مستقلة "بنك مركزي خليجي" تتولى مهمة رسم وتنفيذ سياسة نقدية موحدة
العدد 917 - الخميس 10 مارس 2005م الموافق 29 محرم 1426هـ