العدد 923 - الأربعاء 16 مارس 2005م الموافق 05 صفر 1426هـ

تباين معدلات الفوائد على الودائع والقروض وبطاقات الائتمان

قراءة في تسهيلات المصارف التجارية العاملة في البحرين في العام 2004

تشير إحصاءات معدلات الفوائد في البحرين إلى أن هناك فرقا شاسعا بين ما تدفعه المصارف للودائع وبين ما تفرضه على زبائنها للحصول على القروض والخدمات المصرفية الأخرى. وتؤكد الإحصاءات المتوافرة استمرار هذا التباين في نهاية العام 2004 مع وجود فارق بسيط وهو استعداد المصارف لرفع معدلات الفوائد للودائع ذات الأمد الطويل. وربما يعود ذلك لأغراض توظيف هذه الأموال لفترات طويلة نسبيا خصوصا في الوقت الذي لاتزال نسب الفوائد متدنية في أحسن الأحوال مقارنة مع تلك السائدة قبل أربع وثلاث سنوات "رجاء لاحظ الجدول المرفق". تناقش السطور الآتية التطورات التي حدثت في العام 2004 فيما يخص معدلات الفوائد السائدة في معاملات المصارف التجارية العاملة في البحرين.

أولا: الودائع

واصلت المصارف التجارية سياسة دفع فوائد محدودة جدا للودائع المصنفة ضمن خانة التوفير مع أنها ارتفعت إلى 0,35 في المئة في العام 2004 مقارنة بـ 0,26 في المئة في نهاية العام .2003 بالمقارنة كانت المصارف على استعداد لدفع فوائد مرتفعة نسبيا في السنوات القليلة الماضية "2,22 في المئة في العام 2000". بيد أن طفرة قد حدثت في خانة الودائع المصنفة للفترة 3 إلى 12 شهرا فيلاحظ أن المصارف دفعت نحو 2 في المئة "1,96 في المئة تحديدا" في نهاية العام 2004 مقارنة بأقل من 1 في المئة في نهاية العام .2003 وهذا التطور يعكس رغبة المصارف في إغراء الزبائن في توديع أموالهم لأجل أو فترات طويلة نسبيا حتى يتسنى لها توظيفها في مشروعات مجدية طويلة الأمد. يبقى أن التحول مفاده أن المصارف لا ترى ضيرا في رفع نسب الفوائد للودائع طويلة الأجل لسبب جوهري وهو أن معدلات الفوائد متدنية تاريخيا.

يلاحظ أن المصارف دفعت ما نسبته 5,5 في المئة في نهاية العام .2000 ويشار في هذا الصدد وجود منافسة عارمة بين المصارف التجارية لكسب ود الزبائن عن طريق طرح برامج مختلفة لشهادات التوفير توفر مجالا للفوز بمبالغ طائلة. أما سبب هذا الكرم فيعود إلى رغبة المصارف للحصول على ودائع ذات كلفة متدنية ومن ثم توظيفها في منح المزيد من القروض بفوائد عالية.

ثانيا: القروض

أما فيما يخص الفوائد المترتبة على القروض فإن أكثر ما يشد الانتباه هو التباين الكبير في النسب المفروضة على القروض المقدمة للأفراد وبعض الأغراض التجارية وخصوصا الصناعة. على سبيل المثال بلغت نسبة الفائدة على القروض الشخصية من دون ضمان أقل من 8 في المئة، بل إن معدلات الفوائد مرتفعة حتى للقروض الشخصية المضمونة بالعقارات والودائع. أيضا تفرض المصارف فوائد مرتفعة للقروض التجارية وخصوصا لأغراض الإنشاء والتعمير "تقريبا 5,5 في المئة" ويعود ذلك إلى وجود درجة عالية نسبيا من المخاطرة. بقي أن نلاحظ الفرق الشاسع بين ما تدفعه المصارف من فوائد للودائع "أقل من 2 في المئة في أفضل الحالات" مقارنة بتلك التي تفرضها على زبائنها للخدمات المصرفية الأخرى والتي تصل لحدود 8 في المئة.

وأمام هذا التباين في معدلات الفوائد ليس هناك ما يدعو إلى الغرابة من وجود رغبة للمصارف في تفضيل القروض الشخصية على غيرها من التسهيلات الأخرى. فيلاحظ أن المصارف التجارية منحت قروضا بقيمة مليار دينار إلى الأفراد مقابل 187 مليونا لأغراض الإنشاء والتعمير وذلك في نهاية العام .2004 حقيقة مثلت القروض المقدمة إلى الأشخاص 45 في المئة من حجم التسهيلات التجارية التي قدمتها المصارف التجارية في العام .2004

ثالثا: بطاقات الائتمان

من جهة أخرى حافظت معدلات الفوائد على بطاقات الائتمان على مستوياتها المرتفعة منذ مطلع القرن الجديد. وهذا بدوره يعني فيما يعني عدم وجود أي ربط مع تلك الفوائد السائدة في التسهيلات المصرفية الأخرى مثل القروض والودائع. بل ارتفع معدل الفوائد على بطاقات الائتمان من 17,4 في المئة في نهاية العام 2003 إلى 18,6 في المئة في نهاية العام .2004 لا شك أن هذا المعدل مرتفع جدا إذ يساوي أكثر من ضعف نسبة الفائدة على القروض الشخصية غير المضمونة. وربما هذا يفسر الرغبة العارمة لدى المصارف في تسويق بطاقات الائتمان وتذهب بعض المؤسسات المالية المصدرة للبطاقات إلى توظيف شركات تسويق متخصصة لكسب الزبائن بواسطة إجراء مكالمات شخصية بواسطة فتيات متدربات. أيضا تستخدم المصارف طريقة الفائدة الشهرية وهذا بدوره يظهر أن الفائدة المدفوعة ليست عالية.

المعروف أنه يجب احتساب الفائدة الشهرية بضربها في عدد شهور السنة أي إذا كان معدل الفائدة الشهرية 1,5 في المئة معنى ذلك أن الفائدة السنوية هي 18 في المئة.

رابعا: الربط بالدولار

يذكر أن الدينار البحريني مرتبط بالدولار الأميركي الأمر الذي يعني تبعية معدلات الفوائد في البحرين إلى تلك الأرقام السائدة في أميركا، كما أن الفوائد في أميركا متدنية بشكل ملحوظ في هذه الفترة لأسباب تخص الأوضاع الاقتصادية والسياسية في أميركا. يبقى أن عملية الربط تعتبر واقعية لاقتصاد صغير مثل البحرين لأن ذلك يعطي ثقة للمتعاملين في الأسواق البحرينية وخصوصا أن الغالبية العظمى من الصادرات البحرينية مثل السلع النفطية والألمنيوم والبتروكيماويات والمنسوجات مسعرة بالدولار. لكن لابد من التوجه إلى مسألة حساسة وهي أن تدني معدلات الفوائد المدفوعة للودائع تساهم في عدم استعداد المودعين عموما لإيداع أموالهم في المصارف المحلية والبحث الدائم عن البدائل. لاشك في أن البديل المفضل عند بعض أصحاب الأموال يتمثل في الاستثمار في العقارات وهذا ما حدث لكن على حساب ارتفاع أسعار الأراضي في البلاد الأمر الذي يضر بالطبقة المتوسطة وهم الأكثرية في البحرين. ويذهب البعض الآخر في توظيف بعض الأموال في حسابات في الخليج وخصوصا المصارف القطرية التي تدفع معدلات أكثر من تلك السائدة في البحرين أو في مشروعات خارج المنطقة.

ختاما، قبل عدة سنوات كنت مع أحد أصدقائي في إحدى المدن الأميركية ومررنا من أمام مبنى ضخم لأحد المصارف الرئيسية فوضحت لصديقي إعجابي بتصميم هذا الصرح فرد علي صاحبي بالقول إن العلة في تشييد المصارف أبراج عالية تكمن في قدرتها على فرض فوائد عالية على زبائنها. فأشرت إليه إلى وجود عبارة في ثقافتنا تقول "إذا عرف السبب بطل العجب"

العدد 923 - الأربعاء 16 مارس 2005م الموافق 05 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً