اختتمت في المنامة أمس أعمال الدورة الخامسة عشرة للاجتماع الوزارى المشترك بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الاوربي وسط تفاؤل باتمام عقد اتفاق التجارة الحرة التي طال انتظارها منذ العام 1988 مع نهاية هذا العام. وسيجتمع الجانبان على مستوى خبراء خلال مايو/ أيار أو بداية يونيو/ حزيران المقبل لتسوية القضايا الفنية العالقة تميهدا لتوقيعه ربما - كما يتوقع مراقبون - خلال شهر سبتمبر/ أيلول المقبل. وعلى رغم ما أبداه الجانبان من تفاؤل بشأن التوصل الى الاتفاق، فإن بعض المراقبين شككوا مجددا في ذلك بالنظر لكون التواريخ نفسها للتوصل الى اتفاق كانت كررت العام الماضي الأمر الذي دفع وزير خارجية البحرين الشيخ محمد بن مبارك الذي تترأس بلاده الجانب الخليجي في المفاوضات إلى التعبير بوضوح عن استياء دول المجلس من سير المفاوضات بشأن الاتفاق. فقد أشار بوضوح إلى أن دول المجلس وسعيا منها لسرعة التوصل الى هذا وتحقيق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي اتخذت خطوات ايجابية باتجاه التكامل الاقتصادى فيما بينها تأكدت بتقديم بدء تنفيذ الاتحاد الجمركى لدول المجلس الذى كان مقررا في العام 2005 الى يناير/ كانون الأول من العام 2003 في انجاز ملموس على طريق إزالة المعوقات امام المفاوضات الجارية بين المجلس. وعلى رغم بدء الجولة الأولى من المفاوضات بعد قيام الاتحاد في سبتمبر 2003 وعلى رغم إقرار السياسة التجارية الموحدة للاتحاد والالتزام بدخول مفاوضات المنطقة الحرة فانه لم يتم احراز انجاز كبير حتى اليوم على رغم قيام دول المجلس بتنفيذ الاتحاد الجمركى بين دولها منذ اكثر من عامين. واعرب مبارك عن امله بأن يعمل الاتحاد الاوروبى بشكل متسارع وباسلوب عملى على تفعيل توجهاته بالتحرير التدريجى والمتبادل للتجارة وتوفير مستوى متماثل من فرص دخول السلع والخدمات الى الاسواق طبقا لمعايير منظمة التجارة العالمية وآخذا في الاعتبار مستوى التنمية الحالى في دول مجلس التعاون، مشيرا بذلك الى الكثير من القضايا العالقة التي تصر دول الاتحاد الأوروبي على تحريرها بشكل كامل بينما تصر دول المجلس على التدرج في تطبيقها بالنظر الى مستوى تطورها الاقتصادي. كما طالب الشيخ مبارك دول الاتحاد الاوروبى بمواصلة دعمها لانضمام المملكة العربية السعودية الى منظمة التجارة العالمية وذلك لما لهذا البلد من اهمية اقتصادية وامكانات استثمارية ضخمة اسهمت ومازالت تسهم في تعزيز استقرار الاقتصاد العالمي. ويجمع مراقبون على أن القضايا العالقة لاتزال كثيرة وهي تتعلق اجمالا بتحرير قطاع الخدمات وتسوية المنازعات وقواعد المنشأ وحقوق الملكية الفكرية والمشتريات الحكومية، هذا الى جانب الخلافات السياسية بشأن حقوق الانسان واسلحة الدمار الشامل والهجرة غير المشروعة التي تصر دول اوروبا على إثارتها باستمرار، إذ دعا الشيخ مبارك الى حوار سياسي هادئ بشأنها بمعزل عن المفاوضات الخاصة بالاتفاق. ولاحظ هؤلاء المراقبون أن الفترة الماضية شهدت تسوية بعض القضايا العالقة بشأن السلع الزراعية ونظام السعر المزدوج للغاز، الا أن ما يتعلق بقطاع تحرير الخدمات، فأن الجانب الاوروبي يطالب بفتح هذا القطاع بالكامل أمامه، معتبرا ان هذه من اهم جوانب الاستفادة للجانب الاوروبي من اقامة منطقة التجارة الحرة بالإضافة الى المطالبة بإسراع انضمام كل دول مجلس التعاون الى منظمة التجارة العالمية. ويطالب الاتحاد الاوروبي بتحرير جميع قطاعات الخدمات "الاتصالات والخدمات المالية والتأمين والانشاءات والخدمات الصحية والسياحة والمواصلات والخدمات الرياضية والثقافية" ويستثني خدمات الاعلام المرئي والمسموع والنقل الجوي والملاحة الساحلية البحرية الوطنية. الا أنه لم يقترح جداول لتحرير هذه الخدمات. وتفضل دول التعاون التأني في هذا الموضوع ولاسيما فيما يخص الاتصالات والخدمات المالية. كما أن دول المجلس لديها طلباتها الخاصة بفتح بعض القطاعات الخدمية التي تنوي التقدم بها لدى الاتحاد الأوروبي ولاسيما في مجال تحسين نقل التكنولوجية الى دولها. وبالنسبة إلى حقوق الملكية الفكرية، يطالب الاتحاد الأوربي بالتزام دول المجلس بكل الاتفاقات الدولية الخاصة بهذا الموضوع وعددها 12 اتفاقا خلال 3 سنوات من توقيع الاتفاق، وهو موعد تجد فيه دول التعاون أنه غير كاف. اما بالنسبة إلى قطاع الزراعة والمنتجات الزراعية، فقد أبقى الاتفاق هذا الموضوع مبهما ومرهونا بالتقدم المتقابل من قبل الطرفين "نظرا إلى حساسية الموضوع بالنسبة للاتحاد الأوروبي". وفيما يخص المشتريات الحكومية، يقترح الاتحاد الأوروبي تحرير المشتريات الحكومية، الا أن دول مجلس التعاون الخليجي تبدي الكثير من التحفظات على هذا الموضوع نظرا لارتباطاته بحماية الصناعة الوطنية إذ يعتبر التفضيل في المشتريات الحكومية للمنتج الوطني أحد أساليب هذه الحماية. كما أن هذا الموضوع لايزال غير متفق عليه في إطار مفاوضات منظمة التجارة العالمية وتعارضه الكثير من الدول النامية، ويقتصر حاليا على المفاوضات التي تجريها المجاميع الاقتصادية فيما بينها. يذكر أن دول مجلس التعاون تشكل خامس اكبر سوق لصادرات الاتحاد الاوروبي ، متفوقة في ذلك على الصين ودول اتحاد الكومنولث المستقلة ومجلس التعاون الخليجي هو الوحيد الذي يوفر للاتحاد الاوروبي فائضا تجاريا ثابتا. إذ بلغ حجم التجارة بين الجانبين 45 مليار ايكو "العملة الاوروبية" في العام 2003 وبلغت صادرات الاتحاد الاوروبي لدول مجلس التعاون 33 مليار ايكو فيما بلغ الميزان التجاري لصالح اوروبا 12 بلايين ايكو. ويشكل البترول 70 في المئة من نسبة واردات الاتحاد الاوروبي من دول مجلس التعاون الخليجيك. ما يمثل النفط الخليجي 45 في المئة من استهلاك الطاقة للاتحاد الأوروبي
العدد 943 - الثلثاء 05 أبريل 2005م الموافق 25 صفر 1426هـ