إن ما حدث ويحدث في العراق ومنذ سقوط نظام الطاغية صدام في التاسع من إبريل/ نيسان 2003 م، وحتى يومنا هذا من مجازر وحشية جماعية بحق الأبرياء من أبناء الشعب العراقي من أطفال وشباب ونساء وشيوخ، ورموز وشخصيات وطنية ودينية، من قبل فلول صدام المنهارة التي اندمجت مع عصابات الشرك والضلال الكافرة والإرهابية، والتي تبيح قتل وذبح الأبرياء وكل من يخالفها الرأي والفكر والعقيدة - جهارا نهارا - وبصورة غير أخلاقية وغير إنسانية، تبعث على الاشمئزاز والنفور، وتشوه سمعة الإسلام والمسلمين. لكون أولئك القتلة الكفرة الإرهابيين، أخذوا يتاجرون في الدين ويتلبسون بلبوس الإسلام، ويرفعون شعارات ولافتات خلفية تحمل أسماء وعناوين - ما أنزل الله بها من سلطان - وهم يمارسون ذبحهم لأسرى ومخطوفين أبرياء مسلمين وغير مسلمين، وينقل ذلك عبر الفضائيات وشبكات الإنترنت، فضلا عن قيامهم بهجمات وحشية بسيارات مفخخة بهدف تفجير الأبرياء الذين يستهدفونهم في مساجدهم وحسينياتهم وحتى في الأماكن المقدسة في النجف الأشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية المشرفة، وغيرها من المدن. لقد سقط الآلاف من الأبرياء العراقيين بفعل العمليات الإرهابية التي يقوم بها هؤلاء القتلة الإرهابيون باستخدام السيارات المفخخة أو القصف بمدافع الهاون وغيرها من الأسلحة الخفيفة، والقيام بعمليات الخطف والذبح بصورة وحشية، والتمثيل بجثث الغالبية منهم، في حين يستهدفون أبناء الشعب العراقي ويقتلونهم في عقر دارهم، نراهم يتجنبون التعرض لقوات الاحتلال التي تغض الطرف عن الجرائم النكراء التي يرتكبها هؤلاء القتلة المجرمون، ولقد اعترف بعض المسئولين الأميركيين بأنهم على اتصال مع الإرهابيين وتطلق عليهم "الجماعات المسلحة"، ما يدل دلالة واضحة على أن أميركا متواطئة معهم وهي تراهم ينفذون عملياتهم الإرهابية ويستهدفون الأبرياء عمدا مع سبق الإصرار والترصد، من دون أن تضع حدا لهذه المجازر الوحشية. بدءا من انفجارات النجف الأشرف التي طالت السيدمحمد باقر الحكيم وكوكبة من جموع المصلين بعيد خروجهم من صلاة الجمعة في الحرم الحيدري الشريف، ومرورا باعتداءات وانفجارات كربلاء والكاظمية واستهدافهم جموع المعزين في يوم عاشوراء من العام الماضي، وانتهاء بمجازر مدينة الحلة إذ سقط المئات بين جريح وقتيل بفعل سيارة مفخخة استهدفت طابورا من طالبي الوظائف أمام مركز صحي لإجراء الفحوص الطبية، وآخرها جريمة نكراء بسيارة مفخخة استهدفت خيمة عزاء في مدينة الموصل، وسقط العشرات مضجرين بدمائهم الزكية، وغيرها من جرائم نكراء وتفجيرات في أماكن مختلفة تطول الوزارات والمنشآت الحيوية في البلاد، وتستهدف أبناء الشعب العراقي من مدنيين وعسكريين من رجال الجيش والشرطة وغيرهم من شخصيات ورموز وطنية ودينية من رجال ونساء. فأين قوات الاحتلال التي تملأ العراق من جنوبه إلى شماله ومن غربه إلى شرقه، والتي يقدر عددها بمئة وخمسين ألف جندي مدججين بكامل معداتهم وأسلحتهم المتطورة والحديثة وغيرها من الأسلحة الثقيلة من مدفعية وطائرات وصواريخ، من كل ما يحدث من انتهاكات وتجاوزات خطيرة لحقوق الإنسان، ومن ارتكاب عمليات وحشية ومجازر جماعية تطال المدنيين الأبرياء بكل إصرار وتعمد وفي وضح النهار، وتحدث بشكل يومي تقريبا. فضلا عما تتعرض له البنى التحتية من خراب ودمار، كتفجير أنابيب النفط ومحطات الكهرباء والماء وشبكات وبدالات الهاتف وغيرها من مرافق حيوية، وتستنزف هذه العمليات الإجرامية خيرات وثروات الشعب العراقي، وعلى رغم كل ما تحمله - الشعب العراقي - من ويلات ونكبات، وما عاناه من صنوف البؤس والحرمان والظلم والقهر والقتل والتشريد طوال أكثر من ثلاثة عقود ونيف. وتنص القوانين والأعراف الدولية كافة على أن مسئولية حفظ الأمن وسلامة أرواح المواطنين التي تقع بلادهم تحت الاحتلال، يتحملها المحتل الغاصب، ويكون مسئولا مسئولية كاملة عن أمنهم وسلامهم، وعلى الحكومة المؤقتة والحكومة التي ستشكل لاحقا، وعلى منظمات حقوق الإنسان كافة، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمنظمات الدولية الأخرى أن تطالب أميركا وبريطانيا - كونهما قوتين خارجتين على الشرعية الدولية، وقوتي احتلال - تحميلهما كامل المسئولية عن جرائم الحرب التي ارتكبتها تلك القوات وحلفاؤها الذين شاركوا في الحرب على العراق. وكذلك ما صاحب ذلك من انتهاكات لحقوق الإنسان في العراق، وعن الانتهاكات الصارخة لتعذيب الأسرى والسجناء العراقيين، والتي ارتكبها الجنود الأميركيون والبريطانيون، واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، والمطالبة بمحاكمات دولية بحق بوش وبلير والذين شاركوهم في تلك الحرب الظالمة على العراق، وإدانة كل تلك الأعمال الوحشية التي ارتكبتها قوات الاحتلال من قصف للمدن وتدميرها وقتل الآلاف من أبناء العراق. وتحميل المسئولية أيضا كاملة لقوات الاحتلال عن الذين استشهدوا وتضرروا نتيجة المجازر التي ارتكبها الإرهابيون القتلة، لكونها تجاهلت وغضت الطرف عن مثل تلك الأعمال، والمطالبة بمعاقبة ومحاكمة كل الذين أسهموا وشاركوا في مساعدة الإرهابيين والتستر عليهم وحمايتهم من جهات وجماعات داخل العراق وخارجه، لارتكاب مثل تلك الجرائم النكراء بحق الأبرياء من أبناء الشعب العراقي. كذلك يجب اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق أميركا وبريطانيا لتقصيرهما وإهمالهما لحماية المواطنين من أبناء العراق لكونهما "قوتي احتلال" وهما اللتان يجب أن تتحملا المسئولية كاملة، ومعاقبتهما على هذا التقصير والإهمال ومطالبتهما بالتعويض عن كل الخسائر في المعدات والمنشآت والأرواح، وإدانة كل المجازر والمذابح والانتهاكات التي ارتكبت في العراق بحق أبناء الشعب العراقي من قبل دول العالم. لقد فشلت أميركا في تحقيق ما روجت له من وراء غزوها وشنها الحرب على العراق، وذلك بنشرها الحرية والديمقراطية في العراق، وجعلها نموذجا يحتذى به في العالم، غير أن الواقع غير ذلك تماما، إذ قاس الشعب العراقي من عمليات القتل والذبح ومن المجازر الجماعية، من قبل الجماعات الإرهابية والتكفيرية الإجرامية المتعاونة مع فلول صدام الإرهابية المنهارة، وبتواطؤ قوات الاحتلال الأميركي مع تلك العصابات الإجرامية، ما جعل العراق ساحة من سوح الحرب والوغى، ومسرحا للقتل وإراقة وسفك الدماء، ووكرا لعصابات القتل والجريمة المنظمة. محمد خليل الحوري
العدد 943 - الثلثاء 05 أبريل 2005م الموافق 25 صفر 1426هـ