العدد 943 - الثلثاء 05 أبريل 2005م الموافق 25 صفر 1426هـ

لماذا السكوت يا عقلاء المسلمين؟

هل الدين الإسلامي يشجع على القتل والإرهاب وتدمير دور العبادة على من يصلي فيها؟ إذا كان الجواب بنعم. .. ماذا ستكون ردة الفعل؟! ردة الفعل الطبيعية حتما الرفض والاستنكار لدى من ينتمي للإسلام، وربما تتطور الامور لدى فئات معينة إلى حد إصدار الفتاوى، وخروج المظاهرات التي تطالب بمحاكمة من يطرح هذه الأسئلة، ومحاسبة من يشكك في الدين الإسلامي أو يحمل الإسلام القتل، وربما تكون ردة فعل البعض أكثر عنفا وتشددا، وتستغلها القنوات الفضائية المثيرة وتحولها إلى قضية. كل ذلك يحدث لمجرد سؤال وإجابة، ولكن العجب والأشد غرابة أن بعض هؤلاء الذين يرفعون راية الاستنكار لهذا السؤال والإجابة ويطالبون ربما بقتل من يطرح ويجيب بذلك... لا تهتز لديهم أية شعرة ولا تخرج من أفواههم أية كلمة رفض واستنكار أو ردة فعل أو خروج مظاهرات متواضعة... لإعلان الرفض لما يحدث من إرهاب وتفجير ونسف للمساجد ودور العبادة وقتل المصلين المسلمين من قبل الفئة المتشددة التكفيرية التي تحلل سفك دماء المسلم والإنسان، والتي مازالت تسرح وتمرح بحرية في تطبيق ما تراه مناسبا من قتل وتدمير في ظل الافتخار والاحتفال بهذه الجرائم لمن يقوم بها، وصمت من يعتبر عاقلا. أليست المساجد لله، أليس للذين يصلون في المساجد حرمة؟ أين قيمة المؤمن وروح المسلم؟ ألم يأت في التراث الديني من آيات وأحاديث تؤكد أن المؤمن أشرف من البيت العتيق؟ لماذا الاستنفار والتهديد بالقتل على كلمة أو كتاب فيه نقد ورأي مخالف، بينما لا نجد تحركا ولا اعتراضا على قتل النفس البشرية؟ هل روح المسلم عند المسلمين رخيصة لهذه الدرجة؟ يستغرب المراقب لأوضاع العراق والعالم الإسلامي عن سبب الصمت والسكوت من قبل عقلاء المسلمين من علماء دين وسياسيين ومثقفين وأكاديميين ومطالبين بالحرية وحقوق الإنسان، ومن مسئولين في المؤتمر الإسلامي والجامع الأزهر، والجامعات والمؤسسات العربية والإسلامية الدولية والحكومية والأهلية الدينية، والحقوقية والثقافية وغيرها، وكذلك من صمت المؤسسات الإعلامية التي شاركت هؤلاء في تغييب حوادث تفجير الآمنين ودور العبادة عبر تغطيتها الخجولة وعدم إثارة ما يقع في العراق من قتل للمسلمين على يد من يرفع شعار الإسلام، ما يجعلهم جميعا شركاء في الجريمة نتيجة السكوت و"السكوت علامة الرضا". لماذا الإعلام العربي يهمش من حجم الكارثة في العراق، ولماذا لا يحارب هؤلاء ويلقبهم بالمجرمين والإرهابيين، وما الفرق والتشابه بين ما يحدث في العراق من ضرب لدور العبادة وقتل المصلين، وبين ما حدث في السعودية وبعض الدول مثل ضرب السكان الأجانب؟ الفرق أن ضحايا العراق في حال خشوع وتضرع لخالقهم في دور العبادة، والتشابه بأن جميع هؤلاء كانوا في حال أمن وأمان وتعرضوا لعملية إجرامية. إذا، لماذا لا يتم التركيز على من قتل في تلك العمليات الإجرامية بالاهتمام نفسه؟ فالسكوت عن تلك الجرائم التي ترعب وتخيف المسلمين، وتحول المساجد بيوت الله على سطح الأرض إلى أشباح وأنقاض ومسلخ لتقطيع أجساد المصلين ما هو إلا وصمة عار على جبين المسلمين جميعا يعبر عن استفحال الاستهتار بأهم المواقع الدينية وبالشعائر الإسلامية وبأرواح المسلمين. ولهذا السكوت عواقب وخيمة في المستقبل لا تحمد عقباها، وستزيد من شرخ وفجوة التباعد بين الطوائف الإسلامية... وفي ذلك مصلحة للتكفيريين والمتشددين وأعداء الأمة. وانه من المستحيل على من يلبس سترة متفجرات تحت ثيابه ويدخل بين المصلين الآمنيين الخاشعين في بيت الله ويفجر نفسه أن يكون مسلما أو إنسانا في حال طبيعية، بل هو عدو لنفسه أولا وللبشرية وللديانات السماوية، وأن من يؤيد ويمجد ويحتفل بتلك العمليات شريك في ذلك العمل الإجرامي مهما كان المبرر. هل المطلوب القيام بالرد المضاد وبالدرجة نفسها من الفعل الشنيع، في ظل وجود فئة من الشباب لا تتحمل هذا الظلم ولا تتعامل مع الأمور بعقلانية وحلم، كما في كل مجتمع وتكون الفتنة؟ فهل ينتظر العقلاء الأعمال المضادة ليتحركوا وينددوا ويكسروا جدار الصمت؟! شكرا لكل من يسعى إلى ضبط النفس، وشكرا للأصوات التي نددت بهذه الجرائم ولكل من يشارك فيها، وشكرا للأصوات البسيطة وقوتها التي صرحت برفضها للعمل الإجرامي، ولكن على العقلاء المسلمين في المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية، وهيئات الإفتاء والدعوة، ومن زعماء وعلماء دين ومثقفين... مراجعة حساباتهم، وعلى الإعلام العربي أن يبرر ساحته. علي آل غراش

العدد 943 - الثلثاء 05 أبريل 2005م الموافق 25 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً