يتجه نواب كويتيون إلى طرح الثقة بنائب رئيس الوزراء ووزير الدولة محمد ضيف الله شرار، وذلك بعد الهجوم القاسي والمحرج الذي تعرض له أمس في البرلمان أثناء مناقشة تقرير ديوان المحاسبة الذي أكد ارتكابه مخالفات في البلدية والهيئة العامة للزراعة. وطالب النواب الوزير بتقديم استقالته، فيما لم تتمكن الحكومة من الدفاع عنه. وطالب النائب علي الراشد بعزل شرار أسوة بما فعله أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بوزير دولة ارتكب مخالفات.
في المقابل، دافع النائب حسين مزيد المطيري - وهو من قبيلة شرار نفسها - عنه مخاطبا النواب "إن الوزير يتعرض لهذا الهجوم لأنه من المناطق الخارجية وجلوسه في الصفوف الأمامية للوزراء يعتبره البعض "نكرة" ولا يستحق أن يكون هناك".
من جانبه، جدد رئيس الوزراء الشيخ صباح الأحمد ثقته بشرار متعهدا بملاحقة التجاوزات الإدارية وإصلاحها في الجهات التابعة له إن كانت متعمدة. وكانت مصادر مطلعة ذكرت أن الشيخ صباح قال إن مخالفات البلدية لا يقدر على "حملها جمال".
من جانبه، أكد النائب أحمد المليفي "أحد مقدمي استجواب شرار" عزمه على تقديم استجواب جديد إذا لم تتخذ الحكومة إجراءاتها في معالجة التجاوزات.
الكويت - حسين عبدالرحمن
"كان الله في عون رئيس الحكومة الشيخ صباح الأحمد الذي يتحمل كل هذه القضايا والمآسي"، هكذا يقول رجل الاعمال الكويتي علي المتروك الذي يرفض قبول المنصب الوزاري قائلا: "لماذا ابحث عن عوار الرأس في ظل هذه الاجواء الملوثة بالتطرف من جميع الاطراف السياسية، وآخر همهم المصلحة العامة؟".
الحياة السياسية في الكويت تمر هذه الايام بأزمتين بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، الأولى طرح الثقة بوزير الصحة محمد الجارالله، الذي فضل السلامة السياسية بإعلان استقالته بعد أن شعر أن أطرافا حكومية لعبت وساهمت في طرح الثقة، والثانية مطالبة النواب بمحاسبة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة محمد شرار إثر تأكيد ديوان المحاسبة في تقريرها التجاوزات في المال العام والتي دافع عنها شرار في الاستجواب الذي قدم له في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني العام الماضي. وعلى رغم ان ورقة الحل تم ترويجها من أجل تخويف النواب فإن النواب يقولون ان الحكومة غير مستعدة لتداعيات حل المجلس، وليس عندها برنامج زمني في أجندتها ما بعد الحل، وبعبع الحل أصبح يخوف الكثير من النواب الذين يعتمدون المال السياسي في الانتخابات البرلمانية.
ومن جانب آخر أكد الكثير من النواب المستقلين في مجلس الامة الكويتي "البرلمان" انهم لا يرغبون في خوض تجربة حل مجلس الامة، وخصوصا انه بقي على عمر المجلس سنتان. ويقول النائب بدر شيخان الفارسي انني استبعد حل المجلس في هذه الفترة، موضحا ان هناك نوابا سيتضررون من هذا الحل ماديا.
ويوضح النائب الفارسي ان هؤلاء النواب غير قادرين على تحمل كلفة الحملة الانتخابية مرة أخرى، مؤكدا ان عودة رئيس مجلس الامة الخرافي من مانيلا بعد مشاركته في المؤتمر البرلماني الدولي في الفلبين، ستتم حلحلة الاحتقان بين المجلس والحكومة على خلفية تداعيات تقديم طرح الثقة بوزير الصحة محمد الجارالله ووزير الدولة شرار.
ومن ناحية اخرى كشف النائب الشيعي في البرلمان صالح عاشور ان النواب الشيعة الخمسة الذين وقعوا على طرح الثقة بوزير الصحة لا يسعون الى ابتزاز الحكومة ولم يكونوا يهدفون الى إرسال رسالة لرئيس الحكومة بشأن عدم توزير وزير شيعي بعد استقالة وزير الإعلام السابق محمد ابوالحسن.
وقال النائب عاشور "وهو احد الخمسة الموقعين على طرح الثقة بوزير الصحة" ان "النواب الشيعة اتخذوا قرارا بينهم على عدم قبول دخول الوزارة"، وقال اننا لو كانت لدينا مشكلة بشأن دخول الشيعة ضمن التشكيل الحكومي فاننا نذهب مباشرة الى رئيس الحكومة".
وكان النائب صلاح خورشيد، الوزير الشيعي السابق في الحكومة وأحد الموقعين على طرح الثقة، قد أعلن ان الشيخ صباح الأحمد يمثل الشيعة في الحكومة الحالية.
واستغرب النائب صالح عاشور الأصوات والاعلانات والمقالات التي أثيرت بشأن توقيع نواب الشيعة والعوازم على طرح الثقة بوزير الصحة، مشيرا إلى أن "الذين هاجمونا لايعرفون حقيقة اننا بعد الاستجواب كنا عشرين نائبا موقعين، الا ان سحب أكثر من عشرة نواب تواقيعهم بعد ان سمعوا التهديد من الحكومة بشأن حل المجلس، بقينا نحن الشيعة والعوازم".
وقال "نحن لانهتم بالفقاعات ولن نرد عليهم، لأنهم يريدون تفتيت الوحدة الوطنية ويريدون التصيد، ويتكسبون ويستفيدون من الحكومة من وراء توقيعنا، فهذه هي الانتهازية بعينها".
اما النائب والوزير السابق في الحكومة فهد الميع العازمي فقد قال "نحن لن نرد على الافتراءات التي قيلت بشأن توقيعنا على طرح الثقة، فنحن مارسنا حقنا الدستوري، وهل ممارسة حقوقنا الدستورية مقصورة على فئة معينة من المجتمع الكويتى وإلا نتهم بالابتزاز؟".
ومن المتوقع أن تواجه الحكومة الكويتية ازمة اخرى أمس الاثنين في الجلسة البرلمانية المقرر فيها مناقشة التجاوزات المالية والادارية التي قام بها نائب رئيس مجلس الوزراء محمد ضيف الله شرار في بلدية الكويت والهيئة العامة للزراعة من مخالفات كشفها تقرير ديوان المحاسبة، بعد ان كلف من قبل مجلس الامة اثر استجواب وزير الدولة في نوفمبر من العام الماضي، والتي تقدم بها النائبان القاضي السابق علي الراشد والمحامي احمد المليفي.
وكان وزير الدولة الكويتي شرار قد اتبع المثل العربي "تغذى بهم قبل ان يتعشوا بك"، فسارع إلى تحويل تقرير ديوان المحاسبة الى النيابة العامة في مسعى منه الى التهرب من المساءلة البرلمانية بعد ان دافع في الاستجواب عن هذه المخالفات، وخصوصا التي ارتكبت في الهيئة العامة للزراعة من قبل أحد المتنفذين الذي وزع الاراضي الزراعية لغير مستحقيها.
ويرى النائب علي الراشد ان وزير الدولة سعى الى البحث عن غطاء يحميه من خلال تحويل التقرير الى النيابة العامة، في حين يجب ان تحال الاسماء التي وردت في التقرير والتي فيها تفريط في المال العام وايقافهم عن العمل حسب القواعد المتبعة.
رئيس اللجنة المالية عبدالوهاب الهارون قال ان جلسة الاثنين مهمة، وبالتالي يجب ألا يتم فقد النصاب فيها، وخصوصا انها تتعلق بتقرير ديوان المحاسبة، الذراع القانوني والمحاسبي لمجلس الامة، وخصوصا انهم بذلوا جهدا في تقريرهم الذي كشفوا فيه هذه التجاوزات الكبيرة والتي تعد فضيحة بحق الاداء الحكومي.
الكويت - حسين عبدالرحمن
تعرض وزير الدولة الكويتي محمد ضيف الله شرار أمس لهجوم قاس ومحرج من نواب المناطق الداخلية "الحضر" أمس، إذ طالب النواب شرار بتقديم استقالته والرحيل عن الحكومة، وخصوصا أن تقرير ديوان المحاسبة يؤكد المخالفات التي ارتكبها في بلدية الكويت والهئية العامة للزراعة، فيما لم تتمكن الحكومة من الدفاع عن الوزير.
وكان مجلس الأمة عقد جلسة خاصة أمس للنظر في المخالفات المالية والتجاوزات التي وصلت أن عين شرار في مكتبه 300 موظف، إذ علق أحد النواب "حتى في البيت الأبيض لا يوجد لدى الرئيس الأميركي هذا العدد من الموظفين". وفيما كان رئيس الوزراء الشيخ صباح الأحمد يستمع لهجوم النواب، قال النائب علي الراشد إن أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عزل وزير الدولة لارتكابه مخالفات جسيمة، مشيرا إلى أنه يجب أن يتخذ بشرار الإجراء نفسه، بل طالب الراشد بأن يتم إحالة الوزير لمحكمة الوزراء. وكان الشيخ صباح ذكر أن مخالفات بلدية الكويت لا يقدر على "حملها جمال".
وأمام هذا الهجوم، وقف النائب حسين مزيد المطيري وهو من قبيلة شرار ودائرته الانتخابية نفسها ودافع عن الوزير بقوة "مخاطبا النواب بأن الوزير يتعرض لهذا الهجوم لأنه من المناطق الخارجية وجلوسه في الصفوف الأمامية للوزراء يعتبره البعض "نكرة" ولا يستحق أن يكون هناك"، إلا أن رئيس البرلمان قاطعه على هذا الأسلوب.
وتفيد المعلومات أن شرار سيقدم استقالته في حال أصر النواب على تقديم استجواب آخر، ما يشير إلى أزمة أخرى لدى الحكومة الكويتية
العدد 949 - الإثنين 11 أبريل 2005م الموافق 02 ربيع الاول 1426هـ