قال رئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث محمد جاسم الغتم: "ان هناك حالا من القلق عندما يفكر بعض السياسيين والباحثين في صورة عالمنا بعد اختفاء النفط في ظل عدم وجود بدائل عملية ومؤثرة للطاقة التي يعتمد عليها العالم بأسره في جميع أوجه الحياة اليومية".
وتساءل الغتم في كلمة له لدى افتتاح ندوة نظمها مركز البحرين للدراسات والبحوث وتطرق فيها مستشار الدراسات الاستراتيجية بالمركزمحمد جلال إلى إمكان استخدام النفط العربي لتحقيق أهداف سياسية محددة، أم ينبغي أن يقتصر دوره على كونه سلعة استراتيجية تؤثر على العالم بأسره، وبالتالي على الدول العربية أن تظهر مسئولية عالمية تضامنية باعتبارها جزءا من هذا العالم يؤثر ويتأثر به لافتا إلى أن أي اختلال في الاقتصاد الأميركي مثلا سيترك أثره على جميع اقتصادات العالم ما يدل على أثر الاقتصاد الأميركي على الاقتصاد العالمي وعلى الترابط في عصر العولمة الذي أصبحنا نعيشه بجميع أبعاده الإيجابية والسلبية.
من جانبه، دعا محمد جلال الدول النفطية إلى عدم الاعتماد في مواردها على النفط فقط ما يجعلها عرضة لمواجهة التقلبات الاقتصادية، مشيرا إلى التحدي الاقتصادي الذي تواجهه الدول العربية النفطية في تنويع مصادرها وبناء كوادر ثقافية وتكنولوجية.
وذكر جلال أن "الولايات المتحدة الأميركية لا يمكنها الاستغناء عن النفط العربي، إذ لم تتوصل التكنولوجيا الحديثة بعد إلى بديل حقيقي يؤدي إلى الاستغناء عن النفط، وكون منطقة الشرق الأوسط تمتلك ثلثي احتياطي النفط المعروف فمن البديهي ألا تتمكن الولايات المتحدة من الاستغناء عن النفط العربي".
وأضاف أن "النفط لا يخضع لأي من القوانين الاقتصادية أو السياسية، فدراسة أسعار النفط وتفاعلها مع حجم الإنتاج، أي العرض، وحجم الاستهلاك أي، الطلب، تبين أنه كلما زاد الطلب وارتفعت الأسعار بادرت الدول المنتجة لزيادة الإنتاج، ليس بهدف الحصول على أكبر مكاسب وعائدات بل بهدف الحد من ارتفاع الأسعار ودفعها إلى الانخفاض، ليس على أساس المنطق الاقتصادي وإنما من منطلق سياسي يعتمد على أولا ما يسمى بمسئولية الدول المنتجة للنفط تجاه الاقتصاد العالمي، وثانيا ضرورة إدراك الدول النفطية والدول العربية أن أمامها تحديا رئيسيا هو التحدي الاقتصادي".
واستعرض المحاضر النتائج السياسية والاقتصادية للوسائل التي اتبعت لإبطال مفعول سلاح النفط وخصوصا بعد حرب أكتوبر ،73 ومن تلك النتائج السلبية بحسب المحاضر ظهور حاجة الدول النفطية إلى العمالة الأجنبية وتبعات ذلك على الاقتصاد والسياسة مثل إرسال العمالة الأجنبية أموالها إلى ذويها في البلدان التي ينتمون إليها وتقدر هذه الأموال بما بين 25 و30 مليار دولار سنويا.
وأشار جلال إلى "أن حرب أكتوبر 73 أحدثت نقلة نوعية في تفاعل السياسة والاقتصاد بالنسبة إلى قضية النفط، إذ برز لأول مرة ثقل الدول العربية السياسي والاقتصادي وقدرتها على التأثير في مجال السياسة العالمية والاقتصاد الدولي، حتى أصبح يتردد في الأدبيات السياسية أن الدول العربية أصبحت هي القوة السادسة على الساحة الدولية أي بعد الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن".
وتحدث المحاضر عن أن "الدول العربية والنفطية مقبلة على مرحلة من السيولة في العلاقات الدولية أو التنافس والتصارع السلمي اقتصاديا وتكنولوجيا، وهو ما يقتضي فهم أبعاده والعمل للحفاظ على قدر من الصدقية للسيادة الوطنية... كل هذه التطورات المتوقعة والمحتملة تقتضي إعداد العدة للتعامل معها من منظور استراتيجي جديد، وبمنهج جديد للحيلولة دون تحقق المقولات المتشائمة عن مستقبل المنطقة العربية ودورها على الساحة الدولية".
وفي مداخلة له بعد انتهاء المحاضرة تحدث الغتم عن تجربة البحرين، منوها إلى أن هذه التجربة تمتد إلى قرابة 33 عاما، لافتا إلى مكانة البحرين باعتبارها أفضل دولة خليجية في مجال تنويع الاقتصاد.
وعقب علي فخرو على المحاضرة بقوله: "ان الدول العربية لم تخلق كفاءات وطنية لديها المهارة الحقيقية في الصناعة النفطية ما يجبر الدول العربية على اللجوء إلى الشركات الأجنبية".
كما أكد عبدالله المدني في مداخلته أن "هناك تشابها بين الوقت الحالي وفترة الطفرة النفطية، إذ إن هناك حراكا اقتصاديا واضحا في المنطقة، متمنيا أن يهتم صناع القرار بالموارد البشرية في هذه الفترة بعكس ما حصل مع بدايات الطفرة النفطية"
العدد 953 - الجمعة 15 أبريل 2005م الموافق 06 ربيع الاول 1426هـ