العدد 958 - الأربعاء 20 أبريل 2005م الموافق 11 ربيع الاول 1426هـ

هي عبرة... فمن يعتبر؟

لا هم للناس ولا شاغل لهم هذه الأيام سوى قضية الطفلة المغتصبة، فقد كثرت الشائعات وازدادت الأقاويل بشأن هذه الضحية فمن قائل إنها أقدمت على ذلك برضاها، إلى قائل إن أكثر من شخص اعتدى عليها وغير ذلك من أقاصيص تنافس الأفلام الهندية خيالا وسخرية! ومن البديهي أن تكثر الشائعات عندما تغيب الحقيقة أو يتم التعتيم عليها، فتتعرض الضحية للمزيد من الألم والإساءة والاضطهاد.

بعض من استطاع رؤيتها يؤكد أن الفتاة على رغم خجلها الشديد تتصرف وتعيش بشكل طبيعي فهي لا تبكي ولا تتحسر ولم تكتئب كما أنها لا تتحرج من لقاء الناس ولا تتخوف من الحديث عما جرى لها، الطفلة - بحسب المصدر - غير مستوعبة لما جرى لها ولا تعرف حجم المصيبة التي نزلت بها ولا تدري ماذا خسرت من جراء هذه الجريمة التي ارتكبت بحقها! لذلك فهي تبادل المتطفلات الحديث من دون حياء أو تحفظ!

الأطفال في أميركا وأوروبا ولاسيما الفتيات منهم يقوم الوالدان أو المدرسة بتعليمه منذ الخامسة من عمره ألا يقبلوا شيئا من أجنبي ولا يركبوا سيارته وأن هناك مناطق حساسة في الجسم لا يجب أن يقترب منها الغرباء، ومع ذلك تكثر لديهم جرائم الاعتداء على الأطفال وهتك أعراضهم. فما بالك ونحن لا نبين ولا نوضح ولا نشير إلى أطفالنا من قريب أو بعيد عن ذلك!

كانت شقيقتي الصغرى قبل أيام تقول إنها عندما كانت تهمل في دراستها فإن الأخت الأكبر كانت تحذرها من "أنها ستندم على هذا الاستهتار والتقصير في المذاكرة والتحصيل"... الآن شقيقتي تقول إن اختها لم تكن تخبرها أو تفهمها "لماذا" ستندم وماذا ستخسر إن أهملت في دراستها ورسبت وتأخرت!

هذا تماما ما نمارسه مع أطفالنا... لا نعرف غير أن نوجه كلمة "عيب" لطفلنا أو طفلتنا كلما خلع ثيابه الداخلية أو بقي عاريا أمامنا من دون أن يفهم أطفالنا أين يكمن العيب ولماذا؟ وماذا سيحصل إن كسر هذه الحرمة!؟

كثيرا ما قرأنا أن هناك من الفتيات من لم تكن تعرف من أمر الزواج غير الفستان الأبيض والمكياج والحناء وزغردات صديقاتها وهن يتحلقن حولها! ثم تفاجأ بما لم تكن مهيأة له أو مستعدة نفسيا لتقبله!

وعندما تتحدث في هذا الشأن مع البعض يقول لك إن التلفزيون "مو مقصر" من خلال الأفلام يستطيع المراهقون والمراهقات فهم كل شيء يتعلق بهذه الأمور وإدراك ما ينبغي وما لا ينبغي!

ربما الآن فقط سيهتم أهل الضحية فيرافقها أحد أفراد الأسرة حال خروجها إلى "الخياط" أو السوق ويجزلون لها النصائح والتوبيخ والعقاب!

الآن فقط ستستفز حواسنا وغيرتنا وحميتنا لبعض الوقت ثم لا تلبث أن تسترخي وتتبلد وتخمد جذوة الشعور بالخوف والمسئولية.

لماذا لا يتم تعليم الفتيات وهن في سن المراهقة أو قبلها ما معنى التفريط في عرضها أو عفتها؟ لماذا تترك هذه الأمور الكبيرة للمصادفة وتعلمها المجلات وقصص وأفلام الحب؟!

إن لدينا مثالا حيا يجب الاتعاظ به والاعتبار منه وفهم مكامن الخطأ ونقاط التقصير عوضا عن إطلاق الشائعات والحكايا والأقاويل للتسلية و"الحش" في المجالس والديوانيات.

جابر علي

العدد 958 - الأربعاء 20 أبريل 2005م الموافق 11 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً