العدد 959 - الخميس 21 أبريل 2005م الموافق 12 ربيع الاول 1426هـ

"الفوالة" طريق سالكة نحو الثراء... والضحك على الآخرين

ما بين الشعوذة ودماء الحيوانات علاقة

ضحك على ذقون البسطاء، ابتزاز للأموال، لعب على العقول، وادعاء معرفة المجهول. .. هذا ببساطة، ومن دون أي تعقيد شعار المشعوذين، أو "الفوالة" كما يحلو للبعض أن يسميهم. وعلى رغم أن الدين الحنيف حارب السحر والشعوذة بكل مظاهره، وحرمه، إلا أن البعض منا ابى إلا الانسياق وراء الاهواء والرغبات الضعيفة، فكانوا يلهثون وراء الشعوذة والمشعوذين: هؤلاء الابطال غير المعروفين.

هو عالم مليء بالغموض، أقرب إلى أفلام الرعب في عالم "هوليوود"، وضحاياه فئة من المستضعفين، أو لنقل ضعيفي العقول والإيمان. وكيف لا يكون هذا العالم كذلك، والمشعوذون يمارسون ما يحلو لهم بعيدا عن العيون، يسرحون ويمرحون حين يسدل الليل ستاره ويظهر أسراره.

"الوسط" حاولت مرارا وتكرارا الدخول إلى أوكار كبار المشعوذين، ولكن نصيبنا كان التعرف على "فوالين" صغار في عالم الشعوذة الكبير، فلربما كانت رؤية كبار المشعوذين تتم بطريقة أكثر تعقيدا، أو لربما انتهى زمانهم ولم يعد لهم وجود على أرض المملكة.

دماء القطط!

"الوسط" التقت مجموعة من الأشخاص، أكثرهم أبى أن يصرح باسمه كاملا خوفا من تعرضه للأذى على أيدي المشعوذين... تروي لنا "س.م" حكاية عن امرأة تتعاطى الشعوذة، من خلال تعاملها مع أعضاء بعض الحيوانات التي تستعمل لأغراض السحر، وتشير صاحبة الرواية إلى أن المشعوذة باعت أحد الأشخاص جزءا من مخ حيوان... وحسب الروايات، فإنه يعتقد أن مخ الحيوانات لاسيما الضبع، تفيد في قضاء أغراض السحر الأسود.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن هناك قصصا يندى لها الجبين، ففي بعض الدول يتعرض أطفال إلى القتل في سبيل الحصول على دمائهم واستخدامها لأغراض السحر والشعوذة، وهذا ما أثبتته التحريات حيث اعترف مقترفو الجرائم باستخدام دماء الأطفال لصالح السحر والشعوذة، وهناك تهافت كبير على الحصول على هذه الدماء لفاعليتها السريعة والكبيرة. وفي المملكة، لم يحدث أن وقعت جريمة قتل ذهب ضحيتها أطفال لصالح أعمال الشعوذة والسحر، وعلى ما يبدو فإن الحيوانات تلقى نصيب الأسد في الذبح واستخدام أجزائها وأعضائها، وكثيرا ما يصف الفوالون العلاج للتخلص من المس أو "الصداف" من خلال ذبح "تيس" أو ديك على أن يسيل دمه بالقرب من باب المنزل أو في الحديقة، وذلك لكي يرضى الجان عن الإنس ويقرر الخروج من جسده، أو ليرضى الجان القابع في باطن الأرض عن الإنس الساكن فوقها فيقرر الكف عن أذيته!

تروي لنا الحاجة "ن.ح.ط" حكاية وقعت منذ زمن بعيد: كانت لي صديقة في الماضي، وفي كل يوم أرى عندها أشياء غريبة، وعندما سألتها أخبرتني - بدافع الصداقة - بعد أن طلبت مني كتمان سرها، بأنها تستخدم دماء القطط في الشعوذة، وتوهم زبائنها بالحصول على فوائد وبدأن يترددن عليها...

في غضون وقت قصير، أصبحت صديقتي شبه المعدومة من أغنى الأغنياء في القرية، وبدأت الهدايا ترد اليها من كل حدب ومكان، من داخل المملكة وخارجها، واشترت الكثير من الأراضي. صحيح أنها ذهبت من عالم الدنيا، ولكنها خلفت أموالا طائلة لأبنائها وأحفادها. حتى أن بعض كبار الشخصيات وهبها أراضي وحليا.

تتبسم وتعود "لقد طلبت مني لأكثر من مرة أن أساعدها في أعمالها وأجني ما تجنيه، ووصلنا إلى اتفاق وهو أن أقوم باصطياد القطط وهي تقوم بالبقية، ولكني عدلت عن قراري في النهاية" والعهدة على الراوي...

حفر قبور الموتى

ينقلنا الحاج مهدي إلى حكاية أخرى:

- كنت أتولى مسئولية المسجد في القرية، وكان المسجد يقع في وسط المقبرة، وكعادتي، كنت مقبلا من المنزل للآذان فجرا، وفجأة رأيت سوادا يتحرك عند أحد القبور، استعذت من الشيطان ووسوست لي نفسي بأني أرى جنيا أو شيطانا، لكني تخلصت من الوهم واقتربت من السواد، وعندها بدت لي أنها أمرأة تحفر في قبر من القبور، اقتربت منها ولما احست بوجودي فرت هاربة ناحية القرية.

ويواصل: عندما اقتربت من القبر، كانت الدماء لم تجف من على التربة، وظهر لي بقايا كيس فسحبته، ولما أن رفعته وجدت أنه يحوي على بقايا أعضاء حيوان، وكانت في الكيس أشياء أخرى لم أستطع التعرف عليها، وأخذت الكيس ورميته في القمامة، وعدلت وضعية القبر الذي نبشته المرأة... منذ ذلك الحين، لم أشاهد شيئا مثيلا، وبقيت أترصد للمرأة لكنها لم تعاود المجيء، وعندما سألت أحد رجال الدين عن الحادثة، أكد لي أنها أعمال شعوذة.

وتنتشر في قرى المملكة خصوصا عادات غريبة، فرأس الحية المقطوع يبعد الشر ويعمي عين الحسود، ورأس الثور له فائدة أكبر!

ويقول: في القديم، كانت النساء تتعامل في السحر والشعوذة، خصوصا إذا كانت لها ضرة، ولكن في الوقت الراهن لا أظن بأن هذه الأعمال تنتشر كما في السابق والعلم عند الله وحده.

وتظل الروايات مستمرة، ويظل المشعوذون يلهون ويلعبون ويبتزون الناس، اتخذوا مال الله دولا، وعباد الله حولا... تستروا وراء جدرانهم وحصونهم، أوهموا الناس بقدرتهم على خرق المعقول، ومعرفة المجهول والعلة من المعلول... حين تدخل أوكارهم، تراهم وكأنهم أصابهم مس من الشيطان، يتحدثون وعيونهم تدور في أم رؤوسهم، اتخذوا من الظلمة خليلا، ومن الحيلة سبيل

العدد 959 - الخميس 21 أبريل 2005م الموافق 12 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً